جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    أحمد الشرعي مدافعا عن نتنياهو: قرار المحكمة الجنائية سابقة خطيرة وتد خل في سيادة دولة إسرائيل الديمقراطية    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في مشروع المرسوم المغير لاختصاصات وزارة الاقتصاد والمالية
نشر في هسبريس يوم 06 - 10 - 2019

صادق المجلس الحكومي المنعقد يوم 19 سبتمبر 2019 على مشروع مرسوم يغير ويتمم بموجبه المرسوم بتاريخ 23 أكتوبر 2008 بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة الاقتصاد والمالية كما وقع تغييره وتتميمه، كما تقدمت به الوزارة المذكورة.
ويهدف مشروع المرسوم هذا كما ورد في مذكرة تقديمه إلى تغيير المادة 13 المحددة لاختصاصات مديرية أملاك الدولة، وذلك لتوسيع اختصاصاتها بشكل يسمح بتوسيع الهدف من الاقتناءات العقارية التي تسلكها ليشمل فضلا عن اقتناء العقارات والحقوق العينية العقارية لفائدة الإدارات العمومية قصد إيواء مرافقها العمومية ما يلي:
_ العقارات والحقوق العينية التي يتم اقتناؤها في إطار الالتزامات التي تكون محل اتفاق للشراكة في إطار برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
_ اقتناء البنايات التي تكتسي أهمية من الناحية المعمارية أو الثقافية أو التاريخية.
_ تعبئة العقارات اللازمة لتشجيع الاستثمار.
وقبل مناقشة محتوى هذا المشروع الذي قد ينشر في الجريدة الرسمية في غضون الأيام القليلة المقبلة، لا بد من الوقوف عند بعض المعطيات:
أولا: اختصاصات مديرية أملاك الدولة التي كانت تدعى إلى عهد قريب مديرية الأملاك المخزنية
ينص الفصل 13 موضوع التعديل على أنه "تتولى مديرية أملاك الدولة القيام بما يلي:
- تكوين وتدبير ملك الدولة الخاص غير الملك الغابوي وتصفية وضعيته القانونية.
- اقتناء العقارات بالتراضي أو عن طريق مسطرة نزع الملكية وتخصيصها لفائدة المصالح العمومية.
- التقاضي أمام المحاكم وفقا لأحكام الظهير الشريف الصادر في 24 من رمضان 1333 (6 أغسطس 1915) بشأن إقامة الدعاوى القضائية المتعلقة بعقارات الدولة حسبما تم تغييره.
- تفويت المساكن والأراضي التابعة لملك الدولة الخاص.
- بيع المعدات غير الصالحة للاستعمال والحطام البري والبحري وكذا ثمار ومحصلات ملك الدولة الخاص والعام ماعدا ملك الدولة الغابوي.
- حيازة وتدبير الممتلكات الصادرة في حق أربابها أحكام غيابية أو الموضوعة تحت العقل أو المصادرة أو المتأتية من التركات الشاغرة أو الهبات والوصايا طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
- مراقبة بعض العمليات العقارية طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
- إعداد الدراسات ومشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تهم ملك الدولة الخاص.
- تدبير الموارد البشرية التابعة لها والوسائل المادية والاعتمادات المرصودة أو المفوضة لها، ووضع وتدبير الأنظمة المعلوماتية الخاصة بها، وذلك بانسجام مع سياسة تدبير الموارد والإعلاميات الموضوعة من طرف الوزارة.
وبناء عليه، يكون من اختصاص مديرية أملاك الدولة تدبير وتسيير وحماية الملك الخاص للدولة دون أن يمتد اختصاصها إلى الملك الغابوي الذي تسهر على حمايته من الناحية السياسية وزارة تدعى في الحكومة الحالية "وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات"، ومن الناحية الواقعية والعملية، المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر.
وهنا لا بد من فتح قوس، ذلك أنه إذا كان من الضروري تغيير مقتضيات الفصل 13 المذكور، كان من المفروض والواجب تحيين الفقرة الثالثة من مرسوم 2008 الذي ينص على أن من مهام المديرية أعلاه التقاضي أمام المحاكم وفقا لأحكام الظهير الشريف الصادر في 24 من رمضان 1333 (6 أغسطس 1915) بشأن المرافعات المتعلقة بالعقارات الخاصة بالدولة لدى المحاكم العدلية حسبما تم تغييره، على اعتبار أن هذا الظهير تم نسخه جزئيا بمقتضى القانون رقم 100.12 المغير والمتمم بموجبه الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية والصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 10 مايو 2013 والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 30 مايو من السنة نفسها الصفحة 4362، والذي أوكل لمدير أملاك الدولة التقاضي باسم الملك الخاص للدولة. وهذه معضلة أخرى على اعتبار أن الملك الغابوي ملك خاص كذلك للدولة لكن لا مجال لتدخل مدير أملاك الدولة التابع لوزير الاقتصاد والمالية فيه.
