يظهر أن مدينة سلا لم تعش زمانها بعد، فبالرغم من عمقها التاريخي، وتواجدها على بعد دقائق من العاصمة الرباط، فإنها مازالت لم تصنع لنفسها هوية واضحة ، فبعض المظاهر المتناقضة تجعل المرء يحار في تصنيفها، فالعربات المجرورة»الكرويلة» و البناء العشوائي، والأحياء الصفيحية ، وقطعان المواشي التي تقطع الطرقات ، تجعلك تحس بأنك تعيش في قرية كبيرة، أما ناقوس الطرام، وحركة السير التي تصل حد الإختناق، فتصفعك لتغير رأيك وتصنفها في خانة المدن غير المنظمة، حيث الفوضى تعم كل المرافق .فوضى يعيشها الاموات والأحياء. ...البناء العشوائي تعيش مدينة سلا ظاهرة خطيرة تتجلى في البناء العشوائي، هذا البناء غزا الكثير من المناطق،الشيء الذي يسائل المسؤولين عن الشأن المحلي والسلطات المحلية.البناء العشوائي حول مدينة سلا إلى «دوار كبير»، وهنا نتساءل أين تكون عيون هؤلاء المسؤولين التي ترقب كل شيء أما في ظاهرة البناء العشوائي فتغمض العين .إغماض العين ينتهي بعد الإنتهاء من البناء وبعد أن تكون الصناديق الإسمنتية قد أنجزت، وهنا يأتي قرار الهدم.هذه الحالة تسببت في الكثير من الإصطدام بين السلطات المحلية ،والسكان المتجاوزين لقوانين التعمير كما وقع مؤخرا بمنطقة» عنق اجمل» حيث تم هدم العديد من المنازل العشوائية، كما تم اعتقال العديد من السكان.البناء العشوائي يطال الأحياء الجديدة، حيث أن هناك طرقات تم قطعها بسبب البناء العشوائي. ... احتلال الملك العمومي بعيدا عن بناء المنازل بطريقة عشوائية، تعرف العديد من الأحياء احتلالا فاضحا للملك العمومي من طرف الباعة المتجولين ، كما هوالحال بحي سيدي موسى،الذي أصبح فيه شارع النصر الذي يعد شريانا رئيسيا في الحي مقطوعا بشكل كامل،الشيء الذي تضرر منه أصحاب المحلات التجارية الموجودون على الشارع.نصب الخيام وسط الشارع من طرف الباعة المتجولين لايزال قائما بالرغم من بناء سوق يومي بلغت تكاليف تسقيفه فقط مليوني درهم. هذا السوق لايزال لم يشرع في استغلاله بعد بالرغم من كون الأشغال قد انتهت فيه! انتشار الباعة المتجولين بدأ يظهر بشكل لافت مرة أخرى بحي اشماعو ، ويحمل السكان تبعات رجوع الوضع إلى قائد الدائرة الذي عليه السهر على حماية إنجاز حققه السكان بمعية السلطات، وكان على رأسها العامل السابق الذي سهر شخصيا على تنفيذ وعوده لساكنة حي اشماعو، ومنذ سنة تقريبا أصبح تواجد رجال القوات المساعدة يوميا لكن يجب أن يوازى ذلك بحزم ممثل السلطة المحلية، لأن الصرامة تعود إليه أولا وأخيرا. احتلال الملك العمومي أصبح يتجلى أيضا في استغلال المقاهي للأرصفة وبشكل فاضح وفج ،الشيء الذي أصبح يهدد حياة الراجلين الذين اصبحوا مضطرين للمشي وسط الطريق، وذلك بكل أحياء سلا. مقرات إدارية بدون هوية ولا علم وطني بمقاطعة لمريسة، فإن العديد من مكاتب الحالة المدنية وتصحيح الإمضاء بدون هوية، و بدون علم وطني فوق البناية، وهذا يدل على أن المسؤولين عن تسيير الشأن المحلي بهذه المقاطعة لايولون أي اهتمام لمسألة مهمة.