يواصل موقع هسبريس متابعة آراء مختلف المراقبين والباحثين حول أبرز ما أثار اهتمامهم بخصوص تعيين الحكومة الجديدة التي يترأسها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ومن هؤلاء سعيد الكحل المحلل والباحث في الشأن الإسلامي. واعتبر الكحل، في حديث مع هسبريس، أنه يمكن التأكيد على نقطتين رئيسيتين بخصوص تعيين امرأة واحدة في الحكومة؛ الأولى أن هناك تراجعا مقيتا عن تقليد غدا مكتسبا للمرأة المغربية، وهو تقلدها مناصب حكومية في قطاعات هامة، وبأعداد مقبولة (7 وزيرات في آخر حكومة). وقال الكحل إن أخوف ما يخافه المواطن أن يكون هذا التراجع مقدمة لسلسة من التراجعات على مكتسبات أخرى تخص المرأة نفسها، لأنها تمثل "الحائط القصير" الذي يسهل تخطيه، مشيرا إلى أنه حين كان القصر يتدخل مباشرة في اختيار أعضاء الحكومات، كانت المرأة تحظى بنصيب لا بأس به رغم الانتقادات والتحفظات على تدخل القصر في تشكيلة الحكومة، ويوم أُسندت مهمة تشكيل الحكومة للأحزاب المتصدرة لنتائج الانتخابات، كانت الصدمة أكبر والتراجع أفظع، ومتسائلا: فكيف لحكومة لا تقيم وزنا للمرأة أن ترفع عنها التهميش والتمييز؟ ولفت الكحل إلى أن الجميع يعلم جيدا مواقف أعضاء حزب العدالة والتنمية من قضايا المرأة ومطالبها منذ طلبت هيئات نسائية بتعديل مدونة الأحوال الشخصية سنة 1992، ثم موقف الحزب من مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية، وموقفه الرافض والمندد بقرار الحكومة الأخيرة رفع كل تحفظاتها عن اتفاقية سيداو؛ لكن ما لا يمكن تقبله ولا حتى فهمه هو إحجام باقي أحزاب التحالف الحكومي، وخاصة حزب التقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال عن تقديم نساء ضمن لوائح الاستوزار، رغم وجود كفاءات نسائية ضمن صفوفهم. أما بخصوص النقطة الثانية، يردف المتحدث، فنسجل خرقا للدستور فيما يتعلق بمبدأي المساواة والمناصفة، ذلك أن الحكومة هي المسئولة مباشرة على تطبيق الدستور وتنزيل مقتضياته على أرض الواقع، في الوقت الذي تجسد فيه الحكومة خرقا واضحا له. وتابع الكحل: لا شك أن أحزاب الأغلبية التي تقبل خرق الدستور حين تشكيل الحكومة، لن تعترض على خرق بنوده في مناسبات أخرى؛ فالإشكال إذن في مبدأ احترام الدستور الذي لم تلتزم به هذه الأحزاب، وهي تشكل حكومتها، مشيرا إلى أنه من سمح لنفسه بخرق مبدأ مرة، سيسمح لها بخرقه باستمرار. وحول مسألة إعادة تعيين أحمد التوفيق على رأس وزارة الأوقاف، قال الكحل إنه يمكن استساغتها من حيث كون الحقل الديني من اختصاص إمارة المؤمنين، مبرزا أنه لا حرج في هذه الحالة من إسناد مهمة اختيار وزير الأوقاف للملك بصفته أمير المؤمنين. وخلص الباحث إلى أنه قد تكون لهذا التعيين أبعاد سياسية تتعلق بدعم نفس الإستراتيجية التي نهجتها الدولة في مجال الحقل الديني منذ ماي 2003 ، حماية له من الاختراقات المذهبية، على حد تعبير الكحل. [email protected]