حياة جامعية بكيبيك فتحت له أبوابا متعدّدة حتّى أصبح لهذا الشابّ مقعد داخل برلمان الشباب ببلاد المهجر؛ إلاّ أنّه أبى أنْ يُنهي طمُوحه في هذه المحطّة، فتجربته السياسية بكندا مكّنته من اكتساب مزيد من النّضج المدني والقدرات التواصلية، إلى أنْ رأى مشروعه الطّموح القاضي بتأسيس برلمان للشباب النّورَ بالمغرب هذه السنة، وهو برلمان يتراوح عُمر أعضائه ما بين 17 و27 سنة، يمثلون مشارب مختلفة ويتمتعون بتكوين متنوع. نزار البردعي شابّ مغربيّ شغوفٌ بالسياسة، قضى طفولته في بيت مُتشبّع بمبادئ حزب التقدم والاشتراكية.. ومباشرة بعد حصوله على شهادة الباكالوريا سنة 2015، قرّر أن يتابع دراساته العليا في الدّراسات المالية والعلوم السياسية بإحدى مدارس موريال، ليعود إلى المغرب مجدّدا، حاملا مشروعا جديدا على أمل أن يحدّ من ظاهرة عزوف الشباب المغاربة عن السياسة. إليكم نص الحوار كاملا: كيف استطعت أن تحرز على مقعد داخل برلمان الشباب بكيبيك؟ لطالما أردت الولوج إلى عالم السياسة، لكن رغبتي كانت أكبر في أن أستطيع فعل هذا داخل بلدي المغرب، عوض كيبيك. البدايات كانت عن طريق اهتمامي المُتواصل بالعمل الجمعوي وانضمامي إلى مجموعة من الجمعيات بالموازاة مع الدراسة، وكان هدفي هو اكتساب الخبرة. بعد ذلك، تقدّمتُ بطلب العُضوية إلى مُنظّمي إحدى الدّورات التشريعية ببرلمان الشباب بكيببك - وصلت حاليا إلى الدورة ال70- والتي يحاولُ من خلالها أعضاء البرلمان الخروج بتوصيات ومقترحات للحكومة متعلّقة بوضعية الشباب بكيبيك. ما القيمة المُضافة لنزار بردعي داخل البرلمان؟ أحاول التعبير عن صوت شباب أجنبي بكيبيك- باعتباره بلدا يفتح دائما أبوابه في وجوه الأجانب، كما أحاول إيصال صوتهم واقتراح مطالبهم والتعبير عنها ضمن الدورات التشريعية لبرلمان الشباب بكيبيك. أركّز على ملفات متعدّدة مثل قضايا الهجرة والتعليم وكذلك المبادرات المتعلّقة بإدماج الشباب في العالم السياسي؛ هي تقريبا نفس المواضيع التي يتم التطرّق إليها في المغرب والتي تهم الشباب بالأساس. انطلاقا من تجربتي المُتواضعة، أحاول قدر الإمكان أن أُشكل إضافة نوعية كشاب أجنبي مستقر في كندا داخل هذا البرلمان. ألا قرّبتنا أكثر من التحضيرات التي مر منها مشروع إعداد برلمان الشباب بالمغرب؟ بدأت مرحلة تنزيل الفكرة على أرض الواقع ابتداء من شهر فبراير. مرّ هذا المشروع من مراحل جد صعبة، أنشأنا في البداية الجمعية المغربية للبرلمانيين الشباب التي ستشرف بدورها على تنظيم الدّورات التشريعية للبرلمان. واجهنا مجموعة من الصعوبات على المستويين الإداري والتنظيمي، إذ كان يتوجّب علينا الانتظار لمدّة طويلة من أجل أن تباشر الجمعية أنشطتها، في حين أن الجمعيات في الدّول المتقدّمة تتأسس في أسبوع أو أسبوعين؛ وهو ما يدفعني إلى التساؤل عن أسباب كل هذه التعقيدات حين يتعلّق الأمر بمبادرات كهذه، والتي ستخدم البلاد دون شك. كيف تفاعلت الجهات المسؤولة مع مشروعك؟ وزارة التربية والتعليم رحّبت بالمشروع منذ البداية، وأودّ أن أوجّه تحية إلى سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، الذي دعمنا بصدر رحب بكل صراحة، في كل ما هو تنطيمي ولوجيستيكي. ما هو تقييمك للأوضاع السياسية بالمغرب؟ النقطة التي أود أن أتطرق إليها في هذا الصدد هي إشكالية عزوف الشباب عن السياسة، وانعدام ثقتهم في رجال ونساء السياسة، في حين أن خطابات صاحب الجلالة والدستور يؤكدان أن للأحزاب السياسية دورا محوريا في إدماج الشباب في العمل السياسي ومنحهم المسؤولية والإمكانات في اتخاذ القرار. من خلال هذه الدورة، لاحظت أن للشباب قدرة كبيرة في طرح أفكار جيدة، ومقترحات قوانين التي ربما لم تنتبه إليها الحكومة سابقا. أعتقد أنّ المزايدات بين الأحزاب السياسية لا تنفع، ولن تسير بالبلاد نحو الأمام، كما أن فقدان الثقة في الأحزاب السياسية أمر خطير(...) وهذا ما دفعنا إلى إحداث برلمان للشباب، كمؤسسة موازية، سيتمكن من خلالها الشباب من مختلف جهات المملكة من استرجاع ثقتهم لكي يستطيعوا تمثيل النخبة السياسية في المستقبل. هل يريد نزار أن يصير رئيسا للحكومة بالمغرب؟ أيُّ مهتم بالعمل السياسي غالبا ما يكون له طموح بلوغ منصب معيّن، حتّى يتمكن من تطبيق مشاريع وأفكاره. أنا حاليا لا أنتمي إلى أي حزب سياسي، لكن هذا لا يمنع من أن تكون للفرد طموحات في الوصول إلى منصب مهم داخل الحقل السياسي. ما موقفك من الانتماء إلى الأحزاب السياسية؟ لا سياسية ولا ديمقراطية دون أحزاب سياسية، لكن الشباب فقدوا ثقتهم في الأحزاب السياسية التي لا تبذل أي مجهود من أجل جلبهم إلاّ إذا تعلّق الأمر بفترة الحملات الانتخابية؛ والهدف من مشروع إحداث برلمان الشباب هو إدماج الشباب داخل الحقل السياسي وتحفيزهم على إيجاد حزب يتناسب مع توجّهاتهم. أي حزب سياسي تجد فيه نفسك أكثر؟ حاليا، لا وجود لأيّ حزب يناسبني، صحيح أن هناك إيديولوجيات تتقارب مع توجّهاتي، إلاّ أنّ هناك إمكانية أن يتغير هذا التصور في المستقبل. من جهة أخرى، هناك مسألة الحفاظ على الاستقلالية كذلك؛ لأن من شروط المشاركة في هذه الدورة التشريعية التي نظمناها هو عدم الانتماء إلى أي حزب سياسي، إذ كان يستوجب علينا إعطاء العضوية بنفس النسبة لكل حزب.