إن نقاش المسألة القيمية في المغرب ، يتوزع إلى طرفين : "" الطرف الأولى: يعتبر أن مسألة القيم ثانوية ، الشيء الذي يجعله ينتفض غاضبا أو متهما الأقلام و الجهات التي تدافع عن القيم و تركز على الأخلاق ، و مبعث هجومه كما يزعم راجع إلى الوضعية الاجتماعية البئيسة التي يعاني منها المجتمع ، و التي تحتاج إلى الاهتمام بها و العمل على رفع بؤسها و فقرها و الانخراط في همومها و انشغالاتها اليومية من أكل و مشرب و سكن و صحة و بنية تحتية ، و من جهة ثانية يغضب كذلك لما يسميه بالتوظيف الأخلاقوي لبعض المعارك المجتمعية قصد قنص أصوات الناخبين في المحطات الانتخابية سواء منها الجماعية أو التشريعية . يظهر أن الطرف الأول يشن هجومه بدافعين ، الأول يتمثل في إعطاء الاهتمام و الأولوية للمسألة المادية المجتمعية ، و الثانية إشعال المعارك الأخلاقية بهدف انتخابوي . الطرف الثاني : يقف مواجها الطرف الأول ، و مبعث هجومه ، هو أن هذا الطرف يريد التطبيع مع الفاحشة و الجهر بها و الدعاية لها و حمايتها تحت يافطة حماية الحقوق الفردية للأشخاص و احترام حقوق الإنسان و الحقيقة كما يزعم الطرف الثاني أن هدفه هو تمييع المجتمع و إشاعة الشذوذ الجنسي و اللواط و تدنيس الأعراض ،هذا من جهة و من جهة ثانية يزعم أن الطرف الأول يهدف إلى الرمي بالمجتمع في مرجعية لا صلة لها به و إدخاله في دوامة تعدد المرجعيات في حين أن الطرف الثاني أمر المرجعية عنده محسوما بالتاريخ و القانون و أيما دعوة إلى التشويش في أمر المرجعية إنما هو تلاعب بالإجماع المجتمعي على المرجعية العليا للمجتمع. و بهذا يتبين أن الطرف الثاني يقف بالمرصاد للطرف الأول ، باعتبارين ، الاعتبار الأول الدعوة إلى الفاحشة و الجهر بها و حمايتها ، و الاعتبار الثاني التشويش على المرجعية العليا للمجتمع . ممكن أن أقر بعد هذا البيان أن نقاش المسألة القيمية بين الطرفين بعمقها و تداخلاتها لا زال ينحصر في دائرتين : الأولى :دائرة النخبة الفاعلة ، من الحركات و الجمعيات الإسلامية ، و بعض المجموعات الفرنكوفونية و العلمانية و الأمازيغية ، و كذلك بعض المجموعة الاقتصادية أيضا ، التي ليس في صلاحها أن تنتشر بعض القيم التي قد تسهم في كساد بضعتها. الثانية: دائرة الإعلام ، حيث أن المسألة القيمية ، أصبحت بضاعة تباع على صفحات الجرائد و المجلات ، كما أن المبادرات القيمية قد لا تتجاوز حدود الخطاب الإعلامي الذي قد يكون من قصوده هو بعث الرسائل بين النخب المتدافعة على الأوراش الحيوية في المغرب . وبعد هذا ، يتبين أن بسبب انحصار نقاش كلا الطرفين في الدائرة النخبوية و الإعلامية ، ينتج عنه نتيجتين سلبيتين : إن نقاش المسألة القيمية في المغرب ، بقدر ما هو نقاش ساخن ، بقدر ما هو ورش أساسي في مغرب اليوم ، لكن سخونته مبعثها الإثارة الإعلامية ، ودفء التجمعات النخبوية ، و الصراع على الأصوات الانتخابية ، وبهذا ، فالمسألة القيمية ينبغي أن تتجاوز اللغط الإعلامي و التجمعات المحصورة ، و أن ينخرط مغرب اليوم بكل أطيافه و حساسياته و مجتمعه للعمل على كسب و حماية قيم المغرب الوطنية و الأصيلة .