إن تعريف الهوية عرف العديد من التطورات عبر الأزمان، ويختلف من عالم أو باحث إلى آخر، وذلك حسب اهتماماته، فتعريف عالم النفس الاجتماعي ليس هو تعريف الفيلسوف، وهكذا دواليك. وسنورد في هذه المقالة أهم ما ورد من تعاريف من خلال التوجهين، وسنبدأ مع علم النفس الاجتماعي الذي يعرف الهوية كما يلي: الهوية هي مجمل السمات التي تميز شيئا عن غيره أو شخصا عن غيره أو مجموعة عن غيرها. كل منها يحمل عدة عناصر في هويته. عناصر الهوية هي شيء متحرك ديناميكي يمكن أن يبرز أحدها أو بعضها في مرحلة معينة وبعضها الآخر في مرحلة أخرى. وننتقل إلى تعريف الهوية عند الفلاسفة، والذي جاء كالآتي: الهويّة في الفلسفة هي حقيقة الشيء المطلقة، والتي تشتمل على صفاته الجوهريّة التي تميّزه عن غيره؛ كما أنها خاصيّة مطابقة الشيء لنفسه أو مثيله؛ ومن هنا فإنّ الهويّة الثقافيّة لمجتمعٍ ما تعتبر القدر الثابت والجوهري والمشترك من الميّزات والسمات العامة التي تميّز كل حضارةٍ أو مجتمعٍ عن الآخر. والهوية بضم الهاء وليس بفتحها كما يتداول بين البعض منا، لأن الهوية تعبير عن الهو أي هو...لها أنواع ومكونات، فأنواعها ترتبط بين بعضها البعض ولا يمكن الفصل بينها، بحيث إذا فصلنا أي نوع منها فستفقد الهوية عنصرا من عناصرها، وهذه بعض من أنواع الهوية التي تعتبر الأهم: الهويّة الوطنيّة: هي الهويّةُ التي تُستخدَمُ للإشارةِ إلى وطن الفرد، والتي يتمُّ التّعريفُ عنها من خلال البطاقة الشخصيّة التي تحتوي مجموعةٍ من المعلومات والبيانات التي يتميّزُ من خلالها الفرد الذي ينتمي إلى دولةٍ ما. الهويّة الثقافيّة: هي الهويّةُ التي ترتبطُ بمفهومِ الثّقافة التي يتميّزُ فيها مُجتمعٌ ما، وتعتمدُ بشكلٍ مُباشرٍ على اللّغة...إذ تتميّزُ الهويّة الثقافيّة بنقلها لطبيعة اللّغة بصفتها من العوامل الرئيسيّة في بناءِ ثقافة الأفراد في المجتمع. الهويّة العُمْريّة: هي الهويّةُ التي تُساهمُ في تصنيفِ الأفراد وفقاً لمرحلتهم العُمْريّة، وتُقسَمُ إلى الطّفولة، والشّباب، والرّجولة، والكهولة، وتُستخدَمُ عادةً في الإشارةِ إلى الأشخاص في مَواقفَ مُعيّنة، مثل تلقيّ العلاجات الطبيّة. الهوية الجنسية: ذكر-أنثى، رجل-امرأة الطبقة الاقتصادية والاجتماعية: فقيرة، متوسطة، ثرية القدرات والإعاقات: سليم البنية أم معاق… الهوية الإثنية: مغربي من أصل أمازيغيكندي من أصل تونسي… الهوية العرقية: أسود، أبيض، عربي، أمازيغي، إفريقي المنطقة: الريف، سوس، الشاوية ...تافيلالت، الصحراء وبالإضافة إلى هذه الأنواع هناك المكونات نجملها في ما يلي: الجنس، اللغة، التاريخ، الثقافة والدين... ومن خلال هذا الاستعراض المختصر لأنواع ومكونات الهوية، والتي تتداخل في ما بينها من حيث الشكل والمضمون، فإن الذين خرجوا بعريضة يدعون من خلالها الدفاع عن الهوية المغربية من خلال الدفاع عن التدريس باللغة العربية لكافة المواد الدراسية، رغم أنهم وأبناءهم وأحفادهم درسوا أو يدرسون المواد العلمية باللغة الفرنسية أو باللغة الإنجليزية، وقد تجدهم يتلعثمون في تكوين جملة مفيدة باللغة العربية - فهم يدعون وبدون خجل الدفاع عن الهوية من خلال اللغة، رغم أن اللغة هي عنصر واحد من بين العشرات من العناصر المكونة للهوية ...ثم لماذا اللغة العربية دون اللغة الأمازيغية، والتي هي لسان ثلثي الشعب المغربي؟ وما محل اللغة الحسانية في تصور هؤلاء؟ ... وهل القانون الإطار يلغي اللغة العربية من المؤسسات التعليمية؟ لا ثم لا، فأغلب المواد غير العلمية ستدرس باللغة العربية .... دعوها تستقيم يا سادة، دعوا أبناء البسطاء يتلقون حقهم من التعليم بلغة العلم للمواد العلمية في المدرسة العمومية، مادامت المؤسسات الخصوصية تدرس باللغة الفرنسية والإنجليزية كافة المواد وتخصص للغة العربية سويعات قليلة فقط. وقد تجد تلاميذ هذه المؤسسات يتحدثون في ما بينهم باللغة الأجنبية..فلماذا لم يتدخل هؤلاء في هذا الباب للدفاع عن اللغة؟ من هنا تظهر النية أو نوايا أصحاب العريضة، فالشعب المغربي شعب واحد وليس شعوب يا سادة، والهوية المغربية جد متنوعة من حيث اللغة والعرق كمكونين من مكونات الهوية، فهناك العربي والأمازيغي والصحراوي الناطق بالحسانية، ثم هناك الأندلسي الموريسكي والإفريقي...ولماذا تريدون تحريم ما تحللونه لأنفسكم وذويكم؟. وأخيرا وليس آخرا، لماذا لم تناقشوا باقي مواد وبنود القانون الإطار هذا؟ أين المجانية في عريضتكم والدفاع عنها؟ أين تعميم الجودة بمختلف مؤسساتنا العمومية وعبر ربوع الوطن وخاصة بالأرياف وبأعالي الجبال؟ وأين الموارد البشرية المؤهلة للقيام بهذه المهمة النبيلة من خرجتكم اللامحسوبة هذه؟ أين شروط العمل وتأهيل المدارس وتوفير كافة الوسائل والحاجيات؟ ثم لماذا لم تطرحوا تكوين أكاديمية تتخصص في تكييف اللغة العربية مع المواد العلمية، وتنتج مصطلحات علمية وتقنية تساير العصر؟ *معلم متقاعد