وهنا نطرح حالة مكتب الحالة المدنية وتصحيح الإمضاء بحي اشماعوالذي يتكون من سفلي وثلاثة طوابق، خصص طابقان للسكنى ، في حين أن الموظفين يتكدسون في الطابق الأول، ونفس الشيء يعاني منه السكان، خاصة وأن حي اشماعو يعد من أكبر الأحياء كثافة سكانية، أما الطابق السفلي فقد خصص لكي يكون مستودعا وهنا نتساءل : هل يمكن أن يستغل طابق أرضي كمستودع وهل يمكن أن يسع الكثير من المعدات؟ غياب العلم الوطني، نلاحظه أيضا في مكاتب أخرى خاصة بالغرابلية، وقد قادتنا جولتنا في المدينة عبر العديد من مكاتب الجماعات إلى الوقوف على العديد من غياب الإهتمام بفضاءات المكاتب ، فقد تجد النوافذ مكسرة وقاعات الانتظار غائبة، وقد مدنا نوفل بنتهامي المسؤول عن لجنة الأشغال بالجماعة الحضرية لسلا، برسائل كان بعثها إلى العامل السابق وإلى الديوان الملكي يثير فيها الإنتباه إلى غياب العلم الوطني فوق مكاتب تابعة للمقاطعات ، وإلى الحالة التي يوجد عليها العلم الوطني فوق بعض منها . وبعيدا عن اهتمام المسؤولين بالمكاتب، أدهشتنا الحالة الميكانيكية لسيارة تابعة لجماعة لمريسة والمخصصة لأحد نواب رئيس المقاطعة ،وهي سيارة من نوع فياط أونو طالها التقادم ،ومشدود بعض أجزائها بلصاق«اسكوتش»، وهنا يطرح السؤال: كيف تجتاز هذه السيارة الفحص التقني ويسمح لها بالسير ؟ . أما في جماعة تابريكت، فإنه وبالقرب من مصلحة البريد توجد بناية غريبة من حيث مساحتها وهي تشبه الكشك، وتستغل كملحقة إدارية، مايجعلك تعرف هويتها هو تلك اللوحة المكتوب عليها «ملحقة المزرعة الإدارية»، ولكن يبقى التساؤل كيف يمكن لموظف أن يقضي يومه داخل هذا القفص؟ وكيف للمواطن أن ينجز وثائقه في فضاء جد ضيق ، إذ يكون لزاما عليه الإنتظار دوره خارجا تحت الأمطار شتاء والقيظ صيفا. مقابرغير محروسة وقبور منتهكة في جولة لكل مقابر مدينة سلا ( بلعباس، عنق أجمل ، الحي الملكي، سيدي عبدالله، سيد الضاوي) ، يظهر بأن هذه المقابر غير محروسة، وغير قادرة على حماية القبور من العبث ، كما يمكن أن ترتكب داخلها جرائم أو تخفى في فضائها غير المحروس جرائم تحت دريعة الدفن خاصة وأنه يمكن أن يتم بدون القيام بالإجراءات القانونية.ففي مقبرة بلعباس التي تم جرف قبورها بدعوى مرور أكثر من أربعين عاما على دفن موتاها ، تصطدم بواقع يثير الحزن نظرا للإهمال ، وطريقة جرف المقابر.فالعديد من الشواهد مرمية بعيدا عن القبور،الشيء الذي جعلها غير شاهدة على أي شيء. الخطير أيضا داخل هذه المقبرة، أنه ما أن تدخل وتبدأ في التجول، حتى يحاصرك حفارون للقبور، يعرضون عليك خدمة تجديد دفن رفات ،إذا كنت تعرف مكان القبر الذي جرفته «التراكس».الغريب أيضا أن هذه العملية لاتتطلب أي إجراء إداري، وهنا تكمن الخطورة ، إذ يمكن التحايل على حفاري القبور، ودفن جثة لايعرف أحد سبب وفاتها، وهذا يمكن أن يجعل بعض الجرائم تامة ، والتخلص من الجثة يكون سهلا، وقد اندهشنا عندما سألنا حفار عن اسم الميت الذي نريد إعادة دفنه، فكان أن أعطيناه إسما بطريقة عبثية ، فأخبرنا بأنه مر على هذا القبر وتوجه إلى الجهة المطلة على المحجز البلدي، مؤكدا علمه بالمكان مع العلم أن هذا المكان كثيف النباتات ،والرؤية فيه محجوبة، الشيء الذي يسهل أي عملية دفن غير قانونية.