بعد الإعلان عنه منذ حوالي تسعة أشهر، نشر مجلس المنافسة أخيراً رأيه الرافض لاعتزام الحكومة تطبيق قرار تسقيف المحروقات في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، والذي كانت تود السلطات تطبيقه في مارس الماضي؛ لكنها تخلت عن ذلك، على الرغم من الوعود التي قدمها لحسن الداودي الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة السابق. وتضمن العدد 6830 من الجريدة الرسمية، الصادر الأسبوع الجاري، نص رأي مجلس المنافسة الذي سبق أن أعلن عنه للعموم في فبراير الماضي بطلب من الحكومة بناءً مقتضيات القانون 104.12 حول حرية الأسعار والمنافسة. وكان رأي مجلس المنافسة قد عارض توجه الحكومة إلى تسقيف هوامش الربح للمحروقات السائلة، حيث اعتبر أن هذا الاختيار "غير كاف وغير مجدٍ من الناحية الاقتصادية والتنافسية ومن زاوية العدالة الاجتماعية". كما رأى مجلس المنافسة أن التسقيف "تدبير ظرفي لا يجيب على المشاكل البنيوية التي يعرفها قطاع المحروقات"، مؤكداً أنه "تدبير غير فعال من زاوية حماية المستهلك وللحفاظ على قدرته الشرائية، كما توصل إلى أنه قرار غير منصف وتمييزي على الفاعلين الصغار في قطاع المحروقات". وليس مجلس المنافسة فقط من يُعارض تسقيف أسعار المحروقات، بل حتى شركات التوزيع العاملة في هذا القطاع ترفض الخطوة، وقد سبق للوزير السابق لحسن الداودي أن عقد مع المهنيين جولات تفاوض دون التوصل إلى نتيجة. وألحق مجلس المنافسة رأيه المنشور في الجريدة الرسمية بالوثائق التي توصل بها من طرف الحكومة، والتي تكشف عن تفاصيل خطة الحكومة الموؤدة لتسقيف المحروقات، بحيث تتعلق الوثيقة الأولى بمشروع قرار بشأن تسقيف هوامش ربح المحروقات السائلة، وهو عبارة عن قرار باسم الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة. وكان هذا القرار يتوخى تتميم القرار رقم 1899.15، الصادر في فاتح يوليوز 2015، بتحديد قائمة السلع والمنتوجات والخدمات المنظمة أسعارها بهدف إضافة المحروقات السائلة إلى المواد المقننة والتي تضم أيضاً التطهير السائل وغاز البوتان. أما الوثيقة الثانية الملحقة فهي الأخرى عبارة عن مشروع قرار للوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة يتعلق بتحديد الأسعار القصوى التي تشترى بها بعض المحروقات السائلة، بحيث تشير مادته الأولى إلى تحديد هذه الأسعار في اليومين الأول والسادس عشر من كل شهر وفقاً لعناصر بنية الأسعار. وتنص المادة الثانية منه على احتساب الأسعار الأساسية القصوى التي تباع بها المحروقات السائلة للجمهور في اليومين الأول والسادس عشر من كل شهر على أساس أسعار الشراء المنصوص عليها في المادة الأولى. وكان يرتقب أن يتم الأخذ بعين الاعتبار في تحديد الأسعار سالفة الذكر مصاريف وهامش التوزيع بالجملة لكل من هكتولتر من الوقود الممتاز والغازوال، إضافة إلى هوامش البيع بالتقسيط لهما. وينص مشروع القرار، في مادته الأخيرة، على أنه لا يمكن الزيادة في الأسعار الأساسية القصوى التي تباع بها المحروقات السابقة للجمهور إلا بمبالغ فوارق النقل التي سيتم تحديدها حسب مناطق التزويد في كل إقليم على حدة. وعلى الرغم من مرور أشهر على إعداد مشاريع القرارات السابقة، فإنه لم يجرِ إعطاؤها الصبغة الإجرائية، ليتبين أن الحكومة فشلت أمام قوة وضغط الشركات على الرغم من التأكيدات التي سبق أن عبّر عنها عدد من المسؤولين الحكوميين. كما أن الحكومة لم تبحث عن طرق بديلة لهذه الخطة الموؤدة إلى حد الساعة. وسبق لارتفاع أسعار المحروقات أن كان موضوع مهمة استطلاعية في البرلمان أصدرت تقريراً أوصت بضرورة اعتماد التسقيف، بعدما تبين لها أن هامش أرباح الشركات كبير جداً. وهذا الارتفاع لاحظته أيضاً المندوبية السامية للتخطيط، حيث أشارت في تقرير صدر العام الماضي إلى أن متوسط سعر المحروقات بالمغرب ارتفع بنسبة 9.1 في المائة منذ سنة 2016.