فتحت السلطات القضائية التابعة للدائرة الاستئنافية بالدارالبيضاء تحقيقا قضائيا في واحد من أخطر ملفات السطو على عقارات الغير، بالعاصمة الاقتصادية للمغرب. وباشر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف أولى جلسات التحقيق مع المتورطين في ملف الاستيلاء على 250 عقارا بمجمع بمنطقة المعاريف قرب المجمع الرياضي محمد الخامس وسط مدينة الدارالبيضاء. وباشر قاضي التحقيق النظر في هذا الملف مباشرة بعد أن كشفت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء عن تورط هذه الشبكة، التي يقودها واحد من أخطر العناصر المختصة في الاستيلاء على عقارات الأجانب والمغاربة. واستمع قاضي التحقيق لزعيم هذه الشبكة (م.ح)، الذي توبع في العديد من قضايا الاستيلاء على عقارات الأجانب والمغاربة، والتي كانت سببا في الحكم عليه بعقوبة سجنية بلغت 10 سنوات، قبل أن يتم تخفيضها إلى سبع سنوات في المرحلة الاستئنافية. وتلقى قاضي التحقيق المكلف بملف شبكة "ح. ومن معه" ملفا متكاملا معززا بكافة الدلائل التي تدين أعضاء الشبكة، والذي تمت إحالته من طرف النيابة العامة، حيث تضمن معطيات خطيرة كشفت عنها تحقيقات الفرقة الوطنية. وأبانت تحقيقات الفرقة الوطنية واستنتاجات النيابة العامة عن استخدام أعضاء الشبكة من أجل الاستيلاء أيضا على عدد كبير من العقارات الأخرى، كانت في ملكية مواطن أجنبي بمنطقة روماندي في مقاطعة المعاريف وبمناطق أخرى في العاصمة الاقتصادية للمملكة. ووفق مصادر هسبريس، فإن المعطيات التي توصلت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية كشفت عن استيلاء أفراد هذه الشبكة، التي يقضي مجموعة من أعضائها أحكاما سجنية بعد إدانتهم في قضايا أخرى تهم الاستيلاء على عقارات الغير، على شقق سكنية وعقارات بناء على وثائق مزورة. وقالت لطيفة بوعبيد، رئيسة جمعية ضحايا السطو على الممتلكات العقارية، إن إحالة هذا الملف الشائك، الذي يتابع فيه أعضاء الشبكة وموثق وموظفون عموميون، على أنظار قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء يأتي بعد مدة طويلة من الانتظار من طرف ضحايا هذه الشبكة الذين جردتهم من شققهم السكنية بروماندي، بدون وجه حق. وأضافت رئيسة جمعية ضحايا السطو على الممتلكات العقارية، في تصريح لهسبريس: "أملنا كبير في الضرب بيد من حديد على المتورطين في هذا الملف، والذين سبق أن تمت إدانتهم في ملفات مشابهة في الدارالبيضاء.. ونحن واثقون السير السليم للعدالة في هذا الملف؛ لأنه سيعطي إشارة لمثل هؤلاء أنه لا يوجد أي أحد فوق سلطة القضاء". وأوضحت بوعبيد، في التصريح ذاته، أن "هذه الشبكة تسببت في مآسٍ إنسانية لا يمكن تخيل حجمها، وشردت العشرات من مالكي عقارات روماندي وغيرها في العديد من مناطق مدينة الدارالبيضاء.. ونعتقد أن القضاء هو السبيل الوحيد لاستعادة حقوقهم التي تم السطو عليها بدون وجه حق". يشار إلى أن ضحايا شبكة الاستيلاء على شقق روماندي كانوا قد اقتنوا عقاراتهم بمقتضى عقد كراء مفض إلى الشراء، خلال سنوات الخمسينيات وبداية الستينيات، قبل أن يفاجؤوا بانتزاع أملاكهم بمقتضى عقد مزور تم إيداعه في محافظة المعاريف، وشرع أفراد الشبكة في استصدار أحكام لطرد المالكين الأصليين. وشكّل هذا الملف المثير موضوع تحقيقات معمقة من طرف فريق أمني مختص تابع للفرقة الوطنية، أحال على القضاء جزءًا كبيرا من ملفات هذه القضية المثيرة للجدل، التي يقف وراءها "م.ح" ومن معه، الذين أدينوا بالاستيلاء على عقارات الأجانب في ملف بريسو. ويؤكد الضحايا أن هذا الملف يعكس مدى فداحة الإجرام الذي تم ارتكابه في حق الضحايا من ذوي الاحتياجات الخاصة.