هذه المقبرة تعيش حالة غريبة أخرى ، ذلك أن بداخلها وبالقرب من القبور المخربة عن آخرها إلا ما تم تجديديها، يوجد ملعب لكرة القدم. الملعب يتوفر على مرميين ، وهذا يعني بأن اللعب لا يتم خلسة ولكن يتم أمام أعين الجميع ، وبذلك يتأكد بالملموس اهتمام المسؤولين عن الشأن المحلي باحترام حرمة المقابر! أما مقبرة الحي الملكي، فإنها لا تتوفر على باب لكونها مكسرة ، كما أنها لاتتوفر على حارس، وقد وقفنا في عين المكان كيف أن بعض القبور تحمل رقمين، وأخرى بدون هوية، وهنا يتم طرح السؤال:كيف تم دفن موتى هذه القبور؟ في نفس المقبرة تحول ركن منها إلى مزبلة في غياب تام لاحترام حرمة القبور، كما أن البعض منها أصبح مهددا بالإنجراف بفعل تواجده في مكان عال يعرف انجراف التربة، والواضح أنه ليست هناك أية نية لتدارك واستباق الوضع بوضع حواجز تبعد خطر إتلاف هذه القبور. أما مقبرة «عنق اجمل « التي عرفت منطقتها مؤخرا عملية هدم للبناء العشوائي ، فإن المقبرة معزولة وبدون سور، كما أن طريقها غير معبدة وغير سالكة في فصل الشتاء، حيث أنه مع الأمطار، يستحيل ولوج المقبرة و لو سيرا على الأقدام نظرا لضيقها ووعورتها. مقابل هذا الغياب التام للإهتمام بمقابر المسلمين ، لاحظنا وغير بعيد عن مقبرة بلعباس، كيف أن مقبرة اليهود المغاربة ،تتوفر على باب ومحروسة، ليس بحارس خاص فقط، ولكن وجدنا في مدخلها أيضا رجل أمن بزيه الرسمي كما أن مدخلها معبد بالإسمنت. أما مقبرة المسيحيين بالقرب من سينما اوبرا بحي تابريكت، والتي هي مغلقة ، فإنها مسورة بسور عال جدا ، ولها أبواب موصدة. ... الأزبال مصدرقلق آخر بفعل غياب الصرامة في تطبيق دفتر التحملات في ما يخص التدبير المفوض لجمع الأزبال المبرم مع العديد من الشركات بمدينة سلا، والتي تختلف من مقاطعة إلى أخرى ، تحولت الأحياء والشوارع إلى مطارح للأزبال مع ما يسببه ذلك من مخاطر تهدد صحة المواطنين خصوصا وأن الأزبال قد تمر على تراكمها أيام عدة، وإذا ما وضعنا في الحسبان تأثير الحرارة على تحلل الأزبال المتراكمة ، فإننا سنقف على حجم الخطر الذي يتهدد السكان. خطر الأزبال أصبح يهدد الشريط الساحلي الممتد من سيدي موسى إلى باب البرج ، حيث استثمر بعض المواطنين في مطاعم السمك و الذين سيجدون أنفسهم مهددين بفقدان زبائنهم .المحزن هو أن المواطن السلاوي أصبح يشاهد شاحنات جمع الأزبال تفرغ فيه بعض محتوياتها ، في حين كان يجب الإهتمام بهذا الباب ، كمعلمة تاريخية ، تشهد على تاريخ مدينة سلا. فهل مجلس مدينة سلا عاجز إلى هذا الحد عن التصدي لعدم وفاء الشركات المفوض لها بجمع الأزبال؟وهل له «الكبدة» على الأموال الطائلة التي تصرف إلى هذه الشركات مقابل التزامات لاتنفذها أو تنفذها ناقصة؟ غياب الفضاءات الرياضية في مدينة تعد ثاني مدينة من حيث الكثافة السكانية بالمغرب ، فإن الفضاءات الرياضية تبقى آخر شيء يفكر فيه. فالمدينة تتوفر على ملعب واحد لكرة القدم ،وهو في حاجة إلى العديد من الإصلاحات، نظرا لغياب منصة به والتي نسمع دائما عن القرب من بنائها كلما كان هناك موعد انتخابي. إلى جانب هذا، هناك غياب لملاعب القرب بالمدينة والتي يمكنها ان تبعد شبان مدينة سلا عن الكثير من مظاهر الانحراف . .