جولة جديدة من مشاورات التّعديل الحكومي تنطلق بداية الأسبوع المقبل، وستدفعُ رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إلى طرح كلّ ما في جعبتهِ لإنقاذ الدّخول السياسي المرتقب، خاصة مع تزايد الضّغط عليه مع اقتراب افتتاح الدورة التشريعية التي عادة ما تكون مناسبة يلقي فيها عاهل البلاد خطاباً رسمياً يوجّه فيه عمل الحكومة. ويعوّل العثماني على حلفائه في الأغلبية لربح رهان التعديل الحكومي الذي طالب به الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير. ولا تظهر أيّ مؤشرات تبيّن تقدّم رئيس الحكومة في مشاوراته مع فريقه الحكومي، بينما يؤكّد مصدر مقرّب منه أنّه ينتظر إشارات من جهات في الدولة لرسم مسارات التّعديل. "الأحرار" إلى المعارضة يرى الأستاذ الجامعي عبد الرحيم المنار السليمي أنّ من "الصّعب تصور حدوث سيناريو "البلوكاج" الحكومي للعثماني على شاكلة ما وقع لبنكيران"؛ ولا يعتقد أن "حزبا ما من مكونات الأغلبية له القوة الكافية اليوم لكي يقوم بذلك، فالسّياق مختلف، ويبدو أن كل حزب من أحزاب الأغلبية يبحث في هذه اللحظة عن النجاة من الغرق"، وفق تعبيره. ويشرح الأستاذ الجامعي أنّ "هذا الشعور موجود عند الحزبين الرئيسيين في التحالف الحكومي، العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار؛ فكلاهما باتت عقليته تفكر في سيناريوهات الانتخابات التشريعية القادمة، بمعنى أنهما دخلا سيكولوجية الانتخابات، لذلك تكون كل الاحتمالات معهما واردة إلا احتمال بلوكاج جديد". ويتوقّف المحلل السياسي عند سيناريو "البلوكاج" الذي "يمكن أن يوظّفه العثماني في حالة حدوثه في البحث عن منفذ الذهاب نحو انتخابات سابقة لأوانها؛ وهي فرضية إذا تحققت الآن ستكون مدخل إنقاذ لحزب العدالة والتنمية قبل غرقه النهائي بعد سنتين، في حالة استمراره في قيادة الحكومة الحالية؛ لأن السنتين المقبلتين مصيريتان بالنسبة إليه". بينما التجمع الوطني للأحرار، يردفُ الباحث، "يبحث عن صيغة لإنقاذ نفسه من تحمل تبعات الأداء الضعيف لحكومة العثماني"، مبرزاً أنّ "السيناريو الذي يفكر فيه قادة الأحرار للنجاة هو مغادرة الحكومة". ويورد الباحث في العلوم السياسية أنّ "التوازن السيكولوجي في البحث عن الإنقاذ يجعل الحزبين معا يبحثان عن تفادي البلوكاج، ولكنهما يفكران في تغيير قد يكون خروج التجمع الوطني للأحرار إلى المعارضة". ويذهب السليمي في تحليله بعيداً في رسم الخيارات المطروحة أمام "حزب الأحرار"، موردا: "إذا فكر التجمع بشكل جيد في الانتخابات القادمة فإنه سيختار مغادرة حكومة العثماني، مع إعطاء ضمانات بممارسة "معارضة نقدية" في مجلس النواب؛ وبذلك يترك المغاربة يكتشفون بوضوح طريقة تسيير العدالة والتنمية للحكومة دونه". ويحمّل السليمي قطبي الأغلبية، الأحرار والعدالة والتنمية، مسؤولية ضعف العمل الحكومي طيلة ما يفوق السنوات الخمس الماضية، ويؤكد في هذا الصّدد: "سيكون من الخطورة جدا أن يكملا معا العمل الحكومي داخل الأغلبية الحالية ويعودا بنفس الشكل بعد الانتخابات المقبلة". مشاورات بطعم الاقتتال من جانبه، يرى مصطفى كرين، رئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية، أنّ "الحقل السياسي بات يعيشُ على وقع الانتظارية، في أفق إعلان لجنة النموذج التنموي وتأثير ذلك على شكل وبرنامج الحكومة المقبلة". ويتوقّف كرين عند مشاورات التعديل الحكومي التي تأتي في ظل عدم الانسجام بين مكونات الحكومة، وفي ظل المزايدات الحزبية الرامية إلى تصفية الحسابات التنظيمية داخليا، والاستعداد للانتخابات المقبلة التي يبقى احتمال إجرائها مبكرا وارد جدا". وزاد المحلل ذاته: "هي مشاورات بطعم الاقتتال السياسي والحزبي؛ ولا أتصور أنها تدور حول شروع مجتمعي معين، لذلك لا أنتظر منها شخصيا أي اختراق، بل ستتمحور حول عدد الحقائب والدفع ببعض الأسماء والمقربين الذين لن يكونوا بالضرورة من الوجوه الجديدة".