ثانيا: مسطرة الاقتناءات العقارية والحقوق العينية المعتمدة من طرف الدولة
1_ الاقتناء بالتراضي:
تعتمد مديرية أملاك الدولة في تبرير تدخلها في مجال الاقتناءات العقارية التي تهم ملك الدولة الخاص على منشور الوزير الأول عدد 209/د بتاريخ 26 مايو 1976، الذي بموجبه تم تحديد المسطرة الواجب اتباعها في مجال اقتناء الدولة (الملك الخاص) العقارات اللازمة للإدارات العمومية. وقد جاء هذا المنشور في عهد الوزير الأول السيد أحمد عصمان على أنقاض المنشور بتاريخ 9 دجنبر 1959. ولا يسري مفعوله على العمليات العقارية المتعلقة بالملك الغابوي وكذا العمليات الواجب إنجازها خارج المملكة التي تبقى خاضعة لما تضمنته رسالة وزير المالية بتاريخ 9 أكتوبر 1975.
وعلى هذا الأساس تكون يد مديرية أملاك الدولة مقيدة بمضمون كل من منشور الوزير الأول (رئيس الحكومة حاليا) بخصوص الاقتناءات بالتراضي للعقارات والحقوق العينية إذا تعلق الأمر بعمليات عقارية وطنية، وبمجرد رسالة وزير المالية بالنسبة لكل العمليات العقارية التي ستنجز في بلدان أجنبية.
ويعتبر في نظرنا هذا الأمر مخالفة جلية للدستور، لأن كل ما يتعلق بنظام الالتزامات المدنية والتجارية يدخل في مجال القانون، أي السلطة التشريعية، بعيدا عن المجال التنظيمي.
لذلك ندعو السلطة التشريعية للتدخل، وكذا الجهات الدستورية المعنية لوضع حد لهذا التخطي غير الدستوري.
2_ الاقتناء عن طريق نزع الملكية لأجل المنفعة العامة:
بناء على مقتضيات القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 6 مايو 1982، تباشر مديرية أملاك الدولة مسطرة نزع الملكية العقارات أو ملكية الحقوق العينية العقارية لأجل المنفعة العامة، فضلا عن نصوص خاصة.
وحسب تقرير هذه المديرية لسنة 2018، أجريت 723 عملية عقارية تهم الاقتناءات بمساحة 262 ه، بتخفيض ملحوظ بنسبة 77 في المئة مقارنة مع سنة 2017، منها 17 ه عن طريق نزع الملكية.
ولنا أن تساءل عن مبررات هذا التخفيض، هل الأمر يعود إلى ما هو مسطري أم إلى ما هو بشري تدبيري؟ علما أن هناك رغبة لدى الحكومة في تعديل قانون نزع الملكية الحالي، وذلك منذ ما يربو عن 15 سنة تقريبا، غير أن تعدد المتدخلين في هذا الجانب جعلها تضع الملف أخيرا لدى قطاع وزاري "محايد" يتمثل في وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان.
3 _ الميزانية المعتمدة من أجل تدبير الاقتناءات العقارية لفائدة القطاعات الوزارية:
خلال سنة 2018 كانت التوقعات أن تصل مداخل الحساب الخاص لاستبدال أملاك الدولة ما يناهز 1040 مليون درهم، غير أن الذي وقع هو أن المداخل تجاوزت 1960 مليون درهم، في حين من المنتظر حسب القانون المالي لسنة 2019 أن تكون مداخل المديرية لفائدة الميزانية العامة حوالي 355 مليون درهم.
ومما ينبغي التنويه إليه أن الاقتناءات العقارية لفائدة مصالح الدولة تقتطع من الحساب الخاص لاستبدال أملاك الدولة المشار إليه أعلاه.
