قال باحثون من الولاياتالمتحدة إنهم نجحوا في تصميم نموذج قلب مصغر، عبارة عن بطينين ينقبضان بشكل منتظم، وصمامين، باستخدام طابعة ثلاثية أبعاد، مؤكدين أن ذلك دليل على إمكانية استخدام هذه الطابعات مستقبلا في طباعة أعضاء الجسم. وقال آدم فاينبرج، كبير الباحثين في جامعة كارنيجي ميلون، بمدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا الأمريكية: "برهنا على أننا نستطيع طباعة أجزاء من القلب اعتمادا على الخلايا والكولاجين، وأن هذه الأجزاء قادرة فعلا على العمل، مثل صمام القلب أو البطين". أضاف فاينبرج: "استطعنا التوصل إلى هياكل تشريحية دقيقة خاصة بكل مريض على حدة" مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هذه الطريقة لم تصبح جاهزة للتطبيق العملي بعد. وأشار أندريو هودسون، المشارك في الدراسة، إلى أن "الكولاجين مادة حيوية مرغوب بها جدا في الطباعة ثلاثية الأبعاد لأن أي نسيج في جسمنا يتكون حرفيا من هذه المادة"، وأضاف: "ولكن المشكلة تكمن في أن هذه المادة تكون سائلة في البداية، مما يؤدي إلى تكون بقعة لزجة عند الطباعة، لذلك طورنا تقنية تمنع حدوث التشوه". يتم خلال هذه الطريقة التي أطلق عليها الباحثون اختصارا اسم "فريش" استخدام طابعة في تحميل الكولاجين طبقة فوق طبقة في حمام من السائل الهلامي يدعم التشكيل بداية، وبعد انتهاء عملية الطباعة يتم تسخين السائل الهلامي، الجِل، إلى درجة حرارة 37 درجة مئوية، أي درجة حرارة الجسم، بحيث يتبقى الهيكل النهائي، حسبما أوضح الباحثون في دراستهم التي نشروا نتائجها في العدد الحالي من مجلة "ساينس" العلمية. تبلغ درجة نقاء الطباعة 20 مايكرومتر (المايكرومتر يساوي واحد على الألف من الميلمتر)، أي أدق عشرة مرات من الطريقة السابقة التي استخدمت لنفس الغرض، والتي أعلن عنها الباحثون قبل أربع سنوات في مجلة "ساينس" أيضا. كما أن البنية المسامية بالغة الدقة تسمح، حسب الباحثين، بنمو الخلايا والأوعية الدموية داخلها. قام الباحثون خلال تجارب أخرى بعمل نماذج لبطين أيسر للقلب، وأضافوا إلى هذه النماذج خلايا من عضلة القلب، مطورة من خلايا جذعية جنينية بشرية، ومن أرومة ليفية، "وبعد أربعة أيام اندمج بطينا القلب بشكل واضح مع بعضهما البعض، وأصبحا متزامنين بعد سبعة أيام"، حسبما أوضح الباحثون. كما قام الباحثون بطبع صمام قلب بقطر 28 مليمترا. أكد الباحثون أن دراستهم دليل على إمكانية صناعة هياكل لأعضاء مختلفة من الجسم باستخدام هذه الطريقة، حتى وإن كانت لا تزال هناك الكثير من التحديات أمام ذلك، مثل مليارات الخلايا الضرورية لصناعة الأعضاء، والحصول على ترخيص للاستخدام الميداني في المستشفيات. قال الباحثون: "حتى وإن كان لا يزال من الضروري التوصل لطباعة ثلاثية الأبعاد لعضو قادر على القيام بوظيفته تماما، فقد أصبحنا قادرين الآن على تشكيل هياكل يمكن أن تشمل الصفات البنيوية والفنية والحيوية للأنسجة الأصلية". وفي تعليق على الدراسة بمجلة "ساينس" أكد كويني داسجوبتا و لورين بلاك من جامعة توفتس بولاية ماساشوستس الأمريكية، أن الطباعة ثلاثية الأبعاد باستخدام الكولاجين "مفيدة بشكل هائل" لأن الكولاجين هو أكثر بروتينات الجسم، إضافة إلى إمكانية إضافة مكونات نسيجية أخرى من خلال هذه الطريقة، مثل بروتين فيبريونجين وحمض الألجنيك (الجينات) و حمض الهيالورونيك. أكد كل من داسجوبتا وبلاك أن الطريقة لا تزال تحتاج الكثير من التحسينات، وقالا إنه من الضروري، من أجل محاكاة أنسجة الجسم المعقدة، الوصول إلى درجة نقاء طباعة تبلغ واحد مايكرومتر أو أقل، ولكنهما رأيا أن الطريقة تعتبر خطوة مهمة باتجاه إنتاج الأعضاء المطلوبة باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد. كما حذر قائد الدراسة نفسه، فاينبرج، من المبالغة في تعليق الآمال على هذه الطريقة، وقال: "لا تزال أمامنا الكثير من سنوات البحث، ولكن من المثير أننا حققنا خطوات تقدم حقيقية في الطريق إلى صناعة أنسجة بشرية وتحويلها إلى أعضاء. يشار إلى أن نقص الأعضاء يعتبر مشكلة عالمية، حيث إن أكثر من 4000 شخص في الولاياتالمتحدة، على سبيل المثال، ينتظرون الحصول على قلب من شخص بعد وفاته. وهناك في ألمانيا، حيث تجرى نحو 300 جراحة زرع قلب سنويا، ينتظر نحو 700 شخص فرصة الحصول على قلب، وذلك وفقا لبيانات المركزي الألماني للتوعية الصحية.