يستفحل احتلال المِلك العمومي في مدينة سلا بشكل لافت، إلى درجةٍ باتتْ معها عدد من الشوارع الكبرى شبه محتلة، بأرصفتها وقارعتها، بالرغم من بعض الحملات التي تقوم بها السلطات، والتي ما تكاد تنتهي حتى يعود الباعة المتجولون ليحتلوا أماكنهم وسط غضب السكان المتضررين. لا يستثني احتلال الملك العمومي أيّ حي من أحياء مدينة سلا، من حي اشماعو إلى تابريكت وحي الانبعاث والمدينة القديمة، وغيرها من الأحياء التي أصبح القاطنون بها يعانون الأمرّين، إذ لم يعودوا يجدون أماكن فارغة حتى لركْن سياراتهم، أو التنقل بها وسط الشوارع بسلاسة. يوم الثلاثاء الماضي، اجتمع مواطنون من حي سعيد حجي برئيس الملحقة الإدارية لحي اشماعو، نقلوا إليه معاناتهم اليومية مع احتلال الملك العام في حيهم، وتمخض الاجتماع عن تدخل السلطات لتحرير الملك العام المحتل؛ لكن لم تمْض سوى ساعات قليلة حتى عاد البائعون الجائلون ليحتلوا بعرباتهم أرصفة وقارعة الشوارع. في حي تابريكت، قامت السلطات بهدم عدد من البنايات الزائدة في الشارع المحاذي لإقامة العروصي، بعد إعادة تهيئته؛ غير أن بعض أصحاب البيوت أقدم، بعد أيام قليلة فقط من انسحاب الجرافات وآليات الهدم، على إنشاء إضافات جديدة على الرصيف، ومنهم من طوّق مساحة كبيرة من الرصيف بسياج مثبت على أعمدة صبغها بالأحمر والأبيض، في خرق للقانون. في المدينة القديمة بسلا، تجاوز أصحاب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية احتلال الأرصفة إلى احتلال مساحة كبيرة من قارعة الطريق، حيث لم يعد أمام المُشاة، ومنهم السياح الأجانب، سوى المشي جنبا إلى جنب مع العربات والدراجات. "هناك شوارعُ كبيرة وأحياء أضحى التحرك فيها بالسيارة شبه مستحيل، مثل شارع حمان الفطواكي بحي اشماعو، وشارع أحمد الراشدي بباب المريسة، وشارع عبد الرحيم بوعبيد، والمدينة القديمة، وغيرها من الشوارع"، يقول علي ابجيح، رئيس جمعية مستقبل سعيد حجي بسلا، مشيرا إلى أنّ ما يجعل نجاعة حملات تحرير الملْك العامة ضعيفة ضعفُ الوسائل اللوجيستية والبشرية المسخّرة لهذا الغرض. ودعا ابجيح السلطات إلى تمكين رؤساء الدوائر "القياد" من الوسائل اللوجستيكية والموارد البشرية الكافية للقيام بعمليات تحرير الملك العام، واستغلال الأسواق النموذجية التي أنشئت في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من أجل إيواء الباعة المتجوّلين المستحقين، وإعادة النظام إلى الشوارع والفضاءات العامة بسلا التي تسودها الفوضى. ووفق المعلومات التي حصلت عليها هسبريس، فإنّ ما يساهم في تفاقم احتلال الملْك العام بعدوة الرباط هو وجود أشخاص لديهم أموال يوظفون البائعين المتجولين، حيث يشترون لهم عربات ويزوّدونهم بالبضائع، مقابل أجر يومي؛ وهو ما يدفع البائعين المتجولين إلى الانتقال من بعض المدن، التي اشتدّ فيها الخناق عليهم، إلى مدينة سلا. من جهة ثانية، نبّهت جمعية مستقبل سعيد حجي إلى المخاطر الموازية لاحتلال الملك العمومي، كاستهلاك جميع أنواع المخدرات، وما يترتب عنها من مشاجرات وفوضى وكلام فاحش، علاوة على أنه يفضي إلى وقوع حوادث السير ويضر براحة وأمن السكان. ويبدو أنّ سلطات مدينة سلا استشعرت خطورة تنامي احتلال الملْك العمومي بالمدينة، وتعتزم القيام بعمليات لتحريره، حيث أكد باعة متجولون يتخذون من الشارع المحاذي ل"سويقة" تابريكت بالقرب من البريد أنهم توصلوا بإنذارات شفوية من طرف أعوان السلطان لإفراغ الأماكن التي يحتلونها في جنبات الشوارع.