وبالرجوع إلى الوسيلة المعتمدة من طرف مديرية أملاك الدولة بخصوص الاقتناء بالتراضي، ونعني منشور الوزير الأول لسنة 1976 المذكور، فإنه يجب بداية أن يوضع بشأن مجموع الاقتناءات العقارية المقررة بكل وزارة برنامج سنوي يوجه إلى مديرية الميزانية للمصادقة عليه، وكذلك الأمر بالتغييرات المتعلقة بالبرنامج السنوي، ويتعين أن تدفع الاعتمادات الضرورية المخصصة لها برسم الاقتناءات إلى الحساب الخاص لاستبدال أملاك الدولة، قبل مباشرة عمليات الاقتناءات العقارية، وذلك بناء على الأوامر بالمداخل المطابقة الصادرة عن مصالح مديرية أملاك الدولة. غير أنه في الحالة التي ترغب أي مصلحة من مصالح الدولة في اقتناءات استثنائية أو إضافية، لا بد من موافقة مديرية الميزانية، مع الإشارة إلى أن الاعتمادات اللازمة محتفظ بها، مع بيان باب الميزانية المقتطعة منه النفقة.
والتساؤل العاجل يتمثل في كيفية تفعيل مضمون المرسوم الجديد بعد المصادقة عليه.
ورد في التعديل الذي تضمنه مشروع المرسوم المذكور أن مديرية أملاك الدولة تتولى اقتناء العقارات والحقوق العينية العقارية بالتراضي أو عن طريق القيام، طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، وذلك للأغراض التالية:
1. تخصيصها لفائدة القطاعات الحكومية قصد إيواء مرافقها العمومية:
يعتبر هذا الاختصاص الوارد في التعديل تحصيل حاصل للمادة 83 من قانون المحاسبة العمومية لسنة 1967 كما وقع تعديله، الذي ينص على أن أملاك الدولة الخاصة اللازمة لإيواء المصالح العمومية للدولة تخصص بهذه المصالح بشرط أن تقوم بما يلي:
_ دفع مقابل قيمتها المحددة من طرف مصلحة أملاك الدولة إلى صندوق إعادة استعمال أملاك الدولة إذا لم تكن هذه الأملاك قد اشتريت أو شيدت من أموال المصالح المذكورة.
_ القيام بصيانتها وإصلاحها كيفما كانت أهمية ونوع هذه الصيانة وهذا الإصلاح.
_ تحمل الأداءات والتكاليف والضرائب المفروضة عليها...
وإذا لم أمكن إعادة استعمال الممتلكات والمنقولات الجارية على ملك الدولة وكان يمكن بيعها، وجب عرضها للبيع عن طريق المزاد العلني، وتجوز مخالفة هذه القاعدة بموجب مقرر لوزير المالية، وكذلك الشأن فيما يخص الممتلكات أو الأشياء ذات القيمة الضئيلة أو التي تجري على بيعها أو تخصيصها أنظمة خاصة، ويسند القيام بالعمليات اللازمة إلى الأعوان الذين يعينهم وزير المالية لهذا الغرض.
2. تنفيذ الالتزامات التي تكون محل اتفاقية للشراكة في إطار برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية:
ورد في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول موضوع "السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية" المنعقدة بالصخيرات يومي 8 و9 دجنبر 2015: "لذا ندعو للانكباب على مراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة للعقار، بشقيه العمومي والخاص، بما يضمن حماية الرصيد العقاري وتثمينه، والرفع من فعالية تنظيمه، وتبسيط مساطر تدبيره، لتمكينه من القيام بدوره في تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا".
وهنا وإن كنا نتحفظ على مضمون النصوص القانونية المنظمة للأراضي السلالية الجديدة، فإننا نحيي الاستجابة الفورية من طرف وزير الداخلية باعتباره وصيا على هذه الأراضي من خلال إعداد القوانين الثلاث من طرف خبراء مغاربة وأطر مديرية الشؤون القروية، في الوقت الذي عوض أن تعمد وزارة الاقتصاد والمالية على الاعتكاف على تسريع المسطرة الإدارية والقانونية لإخراج مدونة عامة لأملاك الدولة الخاصة، تفاجئنا بين الفينة والأخرى بمناشير ومذكرات وقرارات ومراسيم لا تمس بجوهر تدبير الملك الخاص للدولة، ويدخل هذا المرسوم الذي نحن بصدده في خانة الحلول الوقتية، حيث يتم الحديث عن اتفاقيات الشراكة دون تحديد الجهات المقابلة، هل هي القطاع العام أم القطاع الخاص، هل مع الأشخاص العامة أم الخاصة الوطنية، أم يبقى الباب مفتوحا على مصراعيه للأجانب، وهل سيتم هذا التصرف بالتراضي أم عن طريق الصفقات العمومية، علما أنه حتى بالنسبة للاستثمار في الأراضي الفلاحية التي هي ملك خالص للدولة يتم تدبيرها بالوكالة.
