تجبر البطالة المتفشية في الضفة الغربيةالمحتلة، التي يقابلها نمو اقتصادي في إسرائيل، المزيد من العمال الفلسطينيين على قطع الحواجز يوميا والدخول إلى الدولة العبرية بحثا عن عمل. وتضاعفت أعداد العمال الفلسطينيين في إسرائيل خلال السنوات الخمس الأخيرة، لكن معظمهم لا يخشى أن يؤثر فوز اليمين في انتخابات الثلاثاء على عملهم. وعند حاجز نعلين غرب مدينة رام الله في الضفة الغربية، يعرض العديد من الباعة بضاعتهم من خضار وملابس لبيعها لمئات العمال العائدين للتو من عملهم داخل إسرائيل. يقول ناجي محمد (58 عاما)، وهو أب لتسعة أولاد يعمل في البناء داخل إسرائيل منذ 20 عاما، "كنا ندخل للعمل إما تهريبا أو بتصاريح في عهد كل الحكومات، لكن أيا منها لم يؤثر على عملنا". ويعيش 400 ألف مستوطن في الضفة الغربيةالمحتلة على أراضي الفلسطينيين البالغ تعدادهم 2,7 مليون نسمة. وبدأت إسرائيل بناء المعابر العسكرية التي تقطع الضفة الغربية خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ويحتاج الفلسطينيون إلى تصاريح إسرائيلية لعبورها. وفي عام 2015 عندما شكل بنيامين نتانياهو الحكومة التي ينظر إليها على أنها الأكثر يمينية، بلغ عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل 45 ألفا، مقارنة مع 27 ألفا في عام 2012، وفقا لإحصائيات وزارة العمل الفلسطينية. ويمكن مقارنة هذه الأرقام مع 85 ألف عامل في العام الحالي (2019)، بحسب المدير العام للإدارة العامة للتشغيل في وزارة العمل الفلسطينية رامي مهداوي. ووفقا لمهداوي هناك حوالي 30 ألف شخص يعملون في المستوطنات، و40 ألفا يعملون بشكل غير قانوني عن طريق تهريبهم إلى داخل إسرائيل. 50 دولارا أكثر تقول إسرائيل التي لم تصدر أرقاما دقيقة إن عدد تصاريح العمال الفلسطينيين في إسرائيل ارتفعت بنسبة 160 في المئة. وشهدت إسرائيل، التي يسجل النمو الاقتصادي بها المزيد من القوة في السنوات الأخيرة، زيادة في الطلب على الأيدي العاملة متوسطة الكلفة، وخصوصا في مجال البناء. ويتقاضى عامل البناء الفلسطيني داخل إسرائيل أو في المستوطنات بين 70 و100 دولار يوميا، مقابل حوالي 20 إلى 30 دولار في سوق العمل الفلسطيني، حسبما ذكره عمال لوكالة فرانس برس. وفقا للبنك الدولي، فإن معدل البطالة في الضفة الغربية يصل إلى 18 في المئة، ما يجعل الإيرادات أمرا حيويا لدى العديد من الأسر الفلسطينية. ولطالما كان العمل في إسرائيل مثار جدل بين الفلسطينيين الذين يعتبرونه غير مقبول أو أنه قبول بالاحتلال الإسرائيلي، لكن تغييرا طرأ على هذه النظرة التي جعلت الأمر مستساغا بشكل أكبر نوعا ما. أما العمل في مستوطنات الضفة الغربية فيبقى غير محبذ ويحذر الفلسطينيون من قبول عروض العمل هناك علانية. ولم تتأثر تصاريح العمل الإسرائيلية للفلسطينيين بالنزاع بين الحكومتين الإسرائيلية والفلسطينية حول عائدات الضرائب. ويبدو العامل الفلسطيني يوسف النعسان (63 عاما) قلقا من احتمال تشكيل حكومة إسرائيلية يمينية متشددة. وقال: "نعم هناك تخوف لأن بعض الجهات، وخاصة اليمين الإسرائيلي، لها مطالب قد تؤثر على وضع العمال الفلسطينيين". ويبدي مهداوي شكوكا إزاء ذلك قائلا: "إسرائيل هي المستفيد الأول والأخير من الأيدي العاملة، لأن دائرة الاقتصاد لديها تعتمد على الفلسطينيين منهم". إنجاز للجانبين يقول مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية إن حكومته استثمرت نحو 300 مليون شاقل (85 مليون دولار) في السنوات الأخيرة لتطوير المعابر وتسريع دخول الفلسطينيين إلى إسرائيل. ويضيف لفرانس برس أن أوقات الانتظار على المعابر باتت أقل. وبحسب المسؤول ذاته، فإن رواتب العمال ساعدت الاقتصاد الفلسطيني، وساهمت في تهدئة الأوضاع في الضفة الغربية التي تشهد توترا بشكل منتظم. وأورد المسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "العمالة الفلسطينية إنجاز للجانبين". من جهته، يؤكد المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم أن العمالة الفلسطينية هي مسألة استراتيجية للإسرائيليين لا يمكنهم وقفها، ويقول: "استمرت العمالة الفلسطينية منذ سنوات طويلة في التدفق إلى إسرائيل، والعامل الحاسم كان دائما الأمن". ولا يمكن للفلسطينيين في الضفة الغربية التصويت في الانتخابات الإسرائيلية. ويتوقع العامل يوسف الحلحولي (28 عاما)، وهو في طريق عودته من حاجز نعلين، أن تؤدي الانتخابات التشريعية في إسرائيل إلى خلل بسيط، ويقول: "هم ينتخبون كما يريدون لكن ممكن أن نتوقف عن العمل ليوم أو اثنين". *أ.ف.ب