عاد ملف أسعار المحروقات إلى واجهة المشهد الاقتصادي من جديد، إذ وجهت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مراسلة رسمية إلى رئيس مجلس المنافسة، بحر الأسبوع الجاري، من أجل معرفة مآل ارتفاع أسعار المحروقات التي أثارت الكثير من الجدل خلال الفترة السابقة، لاسيما في ظل حديث وزير الشؤون العامة والحكامة عن هامش الربح "الفاحش" الذي تجنيه الشركات النفطية العاملة في السوق الوطنية للمحروقات. وطالب عبد القادر الزاير، رئيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، المؤسسة الدستورية بموافاته بنتائج الأبحاث والتحقيقات التي باشرها خبراء المجلس، متسائلا عن جلسة الإنصات التي عقدها رئيس مجلس المنافسة مع النقابة العمالية خلال 25 دجنبر من الموسم الماضي، ومبرزا أنها "قدمت بعض المقترحات المتعلقة بضبط وتحديد أثمان المحروقات، وفق ما يصون حقوق المستهلكين والمهنيين، ويوفر شروط المنافسة الشريفة للفاعلين بالقطاع". وفي تعليقه على وضعية السوق الوطنية للمحروقات، قال الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز: "بغض النظر عن المساطر والآجال المنصوص عليها في القانون، يأتي التذكير الذي وجهته الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في سياق اهتمامنا بالقدرة الشرائية للمواطنين، كما أنه نابع من مراعاة أوضاع الطبقة العاملة والمهنيين في القطاع". وعقد مجلس المنافسة، في أواخر الموسم الماضي، مجموعة من اللقاءات مع النقابات العمالية الأكثر تمثيلية، بغية مناقشة ملف قطاع المحروقات الذي أثار الجدل بين المهنيين والحكومة، بالموازاة مع استقباله أيضا مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين؛ وذلك بغرض الحسم في ارتفاع أسعار المحروقات بالمملكة منذ إقدام الحكومة على تحرير الأسعار. وأضاف اليماني، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "يستعجل إصدار رأي مجلس المنافسة من أجل المساهمة في الحد من تدهور القدرة الشرائية"، وزاد: "نقاش أسعار المحروقات سبق أن تطرقنا إليه بشكل دقيق للغاية، ومن ثمة يجب أن يتوقف هذا المسلسل بصفة نهائية"، مشيرا إلى "هامش ربح الموزعين الفاحش إلى حدود الساعة، منذ تحرير السوق مع بداية سنة 2016". جدير بالذكر أن وفد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سلّم لرئاسة مجلس المنافسة مذكرةً تضم تحليلاً لوضعية المنافسة في سوق المحروقات، وانعكاسات أسعار المحروقات على القدرة الشرائية للمواطنين، إضافة إلى 11 مقترحاً لتنظيم القطاع وتحديد أسعار المحروقات وحماية مصالح المستهلكين والمهنيين. وأوضح الفاعل النقابي: "الاهتزاز الذي شمل السوق الدولية هذه الأيام من شأنه أن يؤثر على السوق الوطنية؛ فعندما كانت شركة سامير فاعلة في القطاع كنّا نعمل على توفير احتياطي نفطي خام يصل إلى 45 يوماً، ما معناه أن المغرب يوقف مشترياته الخارجية مقابل اعتماده على السوق الداخلية إلى حين انخفاض الأسعار الدولية، لكن تفريطه في المصفاة جعله يواجه السوق الدولية بشكل مباشر". وختم المتحدث تصريحه لهسبريس قائلا: "الأسباب سالفة الذكر جعلتنا نستعجل إصدار موقف المنافسة بشأن هيكلة قطاع المحروقات بالمغرب"، منبها إلى كون "الحكومة السابقة، التي ترأسها عبد الإله بنكيران، أخطأت حينما قررت تحرير السوق، لأن آليات المنافسة الشريفة غائبة"، وموردا: "نؤكد على ضرورة ضمان المنافسة في مجال المحروقات، وهو ما لا يمكن أن يتأتى سوى عبر امتلاك مفاتيح صناعة تكرير البترول".