بعد الجدل الذي أثاره حظر أغنية "سلام" لسعد لمجرد، بسبب جملة موسيقية مستوحاة من التراث المغربي، أصبحت "موضة" تهمة السرقة الفكرية تلاحق عددا من الفنانين المغاربة، وفي مقدمتهم الفنان زكريا الغفولي، الذي تفاجأ أخيراً بحذف أغنيته "لاتكبر الشان" بعد التبليغ عنها من طرف مراد القصراوي. هذا الجدل الذي رافق أغاني حققت ملايين المُشاهدات على منصة "يوتيوب" فتح النقاش في المغرب حول الحدود الفاصلة بين الاقتباس والسرقة الفنية، والبحث عن الشهرة على حساب نجوم بلغت شهرتهم الوطن العربي؛ وذلك بالتزامن مع اتجاه الحكومة إلى تجويد المنظومة القانونية لحماية حقوق المؤلفين والمبدعين وسد ثغراتها في مجال الإبداع الموسيقي وباقي مجالات الإبداع الفنية، التي تروج بواسطة التقنيات والتكنولوجيا الجديدة وشبكة الإنترنت. سرقة أم اقتباس اقتباس الجمل الموسيقية في ألحان متعددة لمبدعين شباب ليس وليد اليوم، لكنه لم يبلغ مرتبة الحظر أو التبليغ عن منتوج فنّي، حسب الباحث الموسيقي عبد السلام عزري، وهو الأمر الذي سبق وتعامل معه العديد من الفنانين المغاربة، من بينهم أسماء لمنور في أغنيتها "عندو الزين"، وأغنية "آش جايدير" لسلمى رشيد، والتي فتحت نقاش صراع الأجيال حول الأغنية الشعبية التراثية. ويوضح الباحث أنّه "يجب التفريق بين "القرصنة" والسرقة الفنية"، مؤكداً أنّ "حقوق الأغنية الفكرية يتقاسمها كل من "كاتب الكلمات" و"الملحن"، اللذين لهما الحق في أن يختارا من يشاءان من المغنيين أو المطربين، الذين يدخلون في خانة "فنان الأداء"". حق فكري أم بحث عن الشهرة! "في حالات كثيرة يقع النزاع حول الحقوق الفكرية بين فنان له قاعدة جماهيرية كبيرة وفنان أقل شهرة، إن لم نقل إنه مغمور"، يورد عزري، مردفا: "هنا تطرح علامات استفهام عن الهدف من إثارة هذه الزوبعة، هل هو اجتهاد يُراد به اعتراف معنوي بجهود إبداعية أم بحث عن شهرة على حساب فنان آخر، خاصة عندما يتعلق الأمر بالموروث الموسيقي؟". ويؤكد الباحث المغربي، في حديثه لهسبريس، أنّ "التراث الشعبي ملكية مُشتركة للمغاربة، ومُتاح أمام كل المُبدعين للاستلهام منه، ويُشترط فقط نهج مسطرة الترخيص والإسناد، ليُصبح العمل مصنفاً خاضعاً لحقوق الملكية الفكرية". حماية الإبداع في مُقابل هذا الجدل، تتجه الحكومة إلى تحويل المكتب المغربي لحقوق المؤلفين من هيئة تابعة إلى مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، عبر مشروع قانون يرتكز إعداده على أحكام الدستور الذي يقر ويضمن حماية الإبداع والتعبيرات الثقافية، ويضمن حرية الفكر والإبداع والحقوق الثقافية. ويرمي هذا التحديث، الذي صادقت عليه الحكومة أخيراً، إلى تعزيز وتقوية المهام الممنوحة للمكتب المغربي لحقوق المؤلف بتمكينه من الآليات التي تسمح له بمواجهة التغيرات والتحديات التي يعرفها هذا القطاع على المستوى الوطني والدولي، وذلك عبر عصرنة طرق إدارته، وكذا ترسيخ الشفافية والحكامة في التدبير، إضافة إلى الإسهام في النهوض بأوضاع المبدعين المادية والمعنوية. ويتضمن مشروع القانون عددا من المستجدات، منها: إحداث آليات للحكامة، ولاسيما مجلس إدارة يتمتع بالاختصاصات اللازمة لإدارة المكتب، والتنصيص على تأدية المكتب للمبالغ المستحقة لأصحاب الحقوق داخل آجال محددة، وإحداث صندوق اجتماعي لفائدة المؤلفين وأصحاب الحقوق المجاورة قصد تمكينهم من نظام التغطية الاجتماعية.