وفي جميع الأحوال، فإن ما ذكر أعلاه كهدف، إنما هو وسيلة تتطلب تعديل قانون المحاسبة العمومية، وكذا قانون نزع الملكية الذي يشترط في الاقتناء الجبري تحقق المنفعة العامة وليس المصلحة العامة، وشتان ما بين المصطلحين، ويتم ذلك تحت أعين ومراقبة قاضي المشروعية والملاءمة. وهذا من حسنات القضاء الإداري بالمغرب.
3. اقتناء بنايات تكتسي أهمية من الناحية المعمارية أو الثقافية أو التاريخية:
هذا الهدف المسطر من طرف وزارة الاقتصاد والمالية وفرعها مديرية أملاك الدولة يثير الاستغراب، سواء من حيث الغموض في المصطلحات أو المقصود بالأهمية المعمارية والثقافية والتاريخية.
ذلك أنه حينما نتحدث عن الأهمية المعمارية إنما نقصد بها العمارة المغربية ذات الطبيعة والزخرفة المغربية المستمدة من الحضارة الأمازيغية والعربية والأفريقية، وتظهر معالمها في القصور والمساجد وبعض المصالح الإدارية المتميزة، ومبان أخرى.
ولنا أن نتساءل كيف يمكن للدولة اقتناء هذا النوع من المباني عن طريق نزع الملكية في حالة فشل المفاوضات الحبية ولفائدة أي جهة إدارية؟ وما هو الهدف من اقتنائها أصلا والمفروض أن المغرب دولة ذات اقتصاد شبه رأسمالي حيث الدولة لا تملك وإنما "تضمن حرية المبادرة وحق الملكية"؟ ثم ما هي المعايير المعتمدة من أجل تحديد هل البناية ذات أهمية معمارية أم لا؟ هل هناك جهة محايدة مكونة من خبراء في الميدان أم إن الأمر يخضع للسلطة التقديرية لرجل الإدارة؟ وقد نص الفصل 36 من الدستور على أنه "على السلطات العمومية الوقاية، طبقا للقانون، من أشكال الانحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية، وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها".
أما بخصوص البنيات الثقافية، فيدخل في حكمها المراكز الثقافية ودور السينما والمسارح والمقاهي الثقافية وغيرها، وهنا نتساءل لمن سيتم اقتناء هذه البنايات ومفروض أنها تدخل في مجال اختصاص الجماعات الترابية والقطاع الخاص؟
حسب تقرير للمركز السينمائي المغربي حول الحصيلة السينمائية لسنة 2015، فإنَّ عدد قاعات السينما الموجودة بالمغرب إلى غاية نهاية السنة لا تتعدى 57 قاعة، وبلغ عدد التذاكر التي بيعتْ في السنة نفسها 1.842.348، في حين بلغت المداخل المحصّلة 74.462.995 درهما.هذا في الوقت الذي تقلّصَ فيه عدد دور السينما من 247 قاعة سنة 1985 إلى 31 قاعة فقط سنة 2015 (معلومات من موقع هسبريس).
وعليه، فإن وضعا كهذا يفرض علينا أكثر من تساؤل؛ هل تبادر الدولة (الملك الخاص) باقتناء كل البنايات التي كانت مخصصة للسينما أو غيرها فقط لأنها كانت في يوم من الأيام ذات طابع ثقافي ورغب أصحابها في التملص منها لتقلص مداخلها أم إنها ستقوم باقتناء ولو عن طريق نزع الملكية بنايات ثقافية نشيطة ومطلوبة من طرف العموم وتدر دخلا محترما أم إن هناك معايير أخرى نجهلها؟ وفي جميع الأحوال ما هي الجهة التي ستقوم بجرد للبنايات ذات الطابع الثقافي الواجب اقتناؤها؟
غير أن هذا كله لا يعفي من ضرورة تدبير الملك الخاص للدولة وعائداته تدبير الرجل الحريص. والشيء نفسه يسري على البنايات ذات الطابع التاريخي، ذلك أنه استنادا إلى القانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.80.341 بتاريخ 17 صفر1401 (25 دجنبر 1980)، يمكن أن تقيد أو ترتب في عداد الآثار العقارات بالأصل أو التخصيص وكذا المنقولات التي في المحافظة عليها فائدة بالنسبة لفنون المغرب أو تاريخه أو حضارته، ويسري الأمر على المباني التاريخية أو المعالم الطبيعية، على المناظر التي لها طابع فني أو تاريخي أو أسطوري أو طريف أو تهم العلوم التي تعنى بالماضي والعلوم الإنسانية بوجه عام.
