جلسة ساخنة شهدها ملف محاكمة المتهمين في القضية المعروفة ب"سمسار المحكمة"، "عادل. ر"، الذي ظهر في فيديو يساوم امرأة من أجل التدخل لفائدة والدتها المعتقلة قصد الحصول على حكم مخفف لها مقابل مبلغ مالي. وحاول المتهم الرئيسي، خلال هذه الجلسة التي عقدت مساء الخميس بالمحكمة الزجرية بالدار البيضاء واستمرت إلى ما بعد التاسعة والنصف ليلا، نفي التهمة الموجهة إليه، وبرّأ المتهمين الآخرين ونفى علمهم بعلاقته بصاحبة الشريط وبوالدتها التي كان يتفاوض للحصول لها على حكم مخفف. وقال المتهم في هذا الملف الذي يحظى باهتمام الرأي العام الوطني والدولي، وبمتابعة دقيقة من رئاسة النيابة العامة، إن حديثه في شريط الفيديو مع السيدة التي كانت تقبع بالسجن وكان يتوسط لها للحصول على حكم مخفف "لم يكن يقصد منه التوسط لها وإنما مساعدتها عبر توكيل محام لها". وكشف المتهم أن المبلغ المالي الذي تسلمه من ابنة السيدة المعتقلة، المسماة وفاء، التي قامت بتصويره، المقدر بحوالي 35 ألف درهم، كان المحامي الذي ستوكله للدفاع عنها سيحصل على نصفه، مضيفا أنه بعد صدور الحكم، اتصلت به وفاء وطالبته باسترداد أموالها، فسلمها 15 ألف درهم ووعدها بالباقي؛ غير أنها قامت بنشر الفيديو، ما دفعه إلى الاتصال بها لمعاتبها على ذلك. وبخصوص احتفائه عن الأنظار، قال المتهم: "لم أهرب، ولَم أغلق هواتفي"، موردا أن قيامه بإزالة بطاريات هواتفه لم يكن بغرض تجنب تحديد موقعه، ولا علاقة لذلك بالفرار من المتابعة القضائية. وحول معرفته بالضابط المتهم في الملف ذاته "حسن، ج"، رد "سمسار المحكمة" بأنه تعرف عليه خلال محاكمته في قضية سابقة تتعلق بالشيكات، وأدلى بشهادة في حقه تبرئه من المنسوب إليه، قائلا: "حسن رجل طيب، كنت أطلب منه بعض الأغراض خلال محاكمتي وكان يتعامل معي بشكل جيد". ونفى المتهم "عادل. ر" معرفته بمكان سكن الشرطي الذي يقوم بحراسة المتهمين في المحكمة أو الاتصال به أكثر من مرة، وكان ذلك رده أيضا بخصوص رجل الشرطة الآخر المتهم في القضية نفسها بأنه اتصل به ودعاه إلى الفرار بعد انتشار الفيديو، قائلا: "ما قالش ليا غْبرْ، وما قالش ليا حيد باتري الهاتف، قاليا سير دير شكاية في حق السيدة". من جهتها، قالت السيدة المعتقلة التي يتابع المتهم بأنه كان يتوسط لها من أجل الحصول على حكم مخفف، إن "سمسار المحكمة" طمأنها بإطلاق سراحها من خلال الاتصالات التي أجرتها معه من داخل السجن، أو بواسطة هاتف الشرطي المتهم. وعلى عكس ما صرح به المتهم، شددت السيدة المعتقلة على أنه طلب منها مبلغا يناهز 45 ألف درهم إن هي أرادت الحصول على حكم لفائدتها؛ غير أنها كانت تشعر بأنه يحتال عليها، فطلبت من ابنتها توثيق ذلك في شريط فيديو. واعترفت السيدة المتابعة بدورها في قضية نصب واحتيال بأن الشرطي سلمها هاتفه للتحدث مع المتهم الرئيسي؛ غير أنها نفت أن يكون على علم بتفاصيل القضية التي تجمع بينهما. وفي الوقت الذي التمس فيه دفاع المتهم الرئيسي البراءة لموكله، التمست النيابة العامة إدانة المتهمين الأربعة في هذه القضية التي وصفتها بأن لها خصوصية لكون السند الذي تم به توثيق الجرم هو شريط فيديو تم تداوله بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيق الرسائل الفورية. وقال نائب وكيل الملك بالمحكمة الزجرية عين السبع إن هذا الملف "عادٍ، يتضمن سلوكات نشاز واستثناء بالنظر لكون الشعب المغربي يلتزم بالاحترام التام للقانون ويناوئ على الخصوص كل ما من شأنه أن يضرب ويزعزع الأوضاع الاجتماعية". وأردف ممثل الحق العام أن "الملف مثله مثل باقي الملفات والقضايا التي تعرض على المحكمة الزجرية بابتدائية عين السبع"، قبل أن يعرج على القضايا التي يتابع بها المتهم الرئيسي ويعرض تفاصيل ما جرى. وكان وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية أكد أن الفاعل الرئيسي، الذي ظهر في فيديو المساومة بخصوص شأن حكم قضائي، "كان موضوع بحث من أجل قضية نصب أخرى ادعى فيها أنه وكيل للملك، كما تبين أنه سبق أن أدين من أجل أفعال نصب مشابهة". ويرتقب أن تنهي محكمة عين السبع، ليلة الخميس، النظر في هذه القضية التي يتابعها الرأي العام الوطني والدولي؛ إذ ينتظر أن تدخل الملف إلى التأمل بعد انتهاء الدفاع من مرافعاته.