خلد الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، الخميس الماضي، الذكرى السادسة والستين لمظاهرة المشور، التي جسدت أروع صور النضال والتضحية والتحدي لمؤامرة السلطات الاستعمارية، المتمثلة في إبعاد ونفي رمز السيادة الوطنية والوحدة، الملك الراحل محمد الخامس، والعائلة الملكية إلى المنفى وتنصيب صنيعة الاستعمار ابن عرفة. وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في بلاغ لها بالمناسبة، أنه قبل أن تمتد يد المستعمر إلى رمز السيادة الوطنية، اجتمعت فلول الباشوات والقواد الموالين للإقامة العامة للحماية الفرنسية بمراكش، للتحضير لمبايعة ابن عرفة، مشيرة إلى أنه بمجرد أن وصل إلى علم الوطنيين أن ابن عرفة سيتم تنصيبه يوم الجمعة 14 غشت 1953 بمسجد الكتبية بمراكش، حتى هبوا لمواجهة هذه الفعلة النكراء والمؤامرة الدنيئة، حيث شهدت مدينة مراكش غليانا واحتقانا في أوساط الوطنيين والتنظيمات الشعبية. وأضافت المندوبية أن كلا من باب هيلانة وقاعة بنهيض عرفا اتصالات لتشكيلتين رئيسيتين أعطيت الأوامر فيها للمناضلين، بعد أداء القسم، للحيلولة بكل الوسائل دون ذكر اسم ابن عرفة في خطبة الجمعة بمساجد مراكش. كما جرت اتصالات مباشرة بالمسؤول عن تشكيلة قبيلة مسفيوة، وكذا قبيلة تاسلطانت، لتبليغ مضمون تلك التوجيهات واستقدام جماهير غفيرة من الوطنيين والمناضلين والمتطوعين للتصدي لخطة المستعمر بتنصيب صنيعته. وفي حمأة هذه الظروف، وقعت عدة حوادث بمختلف مساجد مراكش، كانت من أهمها حادثة مسجد المواسين، ومسجد الكتبية، مما أدى إلى إفشال وإحباط عملية التنصيب يوم الجمعة 14 غشت 1953، واضطرت السلطات الاستعمارية إلى تأجيلها إلى اليوم الموالي. وفي يوم السبت 15 غشت 1953 المشهود، هبت حشود الوطنيين والمواطنين إلى المشور بالقصر الملكي بمراكش للتعبير عن غضبهم، حيث واجه المتظاهرون دورية من البوليس الاستعماري كانت تجوب المكان، فتدخل أفراد الدورية لتفريق الجموع وإبعادها عن باب المشور، وبدؤوا يقذفون القنابل المسيلة للدموع، غير أن المتظاهرين أحاطوا بقوات الاحتلال، واشتبكوا معها بشجاعة نادرة وبحماسة متقدة. وقد عرفت هذه الانتفاضة مشاركة واسعة لفئات وشرائح المجتمع المغربي، ومنها المرأة المغربية. وأكدت المندوبية أن انتفاضة المشور بمدينة مراكش كان لها الأثر البليغ في إرباك مخططات المستعمر، الذي أدرك وأيقن تمام اليقين أن الشعب المغربي ملتف حول العرش المنيف، صامد في وجه كل محاولة للمساس بسيادته ومقدساته ورموزه، حريص على عزة الوطن وكرامته. وأضافت أن هذه المواقف البطولية تجددت أياما قلائل بعد إقدام السلطات الأمنية والاستعمارية على فعلتها النكراء، إذ هب الشهيد علال بن عبد الله يوم 11 شتنبر 1953 بساحة المشور بالقصر الملكي بالرباط ليواجه موكب ابن عرفة، مضحيا بروحه دفاعا عن السيادة والكرامة، التي انتفض الشعب المغربي عن بكرة أبيه للذود عنها بكافة أساليب النضال الممكنة من مظاهرات وأعمال فدائية ومعارك بطولية إلى أن تحقق النصر المبين، الذي وعد الله به عباده المؤمنين الصابرين، تضيف المندوبية. وأبرزت أن أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تخلد، ككل سنة، هذه الذكرى المجيدة، لتستلهم من هذه الوقفة، وقفة الوفاء والبرور والعرفان، القيم الوطنية المثلى، وأمجاد وروائع الكفاح الوطني، التي هي مبعث فخر واعتزاز وإكبار للمغاربة جميعا، ومصدر قوة وتضامن وتماسك لمواصلة مسيرة بناء المغرب الحديث، في إجماع وطني حول ثوابت الأمة ومقدساتها وخياراتها الكبرى، كما ورد في الخطاب السامي، الذي ألقاه الملك محمد السادس في 29 يوليوز 2019، بمناسبة الذكرى ال 20 لعيد العرش.