فريق علمي أمريكي يتمكن من تحقيق ما كان يعتبر مستحيلاً لزمن طويل، إذ أنتج أنسجة بشرية من خلال تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وباستخدام طابعة عادية يمكن شراؤها من أي محل للإلكترونيات، ولكن بعد إدخال بعض التعديلات عليها. تطورت تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، إذ بات بالإمكان طباعة جسور بأكملها، بالإضافة إلى قطع أثاث وديكورات معقدة التفاصيل، إلى جانب إنتاج أطراف صناعية لمن بُترت أطرافهم الحقيقية. ولكن الصفة السائدة بين كل هذه الأجسام هي أن الطابعات ثلاثية الأبعاد قادرة على إنتاج أجسام غير عضوية حتى الآن. ولكن ماذا لو كان بإمكانها "طباعة" أجسام عضوية، كأعضاء بشرية مثلا؟! يبدو أن هذا الحلم بات أقرب إلى الحقيقة الآن، بعد أن نجح فريق من الباحثين من جامعة كارنيغي ميلون الأمريكية في إنتاج نماذج لعدة أعضاء بشرية باستخدام نسخة معدلة من طابعة ثلاثية الأبعاد قاموا بشرائها من أحد المحلات. وبحسب الورقة البحثية التي قدمها الفريق العلمي، والذي نقل عنها موقع "آي إف إل ساينس" الإلكتروني، فقد أثبتوا إمكانية إنتاج أجسام عضوية عن طريق إجراء بعض التعديلات على الطابعات ثلاثية الأبعاد المتوفرة للجمهور. ويقول تي جي هينتون، أحد أفراد الفريق وهو طالب في الهندسة الطبية البيولوجية بالجامعة: "طباعة أجسام ثلاثية الأبعاد باستخدام مواد مختلفة كان صرعة سائدة في الهندسة خلال العقد الماضي، ولكن حتى الآن لم يتمكن أحد من تجميع أنسجة عضوية عبر طابعة ثلاثية الأبعاد، مثل مادتي الكولاجين والفيبرين". وتكمن مشكلة طباعة الأنسجة العضوية في أنها (أي الأنسجة) رخوة وسهلة التمزق، الأمر الذي شكل تحدياً كبيراً للعلماء الساعين لإنتاج أنسجة أو أعضاء بشرية باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. لكن الفريق العلمي في جامعة كارنيغي ميلون تمكن من التغلب على هذه المشكلة عبر "تعليق" المادة العضوية في خليط من المواد الكيميائية الداعمة لها، الأمر الذي يسمح بتشكيلها وربطها دون أن تنهار تحت وطأة وزنها. وبعد انتهاء عملية "الطباعة"، يتم تسخين الخليط الداعم حتى الوصول إلى درجة حرارة الجسم (37 درجة مئوية)، ما يؤدي إلى ذوبانه وبقاء النسيج العضوي داخله دون أن يتدمر. وتمكن الفريق العلمي الأمريكي، بحسب موقع "آي إف إل ساينس"، عبر هذه الطريقة من إنتاج أنسجة كولاجين وأنسجة عضلية وهياكل دماغية مصغرة، بالإضافة إلى تفرعات شريانية. كما تمكن هذا الفريق من إنتاج شرايين تاجية بشرية وقلب لجنين اعتماداً على صور التقطت بجهاز الرنين المغناطيسي. وتم إعطاء هذه التقنية الجديدة اسم "فريش"، وهي اختصار لعبارة "الإسجاء الحر القابل للعكس للهلاميات المائية المعلقة". ويسعى فريق جامعة كارنيغي مالون في الخطوة المقبلة إلى حقن خلايا قلبية داخل هذه الأنسجة المنتجة، بهدف إنتاج قلب بشري، اعتماداً على "هيكل" مطبوع بتقنية "فريش" ومملوء بالخلايا.