وصلت الدولة إلى نتيجة حتمية في فشل سياستها التنموية الماضية، واستنفاد مهامها، وباتت تفكر من جديد في بناء نهج منسق ومتوازن لنموذج تنموي جديد برؤية تفاعلية. وصلت الدولة إلى التفكير في إعادة بناء الثقة المبتورة، وربط التماسك الوطني لأجل حلم المستقبل بتنمية مندمجة. أيقنت الدولة الاستمرار في صياغة التصالح مع الفئات الهشة بربوع المملكة؛ لكن حين تفكر الدولة في التصالح لا بد لها أن تستحضر بالأولوية مدينة مكناس التي غابت عنها التنمية الكبرى المدعومة. على الدولة أن تستحضر أن مكناس باتت من هوامش مدن الحظوة في التنمية، أن مكناس لا بد أن تنال حقها من المال العام دون تعسف أو تسويف مماطلة. قبل التفكير في النموذج التنموي الجديد بمدينة مكناس، كان لزاما التساؤل: هل مدينة مكناس متهيئة لتحتضن مشاريع النموذج التنموي الجديد؟، هل ستكون بداية النموذج التنموي الجديد بمكناس طفرة نوعية أم ممكن أن يمرر بصيغة "البريكولاج" والترقيع ؟، هل مكناس تفكر بلغة الابتكار أم بتنمية "قدي وعدي" وسياسة الترميم؟، هل مكناس قادرة على نفض غبارها المستديم نحو المناداة بتحقيق مدينة ذكية؟. فإذا كانت الغاية من التنمية أولا تحقيق الرفاه للمواطنين وتحسين ظروف معيشتهم ووضع الاعتبار للأجيال المستقبل، فإن مدينة مكناس لا تمتلك من التنمية إلا صيغة "ثقيب البغرير، والترقيع المستديم"، لا تمتلك سندا سياسيا رفيعا يرفع حاجيات مدينة وساكنة جهويا ووطنيا. الآن الحديث عن النموذج التنموي الجديد على الصعيد الوطني وأهل الحل والعقد في شأن تنمية مكناس يرددون لازمة: (نحن في عطلة لا داعي للسرعة). مطالب مدينة مكناس وغيرها من مدن هوامش التنمية تتمثل في البساطة الواقعية، تتمثل في اقتسام أثر الازدهار الوطني بين المواطنين وحتى بين المجالات الترابية بلا محاباة (جهة على جهة)، ولا بوازع الإرضاءات والامتثال للضغوطات الشعبية. تستشرف مدينة مكناس في النموذج التنموي الجديد عدالة اجتماعية ومكافحة للامتيازات وحرقا للطواحين السياسية الفارغة، تستهدف ضمان تموقع أفضل للمدينة ضمن الجهة والوطن، تبتغي تعزيز أرضية القيم عبر منظور الثقافة والرياضة كرافعتين للتنمية. هو طموح مدينة وساكنة لتخطي ركود ما يصطلح عليه "التنمية في وضعية إعاقة بمكناس"، هي دعوة صريحة إلى رئاسة مجلس جماعة مكناس والسلطة المحلية على ضرورة صناعة نموذج تنموي تفاعلي، وتحريك التفكير في إدماج محددات النموذج الجديد في محددات برنامج عمل الجماعة . هي مداخل جديدة لتنمية التمكين بمكناس التي يجب أن تستحضر النقاط الكبرى للحكامة والنزاهة ومحاربة الفساد، والمحافظة على المجال البيئي وحماية تراث المدينة. ممكن أن يتم التفكير بالعقل الجمعي في احتياجات مدينة مكناس من النموذج التنموي الجديد بالسبق، ممكن أن نضع سقفا عاليا لمطالب مدينة وساكنة لأجل تنمية عادلة توفر الرعاية الصحية والتربية والتكوين، توفر الأمن وتنهض بالشباب والرياضة. ممكن أن نصنع التفرد، ونخلق مشاورات قطاعية داخلية وبناء ورقة تركيبية للترافع عن تموقع طموح مدينة مكناس ضمن النموذج التنموي الجديد.