اعتزاز وافتخار بالإنسان والهوية والوطن رهيب ومستفز وحقير ومجانب للمنطق والعقل والصواب، هكذا تتناسل المصطلحات للتعبير عن مشهد إحراق العلم الوطني، علم بلد وروح أمة بعمق تاريخها ووجودها وعزتها..يد ملطخة بشماتة التمرد، ونفس خائنة لثقافة شعب بأكمله، ولبلد بترابه وريحه ونفسه... هي نفس جاحدة وعاقة لأمهات وآباء هذا الوطن في مدنه وقراه، في جباله وسهوله، في تخومه، في صحرائه... هي خيانة لكل وطني غيور على هذا البلد، دافع واستمات وضحى من أجل هذا الوطن، خيانة لجنود تخومنا الأبرار الرابضين ليل نهار، خيانة لسكان مغربنا العميق، بنسائه ورجاله وشبابه وأطفاله، خيانة لكل مياوم ولكل عامل ولكل فقير في هذا البلد، خيانة لكل طالب وتلميذ يعتز بوطنه، هي خيانة مقيتة لكياننا وهويتنا وفخرنا بمغربيتنا الشامخة، مغرب التاريخ والنضال والكرامة، مغرب الكرم والعطاء والتعايش، مغرب الأحرار. هي خيانة لشبابنا الطموح إلى تحقيق الأفضل، وخيانة لنضال الشرفاء لتصحيح أوضاعنا وأزماتنا وتمايزاتنا وأعطابنا السابقة والحالية، خيانة لأجدادنا الراسخين في عبق تاريخينا وهويتنا ووجودنا في أساسه. هي خيانة للمدرسة وللجامعة وللمؤسسات، خيانة لكل بيت وحومة وزقاق، خيانة لكل مبادرة للضرب على الفاسدين والانتهازيين لأن النضال في عمقه فخر مجتمعي، وتقديس للهوية والوطن، وتعزيز لقيم الوطن والوطنية... وفي غيابها تسطو قيم الحقد والجحود والكراهية. العلم الوطني في كنهه الروحي والاعتباري والمنطقي اعتزاز وافتخار بالإنسان وبالهوية وبالوطن، وتأصيل لوجودنا في أساسه ولإنسانيتنا في عمقها، هو تأصيل واحتفال واحتفاء بمن ضحى بنفسه وفكره وماله وشبابه...من أجل هذا الوطن وإنسان هذا الوطن، احتفاء بجنود الخفاء الذين ناضلوا واستماتوا وأنكروا ذواتهم، ولم يأبهوا بأوضاعهم، بل فقط العزة والانتماء إلى الوطن، هو احتفال بهذا الوطن الذي يتذكر كل هذا التاريخ الهام والقوي، وهو احتفال يصيب الفاسدين بالخجل، يشعرهم بالدونية، يفقدهم انتماءهم، فلا مكان لهم في هذا البلد؛ هو إذا تخليد لذكرى الإنسان المغربي الحقيقي المنتمي إلى هذا البلد. *أستاذ التعليم العالي متخصص في الجغرافيا السياسية والاجتماعية