وليكتمل الوضع مأساوية هناك قاعة مغطاة بحي كريمة بدأت تتلاشى ولما يتم افتتاحها بعد. هذه القاعة تكسرت نوافذها ، وأصبح محيطها مسرحا لسلوكات أخرى منحرفة، وهنا أيضا نتساءل عن السر في العبث بالمال العام في قاعة لم تستغل من طرف ساكنة حي كريمة وتابريكت؟ مقابل هذه القاعة ،غير المستغلة، هناك قاعة لمريسة التي لايستفيد منها إلا فريق الجمعية السلاوية لكرة السلة في تداريبه، وليبقى كل أبناء باب سبتة ،وسيدي موسى والمدينة القديمة محرومين من هذه القاعة.مقابل هذا الغياب التام للمرافق الرياضية نلاحظ وبشكل مقلق، غزو الإسمنت المسلح الذي حرم السكان من فضاءات رياضية ومنتزهات، ومنحه أقفاصا لاحياة فيها.وهنا نسائل المسؤولين الجماعيين عن دورهم في الحد من جشع المجزئين والمقاولين في العقار و الذين لم يعد لهم من هم إلا الصناديق الإسمنتية على حساب فضاءات تساهم في الترفيه على السكان؟ أشغال حَفْر الطرقات ..! تم مؤخرا غرس العديد من الأشجار على جنبات الطريق الساحلي من الجهتين ، الكل استحسن الفكرة ،لكن هذه الأشجار التي تمتد من قصبة كناوة إلى مستوى حي سعيد حجي، بدأت تيبس ولم يمر على غرسها إلا بضعة أيام، وهناك من أرجع السبب إلى أن الأشجار لم تغرس بل تم وضعها «كيف ماجاب الله» ، وهناك من فسر موت الأشجار بكونها من النوع الذي لم يتحمل ملوحة البحر، لكن الأكيد هو أن أموالا طائلة تم تبذيرها في عملية لم يتم التعامل معها بالشكل المطلوب. وتشهد الكثير من الشوارع في العديد من الأحياء عمليات حفر من أجل مد أسلاك الكهرباء للأضواءالثلاثة ،كما هو الحال بملتقى الطرق بحي كريمة، أو بطريق مهدية بحي اشماعو حيث تم وضع مكسرات للسرعة بشكل رديء جدا، أو تلك التي يقوم بها المقاولون، كما هو الحال بالأشغال التي قام بها أحدهم قرب التكوين المهني بحي اشماعو، لكنه عند الإصلاح «قضا باش ماكان». الغريب هو أن عملية الحفر لايراقب إصلاحها من طرف المصالح المختصة، الشيء الذي أصبح يهدد عجلات السيارات والنوابض ، كما هو الحال بحي كريمة ،بل إن خطورة وجود حفرة بدأ عمقها يزداد يوما بعد يوم أصبح يخلق مشاكل كبيرة للسائقين ، الذين أصبحوا مجبرين على التوقف قبل تجاوزها، وذلك تفاديا لما يمكن أن تتسبب فيه هذه الحفرة، لكن ذلك يتسبب في الحوادث خاصة أن هذه المنطقة تعرف حركة سير كثيفة طيلة النهار. هذه اللامبالاة، أو المحاباة تفضي أيضا إلى تبذير المال العام،لأن هناك شوارع لم يتم تزفيتها إلا مؤخرا وصرفت عليها أموال كثيرة، أصبحت تعاني من التلاشي والأمثلة كثيرة بكل مدينة سلا. ... الشيشا مصدر قلق أيضا لم تكتف المقاهي باستغلال الأرصفة، بل أصبح البعض منها فضاء لتدخين الشيشا، هذا الوضع كان موضوع احتجاجات السكان في العديد من الأحياء بمدينة سلا، وما تتم ملاحظته هوانتقائية السلطات المحلية في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة ،التي تؤثر سلبا على صحة المواطنين، فالسلطات تغلق بعض المقاهي وتترك المجال مفتوحا للأخرى، وهناك تفسيرات عدة لهذا السلوك، وهنا نسرد مايقع في حي اشماعو، وحي كريمة،المدينة العتيقة، وغيرها من الأحياء.