ينام 700 مهاجر في معسكر "فوتشاك" تحت خيام من القماش، فوق مراتب وضعت مباشرة على الأرض، والتي كانت في الماضي مكبا للقمامة. ويضطر هؤلاء إلى الانتظار في طوابير طويلة من أجل الحصول على وجبتين صغيرتين يوميا. ويقع المعسكر بالقرب من بلدة بيهاتش، على حدود البوسنة مع كرواتيا - العضو في الاتحاد الأوروبي – وقد تقطعت السبل بنحو حوالي 7000 مهاجر، يقومون بمحاولتهم الخطيرة من أجل الوصول إلى أجزاء أكثر ثراء من أوروبا. وقد وجدت البلدة نفسها جزءا من أحدث فرع لطريق البلقان، والذي لجأ المهاجرون إليه بعد تشديد القيود على الحدود في الرحلة التي تمتد من صربيا إلى المجر وكرواتيا. وجاء معسكر "فوتشاك" استجابة من المدينة ومنطقة "أونا سانا" الشمالية في البوسنة، للأزمة التي يتجاهلها الجميع. وقال رئيس الفرع، سلام ميدزيتش: “لقد تم تكليف منظمة صغيرة - وهي الصليب الأحمر في بيهاتش - برعاية كل هؤلاء... يتطلب الأمر بذل جهد بطولي من أجل إدارة المعسكر بخمسة أشخاص (فقط)، لتقديم 1400 وجبة يوميا." وأوضح ميدزيتش أن المنطقة، وهي عبارة عن وحدة إدارية إقليمية في البوسنة، لا تحصل على أي مساعدات من الحكومة أو المجتمع الدولي، ولكن فقط من منظمات غير حكومية. وقال ميدزيتش: “الحكومة البوسنية ليس لها دور، ولم توفر مواقع من أجل معسكر دائم... وترفض المفوضية الأوروبية الاعتراف بفوتشاك كمخيم رسمي، ولا تقدم له أي مساعدة، وهو ما يؤدي إلى تفاقم المشكلة، المتضخمة بالفعل". ويتفق في ذلك الرأي ديرك بلانرت، وهو مصور وصحفي وناشط ألماني، يبلغ من العمر 52 عاما، كان قدم العون في توصيل مساعدات إنسانية إلى بيهاتش عندما كانت مغلقة أثناء فترة الحرب البوسنية (1992-1995)، ويدير خيمة طبية في المعسكر حاليا. وقال بلانرت إن "شخصا ما قرر - ببساطة - التخلص من 1000 شخص". ومظاهر نقص التمويل جلية في المعسكر، فالمراحيض قذرة والتغذية ضعيفة. والأمر أسوأ خارج المعسكر، حيث يجلس الآلاف القرفصاء داخل مواقع مصانع مهجورة ومنازل خاوية، أو ببساطة ينامون في الشوارع. ويقيم الناس في منطقة جبلية مفتوحة في العديد من المواقع على الحدود مباشرة، يترقبون فرصة للتسلل إلى كرواتيا. وقد تزداد محنتهم بقوة هناك. وتراقب الشرطة الكرواتية المنطقة الحدودية المغلقة، عن كثب، توجد دوريات ونقاط تفتيش على طول الطريق الذي يبلغ طوله 120 كيلومترا إلى الدولة التالية، سلوفينيا. وعندما يتم القبض عليهم، بحسب العديد من التقارير الواردة من مهاجرين وعمال إغاثة دوليين والسلطات البوسنية، يتعرض المقبوض عليهم للإيذاء بشكل روتيني، ثم تتم إعادتهم عبر الحدود. وقال بلانرت: “يحدث الأمر نفسه يوميا: تضع الشرطة المقبوض عليهم في صفوف، وتأخذ أموالهم ومقتنياتهم الثمينة وأحذيتهم، كما تأخذ هواتفهم أو تحطمها، وتضربهم ثم تعيدهم إلى البوسنة". وأضاف أنه في الخيمة الطبية التي يديرها، عادة ما يتلقى المهاجرون علاجا للكدمات التي تصيبهم بسبب ما يتعرضون له من الضرب، كما تحدث كسور. وتتجاهل كرواتيا بصورة متكررة التقارير التي تزعم حدوث إساءة في المعاملة. ومع ذلك، يستمر المهاجرون في الوصول إلى أحدث فرع من طريق البلقان، للتجمع على الحدود، انتظارا لفرصة، وهو ما يطلقون عليه "اللعبة"، وهي محاولة محفوفة بالمخاطر من أجل الوصول إلى كرواتيا. ولكن حتى الوصول إلى سلوفينيا لا يعني الفوز باللعبة، وقد تمكن رزاق، وهو باكستاني يبلغ من العمر 21 عاما، من الوصول إلى البلاد مع نحو عشر مهاجر آخرين، ولكن تم القبض عليه هناك وأعيد إلى كرواتيا. وقال رزاق، وهو يتعهد بمحاولة لاحقة: “ضربنا الكروات بعنف بهراواتهم، وكسروا عظام ثلاثة منا." وفي المرة المقبلة التي سيحاول فيها الوصول، قد تكون الظروف أسوأ في المعسكرات وعلى الطريق، مع بداية موسم الشتاء البارد. ويتوقع الصليب الأحمر المحلي الحصول على قدر قليل من المساعدات الإضافية.