حواجز أمنية و"عسكرية" سيُصادفها كلّ مقبلٍ على ثغري سبتة ومليلية المحتلين، فبعدَ انتهاء المغرب من توسيع دائرة السياجات المحيطة بالمدينتين، من خلال تركيب أسلاك شائكة، في أولى استثمارات المملكة من الأموال الأوروبية، يضغطُ حزب فوكس الإسباني المتطرّف بالمطالبة بإنشاء حواجز أمنية عسكرية جديدة على حدود سبتة ومليلية مع المغرب. واسْتغلّ المغرب الأموال القادمة من بروكسيل، المخصصة للهجرة السّرية، في بناء سياجٍ بأسلاكٍ شائكة على الحدود مع سبتة ومليلية، يبلغ ارتفاعه مترين، كما سيتمّ تشييدُ مخافر جديدة لإيواء عناصر الأمن والجيش. ومقابل سياسة إغلاق الحدود التي ينْتهجها المغرب، يطالبُ حزب "فوكس" الإسباني بإنشاء حواجز عسكرية على حدود سبتة ومليلية مع المملكة. ومعروف أنّ هذا الحزب، ذا التوجهات اليمينية المتطرفة، على غرار الأحزاب المتشددة في أوروبا، مثل الجبهة الوطنية في فرنسا، يكنّ العداء للاجئين والمهاجرين والمسلمين، كما يشكك في بعض مؤسسات الاتحاد الأوروبي. ويشير الحقوقي المغربي عبد الإله الخضري إلى أنّ "هذا الحزب لن يقف فقط عند هذا الحد، فالتيارات القومية المناهضة للأجانب تعيش ذروتها اليوم، في ظل مرحلة ترامب"، وزاد: "هناك منحى خطير يروم التضييق على المهاجرين المقيمين هناك بشكل طبيعي عبر محاولة إقرار تشريعات عنصرية". ويردفُ الخضري بأنّ "قضية الهجرة السّرية أكبر من أن تحد منها حواجز عسكرية"، وأضاف أنّ "المغرب ماض في موضوع إحداث حواجز كهربائية على حدود الثغرين السليبين، فالخيارات السياسية المعتمدة من كلا الجانبين تبقى غير مجدية"، وفق تعبيره. وأبرز الحقوقي ذاته أنّ "المغرب يتبنى سياسة دبلوماسية ذات طابع مرن وهادئ في التعاطي مع تقلبات السياسة الإسبانية، خاصة في ما يتعلق بإشكالية الهجرة السرية". ويقول رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان إنّ "الدولة المغربية تفصل فصلا جوهريا بين الأزمة الناجمة عن الهجرة السرية وبين قضية الثغرين المحتلين"، وفي تقديره "يبقى من حقها معالجة القضايا بالصيغة التي تقدر أنها تخدم مصالحها وتحفظ سيادتها الوطنية". ويسترسلُ الخضري في تصريحه: "يبقى المشروع الإستراتيجي الكبير متمثلا في وضع مخطط تنموي ديمقراطي داخل بلدان المصدر، بعد وضع حد لنهب الثروات وتوجيهها نحو تحسين البنى التحتية والرفع من مستوى عيش المواطنين، وإقرار مبدأ تكافؤ الفرص"، ويختم قائلاً: "الهجرة تحتاجُ إلى تدابير عقلنة على النحو الذي يحقق التوازن بين مصالح وحاجيات دول الاستقبال ورغبة المهاجرين، لأن الهجرة بصفة عامة حركة بشرية أزلية، لم يأت عصر الدول لمنعها، بل لتقنينها وتنظيمها".