بدأت منصة "نتفليكس" في عرض مسلسلها الجديد "الجاسوس" (The spy) منذ يوم الجمعة الماضي، وهو عمل جرى تصوير جزء كبير منه في المغرب، لكنه لقي انتقادات كثيرة، حيث اعتُبر من لدن من شاهدوه "بروباغندا إسرائيلية". يحكي المسلسل القصير، الذي يتكون من ست حلقات، أحداثاً حقيقية حول إيلي كوهن، وهو عميل لدى الموساد قام بمهمة استخبارية في سوريا في ستينات القرن الماضي، حيث نجح في دخولها باسم كامل أمين ثابت، وكاد أن يصل إلى منصب نائب وزير الدفاع قبل أن يتم كشفه. ويُعتبر إيلي كوهن أشهر الجواسيس الإسرائيليين، قام بمهمة كانت محفوفة بالمخاطر، وتمكن من الوصول إلى معلومات حساسة في سوريا كانت عاملاً حاسماً في السيطرة على الجولان عام 1967، بحسب ما يروي المسلسل. وقد قام بتجسيد دور الجاسوس الإسرائيلي رقم 88 الممثل الكوميدي الإنجليزي ساشا بارون كوهين، إلى جانب الممثلة الإسرائيلية هادار راتزون روتيم، التي قامت بدور زوج إيلي نادية، أما التأليف والإخراج فقد قام به الإسرائيلي جدعون راف. وصُور جزء من هذا المسلسل في المغرب، وبالضبط في مدينة فاس ونواحيها، كما شارك فيه عدد من الممثلين المغاربة في أدوار ثانوية مثل دور موظف في مكتب الموساد في إسرائيل، ودور جندي سوري في الحدود السورية اللبنانية. ورأى عدد ممن شاهدوا هذا المسلسل أن صاحبه حرص بشكل كبير على أن يجعل لدى المتفرج انطباعاً بالتعاطف مع اليهود وتصويرهم بأنهم ضحايا لسوريا والعرب، إضافة إلى الحديث عن عدد من الوقائع التي لم يثبت أنها حقيقية. أغلب التعليقات حول المسلسل تقول إنه عبارة عن دعاية إسرائيلية بامتياز، مؤكدة أن مخرجه عمل على تجسيد الجاسوس في صورة بطل، وإظهار المجتمع الإسرائيلي كأنه مجتمع قائم على البطولة وحب الأسرة، في مقابل المجتمع السوري الذي يسوده الفساد والمجون. وكان هذا الجاسوس قد ازداد في مصر سنة 1924 من أسرة هاجرت إلى مصر من مدينة حلب السورية، والتحق في طفولته بمدارس دينية يهودية، ثم درس الهندسة في جامعة القاهرة، وكان يتقن الحديث بالعبرية والعربية والفرنسية، وعمل في مجال المحاسبة، لكنه رغب دائماً في الالتحاق بالاستخبارات الإسرائيلية، وتحقق له ذلك بعد أن هاجر من مصر إلى إسرائيل. حين تم تجنيده من طرف الموساد، أُعدت له طريقة مثيرة للالتحاق بسوريا، حيث ذهب إلى الأرجنتين سنة 1961 على أساس أنه سوري مسلم اسمه كامل أمين ثابت، ونجح هناك في بناء علاقات وطيدة كرجل أعمال ناجح متحمس لوطنه الأصلي سوريا، وخلال مقامه في بيونس أيرس نجح في أن يكون صديقاً للملحق العسكري للسفارة السورية أمين الحافظ، الذي أصبح رئيساً لسوريا لاحقاً بعد انقلاب خطط له بمساعدة الجاسوس. أكمل الجاسوس خطته بالعودة إلى "بلاده" دمشق سنة 1962، وبنى علاقات قوية مع شخصيات في السلطة وكبار ضباط الجيش، وكان يُرسل المعلومات التي يتحصل عليها من شقته قرب مقر قيادة الجيش السوري عبر آلة خاصة، لكن حدث أن رصد أحد العسكريين تشويشاً تصدره هذه الآلة ليتم اقتحام الشقة والقبض عليه متلبساً. جرى إعدام الجاسوس أمام الملأ وسط دمشق، وتُركت جثته لساعات، ولم تنجح مساعي عدة قامت بها إسرائيل لإنقاذه من الإعدام، كما لم تتم إلى حد الساعة استعادة جثته إلى إسرائيل، وهو المطلب الذي ما زالت زوجته تسعى لتحقيقه.