فاجأ سعد الدين العثماني الرأي العام باعتبار استوزار محمد أمكراز، الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية المعروف بتأييده العلني للأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، أعجوبة الزمان، كما لم يتردد في استهداف حلفائه داخل الحكومة، الذين اتهمهم بتهميش الشباب، متناسيا أن رئيس الحكومة هو الذي يقدم لائحة المرشحين للاستوزار بموجب نص الدستور، إذ خولت له الوثيقة الدستورية في الفصل 47 صلاحية اقتراح الوزراء وإنهاء مهامهم، كما تم تخويله صلاحية التعيين في المناصب السامية. وهنا يطرح السؤال كيف لرئيس حكومة يزايد على الأحزاب باقتراح "شاب" وحيد ألا يمارس صلاحياته الدستورية كاملة ليقترح شباب آخرين..؟!! أو على الأقل يخصص "كوطا" للشباب في نسخة الحكومة الحالية وأن يوزع ذلك بالتساوي بين الأحزاب. كما يمكن أن نتساءل حول عدد الشباب الذين اقترحهم رئيس الحكومة في المناصب السامية وفي المؤسسات والمقاولات العمومية كما يخوله له الفصل 49 من الدستور... !! . أما أن يخصص رئيس الحكومة مقعدا يتيما ويمنحه لشخص تجاوز الأربعين بثلاث سنوات من حزبه لغايات في نفسه، ثم يبدأ في غمز ولمز الأحزاب الأخرى عوض أن تكون له الجرأة في تطبيق مضامين الدستور بشكل كامل وجريء فهذا أمر لا يستقيم... من الناحية المبدئية لا يمكننا سوى التنويه باستوزار شاب بغض النظر عن انتمائه السياسي ومواقفه المتشنجة ودفاعه المستميت في وقت سابق عن المشيدين بقتلة السفير الروسي. لكن الخلفيات الحقيقية للتعيين المرتبطة بمحاولة احتواء الصراع الداخلي ل"البيجيدي"، وقص أجنحة بنكيران من قبل تيار الاستوزار الذي يقوده العثماني تجعل من إقحام أمكراز في لعبة الكراسي مجرد تكتيك سياسي يعمق الاستغلال النفعي لبعض الأحزاب لشبابها، عوض أن تكون لها إرادةً حقيقيّة في الدفع بهم نحو تولّي مسؤوليّة تسيير الشأن العام. وبالتالي فوصف العثماني لاستوزار أمكراز بأعجوبة الزمان ليس سوى محاولة لدغدغة مشاعر شبابه، وتصدير أزمته الداخلية نحو أحزاب أخرى، والتغطية على اقتصار حزبه على القطاعات غير الحيوية والوزارات الفقيرة التي لا تشكل من الميزانية العامة للدولة سوى نسبا ضئيلة ولا تخرج أغلبها عن قطاع العلاقة مع البرلمان والتنمية الاجتماعية والتشغيل، والجالية... وإلا فما العجيب في تعيين شخص في سن 43؟ هل هي المرة الأولى التي يصل فيها الشباب للحكومة في المغرب أم أن العثماني نسي تناوب العديد من الشباب على المناصب الحكومية ابتداء من بوستة ومرورا بأوجار ولكحص وانتهاء بالفردوس واللائحة طويلة، ثم ما المشروع الذي يحمله أمكراز حتى يوصف بذلك الوصف؟ هل يحمل وصفة جاهزة للقضاء على البطالة مثلا ويوفر فرص الشغل لكل جحافل المعطلين؟. إن استوزار الشباب أمر محمود، لكن يجب أن يكون نابعا من رغبة صادقة في إشراكهم، كما يجب أن توكل المسؤوليات لمن يستحقها، لا على أساس الولاءات الحزبية والشخصية، وربما أحيانا القبلية. نتمنى أن يراجع رئيس الحكومة حساباته، ويتذكر أنه رئيس للجميع وليس لحزب أو طائفة؛ فالمرحلة السياسية الحالية، والأوراش التي تنتظر الحكومة، لا تقبل مزيدا من الصراعات الهامشية، التي ستؤثر لا محالة على الإصلاحات التي يقودها صاحب الجلالة. *عضو المكتب الوطني للشبيبة التجمعية