أعدت الحكومة مشروع قانون جديد لتنظيم تربية الأحياء البحرية في المغرب بعدما كان الأمر منظماً بمقتضيات قانونية وردت في ظهائر تعود إلى سنوات مضت، من بينها الظهير رقم 1.73.255 المتعلق بتنظيم الصيد البحري. مشروع القانون، الموضوع حالياً لدى الأمانة العامة للحكومة في أفق عرضه على المجلس الحكومي، يحمل رقم 59.19، ويُراد منه تحديد مبادئ وقواعد تهيئة وتنمية وتنظيم تربية الأحياء البحرية وتدبيرها، بما فيها شروط الممارسة واستغلال المزارع الخاصة بهذا النشاط. وتسعى الحكومة، عبر هذا القانون، إلى السهر على التنمية المسؤولة لتربية الأحياء البحرية باعتبارها نشاطاً اقتصادياً ينتظر منه الكثير، لاسيما الإسهام في الأمن الغذائي والمساهمة في الأمن الطاقي بإنتاج الوقود الحيوي من الطحالب وحماية البيئة والحفاظ على الثروات السمكية. ويعتبر الوقود الحيوي المُستخرَج من الطحالب بمثابة الجيل الثالث من الوقود المرتقب أن يُعوض الطاقة الأحفورية، ولدى المغرب مؤهلات كبرى تنتظر الاستغلال في هذا الصدد على طول الشريط الساحلي الذي يزخر بطحالب تنتج دهوناً وزيوتاً يمكن أن تحول إلى وقود حيوي. ويتم توليد هذه الطاقة الحيوية من الوقود عضوي المصدر والمتجدد بالاعتماد على مصدر الكتلة الحيوية البحرية المتأتية من زراعة الطحالب المجهرية. وتسارع عدد من الدول حالياً الزمن للتقدم في هذا المجال لضمان مصدر متجدد للطاقة مستقبلاً. ويُقصد بتربية الأحياء البحرية، وفق مدلول القانون الجديد، مجموع الأنشطة المتعلقة بتربية وزراعة الحيوانات والنباتات البحرية والمحافظة عليها حية، وهي تمارس في مزرعة خاصة تستلزم التمكن الكلي أو الجزئي لدورة حياتها وتستعمل فيها المياه المالحة أو البحرية. ويؤكد القانون على تنفيذ السياسة الوطنية في مجال تربية الأحياء البحرية واعتماد إستراتيجية تتعلق بها قصد تطبيقها بهدف ضمان احترام البيئة، مع اعتماد مقاربة النظام البيئي في تدبير موارد تربية الأحياء البحرية. وبموجب هذا القانون، سيتم إعداد مخططات جهوية لتهيئة تربية الأحياء البحرية وتدبيرها، باستحضار احترام التنوع الجيني وسلامة الأنظمة البحرية من أجل الاستعمال العقلاني للفضاءات، إضافة إلى تشجيع البحث العلمي والتقني في هذا المجال. وينص القانون أيضاً على وضع برامج التكوين الملائمة لمهن تربية الأحياء البحرية لتحقيق احترافية المهنيين؛ ناهيك عن اتخاذ تدابير لإدماج أنشطة تربية الأحياء البحري في الاقتصاد الجهوي الساحلي للمناطق الساحلي. ومن أجل تشجيع تنمية هذه الأنشطة، أورد القانون أن تربية الأحياء البحرية ستستفيد من دعم الدولة وعدد من التدابير التحفيزية، والتي ستحدد بموجب نص تنظيمي يوضح شروطها وكيفياتها سيصدر في ما بعد عقب اعتماد القانون من الحكومة والبرلمان. وسيتوجب على كل راغب في ممارسة تربية الأحياء البحرية لغرض تجاري أن يتقدم بطلب ترخيص لغرض الإنتاج الغذائي الإنساني أو الحيواني، أو الإنتاج الصيدلي والتجميلي والكيميائي ومنتجات الزينة، أو إنتاج الوقود الحيوي من الطحالب أو إنشاء الأحواض المائية (أكواريوم). كما يمكن ممارسة تربية الأحياء البحرية لغرض غير تجاري، سواء بكيفية تجريبية، أو لأجل البحث العلمي أو التكوين أو الاكتفاء الذاتي، أو إعادة إعمار الوسط البحري أو تلبية حاجيات الخدمة العمومية في إطار سياسة وطنية أو جهوية. ويتضمن مشروع القانون مقتضى لإحداث مجلس وطني لتربية الأحياء البحرية يكلف بإبداء رأيه في مشاريع القوانين التي لها علاقة بالموضوع، كما يمكنه تقديم توصيات أو إجراء دراسات وأبحاث في هذا الموضوع. ويقر هذا النص غرامات تتراوح ما بين 10 ملايين سنتيم و50 مليون سنتيم على المخالفين لمقتضياته. ومن المرتقب أن تدخل هذه التدابير حيز التنفيذ سنة ابتداءً من تاريخ الورود في الجريدة الرسمية، وستعوض مقتضيات عدد من الظهائر المعمول بها حالياً.