تستمرّ ردود الأفعال على موافقة البرلمان، بغرفتيه، على مشروع القانون الإطار المتعلّق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، الذي ينتظر الصدور في الجريدة الرسمية. وعبّر حزب النهضة والفضيلة عن "رفضه الصريح والتام للطريقة التي تم بها التقرير في مصير ملف حيوي يمس هوية المغاربة ومستقبل أبنائهم"، وخصّ بالذّكر "المادّتين 2 و31 من القانون الإطار". مثمّنا "كافة المبادرات والفعاليات، الرامية إلى صيانة الهوّيّة المغربية، والدّفاع عن مقوّماتها الحضارية"، معبّرا عن ترحيبه ب"الانضمام إليها". وتتحدّث المادّتان، اللّتان رفضهما الحزب وأثارتا جدلا وطنيا، عن "التناوب اللغوي" الذي عُرّف في المادّة الثانية من القانون الإطار، وفق النصّ الذي وافق عليه مجلس المستشارين مطلع شهر غشت الجاري، بوصفه "مقاربة بيداغوجية، وخيارا تربويا متدرّجا، يستثمر في التّعليم المتعدّد للّغات، بهدف تنويع لغات التّدريس إلى جانب اللّغتَين الرسميّتين للدّولة، وذلك بتدريس بعض المواد، ولاسيما العلمية والتّقنية منها، أو بعض المضامين أو المجزوءات في بعض المواد بلغة أو بلغات أجنبية". كما تتحدّث المادة الحادية والثلاثون، من القانون نفسِه، عن إعمال مبدأ التناوب اللغوي في التدريس. وشدّد حزب النهضة والفضيلة على أنّ "حماية اللغة العربية، وصيانة الهوية الحضارية للشعب المغربي، ووجوده التاريخي من الطمس والاختراق والاستلاب، من صميم الأسس التي تقوم عليها مؤسسة إمارة المؤمنين". وأضاف أن هذا قد شكّل عنوانا مركزيا ل"نضال الحركة الوطنية، وحركة المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي، الذي فشل في ضرب سيادة المغاربة واستقلالهم وفَرْضِ التّبعيّة اللغوية والثقافية". واستحضر الحزب تحديد الدستور المغربي في فصله الخامس معالم اللغات الوطنية، ودعوة منطوقه إلى "أن تظل العربية اللغة الرسمية للدولة، وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها". وذكر حزب النهضة والفضيلة أن القانون الإطار "يشكل غطاء قانونيا لفرض اللغة الفرنسية على أبناء المغاربة في كل أسلاك التعليم، ضدا على صريح الدستور، ومنهجه القائم على صيانة وحدة واستقلال وكرامة المغاربة"، فضلا عن ما تعرِفُه "اللغة الفرنسية من تراجع على المستويات العلمية والتكنولوجية وتزايد محدودية تأثيرها في الإنتاج الحضاري العالمي". وتحدّث الحزب عن كون القانون الإطار يهم "المسألة التعليمية التي هي قضية استراتيجية تتعلق بالأمن اللغوي والفكري والثقافي للمغرب"، ثم استرسل قائلا: كان الأولى أن يتم عرض القانون على استشارة شعبية واسعة، بدل فرض وجهة نظر قدمتها لجنة تقنية، لا تأخذ بعين الاعتبار كل الجوانب التاريخية والسياسية والاجتماعية للموضوع". واتهّم النهضة والفضيلة الحكومة ب"استغلال الخلل الحاصل في تنزيل مقتضيات دستور 2011، وتمريرها القانون الإطار في غياب المجلس الأعلى للغات والثقافة، الذي من المفترض أن يكون في صلب مهامّه حماية الأمن اللغوي والثقافي المغربي"؛ وهو ما عدّه الحزب مؤشرا على أن "تعطيل تنزيل مجموعة من القوانين التنظيمية أمرٌ مقصودٌ، يحمل في طياته الكثير من العبث، والتخبّط، والتلاعب بمستقبل الشعب المغربي". تجدر الإشارة إلى أن مجموعة من الفعاليات السياسية والحزبية والثقافية والدينية، الإسلامية واليسارية، عبّرت عن رفضها للقانون الإطار، وكان أبرزها "جبهة ضدّ الفرنْسة" ضمّت وجوها مغربية بارزة؛ من بينها عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الأغلبية التي مرّرت القانون الإطار.