يحتفي مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط في دورته 22 (26 مارس – 2 أبريل) بالسينما الفلسطينية، من خلال مشاركة عدد من الأفلام الجديدة (2015) لعدد من مبدعيها في إطار المسابقة الرسمية وخارجها، وذلك بالموازاة مع تخليد الذكرى الأربعين ليوم الأرض (30 مارس). فضمن قائمة العروض الخاصة، تم أول أمس الأربعاء بسينما أبينيدا عرض فيلم "ديغرادي- تدرج" (84 دقيقة) الذي أخرجه وكتب له السيناريو التوأم عرب وطرزان ناصر (محمد وأحمد أبو ناصر). ويحكي الفيلم سرقة عائلة مرتبطة بعصابات المافيا أسدا من حديقة الحيوانات بقطاع غزة، فتقرر حركة (حماس) معاقبتها، ولكن ثلاثة عشر امرأة يقعن في شباك المواجهات بين الجانبين، ولا يستطعن مغادرة صالون للحلاقة في ملكية الروسية كريستين. ويوضح الفيلم، في إطار كوميديا سوداء مغلفة بالرمزية، كيف يصبح هذا الصالون لساعات فضاء مغلقا ومحاصرا تتواجه فيه شخصيات متباينة الأعمار والشرائح الاجتماعية (امرأة وضرتها، ومتدينة ومتحررة، وعروس وحامل، وعاشقة ومظلومة…)، ويدلين بآرائهن في الدين والسياسة والحب والقضايا الحميمية وغيرها. وقد درس عرب وطرزان ناصر، المزدادان بغزة سنة 1988، الفنون الجميلة بجامعة الأقصى، ونالا سنة 2010 جائزة أفضل فنانين للسنة التي تمنحها مؤسسة القطان للإبداع العربي بفلسطين، عن عملهما الفني "غزة – وود". وأخرج الأخوان ناصر سنة 2013 فيلما قصيرا بعنوان "كوندوم ليد" عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة (2008 – 2009)، وتم ترشيح الفيلم لجائزة السعفة الذهبية بمهرجان كان. وفي إطار مسابقة الأفلام الطويلة أيضا، تم أول أمس بسينما أبينيدا وقاعة المسرح الإسباني عرض فيلم "3000 ليلة" (103 دقيقة) للمخرجة الفلسطينية مي مصري الذي تم تصويره في سجن حقيقي وبناء على قصة حقيقية وقعت سنة 1980 . ويحكي الفيلم قصة معلمة فلسطينية حامل، ليال، (تشخص دورها الفنانة ميساء عبد الهادي)، تعتقلها قوات الاحتلال بتهمة مساعدة أحد الفدائيين، فتضع مولودها (نور) داخل سجن إسرائيلي. وتقاوم المعتقلة الفلسطينية، بكل ما أوتيت من قوة، من خلال علاقاتها بالأسيرات والمعتقلات الأخريات من أجل حماية وليدها، ودفع شبهة الشك في وطنيتها، والتحرر من قبضة السجان، وخصوصا من أجل الحفاظ على شعلة الأمل متقدة في جوانحها. وقد درست مي مصري، التي ازدادت بعمان سنة 1959 (من أم أمريكية)، السينما بالولايات المتحدة وتخرجت من جامعة سان فرانسيسكو سنة 1981، وقدمت مع زوجها المخرج اللبناني جان شمعون عددا من الأعمال السينمائية حول تأثيرات الحرب في لبنان، وحول المقاومة الفلسطينية. من أعمال مي مصري، التي حازت أزيد من 60 جائزة دولية، "امرأة من زمن التحدي"، وهو فيلمها الأول، و"أطفال الدار" (1990)، و"أحلام المنفى" و"حدود الأحلام والمخاوف" (2001)، و"جيل الحرب" الذي نال جائزة مهرجان نيويورك السينمائي وتم عرضه على شاشة (بي بي سي)، و"الزهور البرية، امرأة من جنوبلبنان" (1986)، و"أطفال شاتيلا" (1998)، و"يوميات بيروت" (2006)، و"33 يوم" (2007). أما الفنانة ميساء عبد الهادي، بطلة الفيلم إلى جانب هيام عباس، فهي من مواليد مدينة الناصرة بفلسطين، وقد درست التمثيل بمعهد الفنون والتمثيل بيافا، وقامت بأدوار عديدة في المسرح والتلفزيون وفي العديد من الأفلام الروائية والقصيرة. وأدت أدوار البطولة في الأفلام الفلسطينية "حبيبي راسك خربان" لسوزان يوسف الذي نالت عنه جائزة أفضل ممثلة في مهرجان دبي السينمائي، و"ديغرادي" لعرب وطرزان ناصر، و"ستيريو فلسطين" لرشيد مشهراوي، وقامت حديثا ببطولة فيلمي "علاقات خاصة" لمها أبو العسل، و"المختارون" لعلي مصطفى. يذكر بأن ميساء عبد الهادي هي أيضا عضو لجنة تحكيم الفيلم القصير للدورة 22 من المهرجان، التي يرأسها الناقد أمير العمري (مصر)، وتتشكل من الممثلة ميرسيديس هويوس (إسبانيا) وفريدة رحوادج (فرنسا- الجزائر) والكاتب والباحث عدنان الجزولي (المغرب). ويتنافس كذلك على جائزة الفيلم القصير خلال هذه الدورة من المهرجان فيلم "حجر سليمان" (25 دقيقة) لمخرجه الفلسطيني رمزي مقدسي. ويحكي الفيلم (25 دقيقة) قصة فلسطيني مقدسي يتوصل من دار البريد المركزي بالقدسالمحتلة بطرد بريدي مجهول عليه أن يدفع ألفي دولار مقابل تسلمه. وبالرغم من اعتراض والدته، يصر على بيع بيته العائلي لتوفير المال اللازم، ويشكل هذا منعطفا حاسما في حياته. وقد حصل رمزي مقدسي، وهو من مواليد القدسالمحتلة، على شهادة في الأداء والمهارات الفنية، واشتغل منذ سنة 2000 في مجال التمثيل والإخراج المسرحي، وخاصة في المعهد المسرحي الوطني الفلسطيني. ويسعى رمزي مقدسي، الذي شاركه بطولة فيلمه كامك باشا وريم تلحمي وداود طوطاح وعامر كليل، إلى نشر الأعمال السينمائية الفلسطينية والتعريف بها في مختلف بقاع العالم.