ينتخب المجلس الوطني للاشتراكي الموحد، يوم الجمعة المقبل، أعضاء المكتب السياسي والأمين العام، بعد أن اختتمت أشغال المؤتمر الوطني الثالث، قبل أيام، باعتماد أرضية كخارطة طريق للحزب. وعبد قرار عضو المجلس الوطني، محمد الساسي، الذي يعد أبرز مرشح لشغل منصب الأمين العام للاشتراكي الموحد خلفا لمحمد مجاهد، والمتمثل في عدم الترشح لعضوية المكتب السياسي، الطريق أمام نبيلة منيب، لتكون أول امرأة تقود حزبا معروفا، وله وزنه السياسي. وفي تعليق على هذه المسؤولية الكبيرة التي ينتظر أن تلقى على عاتقها، قالت نبيلة منيب، في تصريح ل "إيلاف"، "كانت بعض الأسماء تتداول لقيادة الحزب في المرحلة المقبلة، ومنها محمد الساسي، إلا أنه أعلن، خلال الأسبوع الماضي، بأنه لن يترشح لعضوية المكتب السياسي، وأنه يفضل، نظرا لظروف تخصه هو، أن يعمل من داخل المجلس الوطني"، مشيرة إلى أنها لم يسبق لها أن رشحت نفسها، غير أنها تؤمن بأن "قيادة الحزب يجب أن تكون جماعية". وأضافت القيادية السياسية "نحن كحزب تقدمي اشتراكي ديمقراطي لا نفرق بين مناضلاتنا ومناضلينا، والمطلوب هو الكفاءة، كما يجب أن يكون هناك إجماع على المشروع، الذي نتمنى أن يكون بقيادة جماعية، وتكون فيه لا مركزية في القرار، وقيمة لكل مناضلينا ومناضلاتنا في كل جهات المغرب". وذكرت نبيلة منيب أنه "منذ حوالي السنة ونصف تشكل على الشبكة العنكبوتية (بلوك) لشباب من داخل الحزب يطالبون بأن تكون امرأة على رأس حزب الاشتراكي الموحد"، مبرزة في الوقت نفسه أن المحطة المقبلة "هي يوم الجمعة، عندما سيبث أعضاء المجلس الوطني في لجنتي التحكيم المراقبة المالية، كما أنه سيجري انتخاب أعضاء المكتب السياسي، الذي سيعين الأمين العام ويعرضه على المجلس الوطني". وأضافت القيادية البارزة في الحزب "نعتبر أننا نجحنا، لحد الآن، في الأهداف الأولية للمؤتمر ألا وهي عقده، وفتح الطريق أمام حرية التعبير لأرضيات مختلفة"، مشيرة إلى أنه "ما قبل حركة 20 فبراير كنا نحضر للمؤتمر ولدينا 7 أرضيات، قبل أن تبقى 5 منها، أما عندما جاء المعطى الجديد لهذه الحركة، والنهضة في البلدان العربية، ارتأينا أن ننجز أرضية واحدة، لكن في آخر المطاف كانت هناك أرضيتين". وأوضحت نبيلة منيب أن "الأرضية التي فازت، في النهاية، بالأغلبية جرت مناقشتها، وأضيفت إليها الكثير من الإيجابيات التي جاءت بها الأرضية الثانية". وأكدت أن "الاشتراكي الموحد عقد مؤتمره في ظروف خاصة جدا، تتمثل في الربيع الديمقراطي الذي عرفته دول مغربية وعربية، وعرف سقوط وتغيير أنظمة"، مبرزة أن "الحزب، وهو يواكب نضالات حركة 20 فبراير، قاطع الدستور، لأن تحضيره لم يتم بشكل ديمقراطي، ولم يستجب إلى المطلب الذي رفعه الشارع ألا وهو دستور ديمقراطي يؤسس لفصل السلطات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، ويؤسس لديمقراطية". وكان الاشتراكي الموحد قاطع أيضا الانتخابات التشريعية المبكرة التي أفرزت فوز العدالة والتنمية الإسلامي بالمرتبة الأولى. تحول مفيد للحزب قال عبد العزيز قراقي، أستاذ جامعي في العلوم السياسية في الرباط وناشط في مجال حقوق الإنسان، إن المرأة وصلت، على مستوى بعض التنظيمات، خاصة المرتبطة باليسار، إلى الرئاسة، قبل أن يحدث ذلك اليوم على مستوى الاشتراكي الموحد، الذي يعتقد الكثيرون بأنه الوحيد الذي يختزل اليوم المسار المغربي الحقيقي. ويتعلق الأمر، حسب ما أكده عبد العزيز قراقي في تصريح ل "إيلاف"، ب "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي سبق أن وصلت إلى رئاستها امرأة، مع ما يعنيه ذلك من امتدادات موجودة بين الأحزاب اليسارية بصفة عامة وهذه المنظمة". وأشار المحلل السياسي إلى أن "وصول امرأة إلى قيادة حزب يساري يعني أن هناك تحولات حقيقية تتم في المجتمع المغربي"، مبرزا أنه "حتى إذا كان ذلك يحدث ببطء، غير أنه على الأقل سيجعل اليسار منسجما مع ذاته، عندما يطالب بتفعيل العديد من الحقوق لصالح المرأة، على الخصوص". كما أوضح أن "هذا التحول سيفيد الحزب كثيرا، خاصة أن التنظيمات النسوية اليوم في المغرب بحاجة إلى قوة سياسية تؤكد أن قضايا المرأة ليست شعارات فقط، وإنما حاضرة أيضا على مستوى السلوك والممارسة السياسية أيضا". وكانت الأرضية التي قدمها محمد الساسي، والتي حظيت بدعم ومصادقة أغلبية المؤتمرين،حددت الشروط العامة للانتخابات الحرة والنزيهة، منبها في الوقت نفسه، إلى أن الحزب لا يمكن أن يبقى سجين هذه الشروط، على اعتبار أن الكلمة الأخيرة، بالنسبة إلى موقف الحزب من كل محطة انتخابية، تعود إلى المجلس الوطني. ومن بين الشروط التي أكدتها أرضية "الديمقراطية...هنا والآن"، التصدي للمشكل الرئيسي للانتخابات المغربية، والمتمثل في تحليل ومعالجة عوامل عزوف الأغلبية الساحقة من الناخبين عن التصويت، وعدم ثقتهم في المسلسل الانتخابي، وإرفاق الإعداد للانتخابات بإجراءات للإصلاح وتدابير تترجم وجود إرادة سياسية حقيقية للتغيير، وتوفير الآليات العملية لضمان مراقبة الأجهزة الأمنية من طرف البرلمان وإشراف الحكومة على تلك الأجهزة، وإزاحة المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من كافة مواقع المسؤولية، وربط التحضير للانتخابات بسياق الإعداد لهيكلة مؤسسية قادرة على ضمان أداء الاقتراع لمعناه الجوهري ووظائفه الأصلية.