رغم إغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر منذ ربع قرن، فقد اختارها المخرج المغربي حسن بنجلون مسرحا لأحدث أفلامه "من أجل القضية"، ليس للتذكير بما آل إليه الحال بين البلدين الجارين وحسب، بل لإعادة تسليط الضوء على الفلسطينيين ومشكلاتهم في الداخل والخارج. الفيلم من بطولة الفلسطيني رمزي مقدسي والفرنسية جولي دراي، والمغاربة عبد الغني الصناك وحسن باديدة وأسماء بنزاكور، وشاهده جمهور مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في عرضه الأول بالمسرح الصغير لدار الأوبرا المصرية. تبدأ الأحداث في برشلونة بإسبانيا، حيث يعيش الفلسطيني كريم الذي يعزف العود داخل مقهى؛ وفي إحدى الليالي تعرض عليه فرقة موسيقية اصطحابه في جولة فنية بتونس والمغرب والجزائر فيوافق. مغنية الفرقة هي الفرنسية اليهودية سيرين، التي تطلب من كريم مرافقتها إلى مدينة فاس لرؤية البيت الذي كانت تعيش فيه عائلتها قبل الهجرة من المغرب إلى فرنسا، فيتغير خط رحلة الاثنين بعيدا عن باقي أعضاء الفرقة على وعد باللحاق بهم في الجزائر. وعلى جسر حدودي بين المغرب والجزائر تدور معظم أحداث الفيلم، حيث يواجه الاثنان سلسلة من المواقف العبثية مع سلطات الحدود، تبقيهما عالقين بين البلدين؛ وتتفجر الكوميديا السوداء من خلال محاولاتهما التغلب على العقبات التي فرضت عليهما بسبب الجنسية والديانة والقوانين واللوائح البالية. ورغم أن قصة الفيلم تنطلق من موقف شخصي تعرض له البطل ورفيقته، يقوم المخرج بانتقال سلس إلى آفاق أبعد ينقد فيها الواقع السياسي الراهن ويكشف عوراته وتناقضاته. وقال مخرج العمل حسن بنجلون، في مناقشة عقب عرض الفيلم، إنه استوحى القصة من واقعة حقيقية كان هو بطلها في الماضي، عندما علق بين حدود دولتين قبل نحو أربعة عقود، وقال: "هذه قصة واقعية حدثت معي عندما كنت أنتقل من النمسا إلى تشيكوسلوفاكيا، وكانت معي صديقة شابة، وبعد مرور السنوات فكرت في تحويلها إلى فيلم، مع تسليط الضوء على القضية الفلسطينية". وأضاف المخرج: "لا أستطيع الادعاء أني الأجدر بالتعبير عن مشكلات الفلسطينيين، لكني أشعر بأن القضية الفلسطينية تنسى رغم أنها القضية الأولى عربيا". وعن اختياره أن يكون البطل موسيقيا، وتوظيف ذلك في الفيلم، قال بنجلون إن الفن هو غالبا العنصر المشترك بين الشعوب العربية الذي يجمع ولا يفرق، وهو عابر للحدود حتى مع وجود حواجز وبوابات. من جانبها كشفت المنتجة رشيدة السعدي بعض الصعوبات التي واجهت الفيلم، ومنها جنسية البطل رمزي مقدسي، الذي قابل في الواقع عقبات في التصوير بسبب تأشيرة الدخول والإقامة بالمغرب، وقالت: "تصوير الفيلم استغرق شهرا لكننا لم نستطع الحصول له سوى على تأشيرة دخول لمدة 15 يوما، لذلك خضنا بعض الصعوبات لتمديد إقامته". *رويترز