وتدخل في حكم المباني التاريخية من حيث التقييد أو الترتيب الصور المنقوشة والرسوم الصخرية والأحجار المكتوبة والكتابات على المباني التاريخية أو على القبور أو غيرها أيا كان العهد الذي ترجع إليه واللغة التي كتبت بها أو الخطوط أو الأشكال التي تصورها إذا كانت لها قيمة فنية أو تاريخية أو أسطورية أو طريفة أو كانت تهم العلوم التي تعنى بالماضي والعلوم الإنسانية بوجه عام.
والتساؤل المطروح هل ستباشر مديرية أملاك الدولة اقتناء ولو بالجبر كل عقار يبدو أن له طابعا تاريخيا أم لا بد بداية من تقييده وترتيبه في عداد المباني التاريخية؟
4. تعبئة العقارات اللازمة لتشجيع الاستثمار:
عندما نربط مسألة تعبئة العقارات اللازمة لتشجيع الاستثمار بتعديل المادة 13 من مرسوم 2008 سالف الذكر، يتضح للمختص بالملموس أن المقصود بهذا الهدف هو تكوين احتياط عقاري ليس إلا. وقد يتماهى هذا مع مضمون الفقرة الأولى من المادة 20 من القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها التي تنص على أنه "يمكن إبرام عقود التفويت بالمراضاة واتفاقات الشراكة والمبادلة بشأن عقارات الجماعة السلالية لفائدة الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والجماعات السلالية الأخرى".
وإذا كان الأمر كذلك فإنه، لا يحق للحكومة بمبادرة من وزارة الاقتصاد والمالية أن تمرر هذا الهدف عن طريق مرسوم، وإنما لا بد من صدور نص تشريعي عن السلطة المختصة دستوريا.
وأتساءل في هذا الصدد هل يوجد بديوان وزير الاقتصاد والمالية مستشارون قانونيون "يغربلون" مشاريع النصوص التنظيمية والتشريعية المعروضة على ديوان الوزير من أجل التأشير خاصة وأن قرارات من هذه القبيل لها تأثير مباشر على التصرفات العقارية المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء حقوق عينية أو نقلها أو إسقاطها فضلا عن المال العام؟
أمام هذه المعطيات نرى أن المطلوب من الوزارة المذكورة أولا وقبل كل شيء تنفيذ التعليمات الملكية الصادرة في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول موضوع "السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية" سالفة الذكر، وذلك بالانكباب بكل استعجال على مراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة لأملاك الدولة الخاصة. ثم بعد ذلك التفكير في توسيع مجال الاقتناءات علما أن الحساب الخاص لاستبدال أملاك الدولة ليس صندوقا خاصا بمديرية أملاك الدولة تنهل منه في كل وقت وحين حسب الظروف التي تقدرها بمفردها، وإنما هو جمع شتات ميزانية القطاعات الوزارية من أجل ضمان سيولة الاقتناءات العقارية لفائدتها. ويد مديرية أملاك الدولة يد ضمان وأمان.
وصفوة القول، لقد آن الأوان للتفكير بجدية في خلق وكالة وطنية لأملاك الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية من مهامها تدبير الثروة الوطنية العقارية المتواجدة بداخل المغرب وخارجه (المتمثلة في مقار السفارات والقنصليات والمراكز الثقافية والسكن الوظيفي للموظفين العموميين والسياسيين)، تعمل تحت وصاية رئيس الحكومة، مع فرض إعطاء كشف سنوي مفصل عن كل العمليات العقارية المتعلقة بالأملاك والحقوق العينية التي تديرها إلى المجلس الأعلى للحسابات من أجل ضمان الشفافية وحسن التدبير وربط المسؤولية بالمحاسبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.