قال إلياس العماري، رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، إن من كانوا ضد الأمازيغية ساهموا أكثر في ترسيخها ممن دافعوا عنها، مضيفا أن منع ملتقى "بوزنيقة الثاني" صبّ أكثر في صالح الأمازيغية مما كان قد يتحقق له بالسماح بتنظيمه. ورأى العماري، خلال تسييره ندوة نظّمها المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بطنجة، أن الحركة الأمازيغية اليوم تحتاج إلى مبادرات تنتمي إلى القرن الحادي والعشرين، لأن "الكثير من المياه مرّت تحت الجسر"، مضيفا أن كل المبادرات التي تعيش نتائجها هذه الحركة تنتمي إلى القرن الماضي، ومن بينها "البيان الأمازيغي" الذي كتبه محمد شفيق عامَ 1999. ووضّح العماري أن "مخلَّفات الحركة الوطنية" ما تزال مستمرة إلى الآن في الذهن "شئنا أم أبينا"، ولن يكون التحرّر منها برغبة ذاتية واستيقاظ في الصباح يتبعه تغيير في القناعات، بل إن العنصر الحقيقي لتحرر شباب هذا الجيل من الرواسب هو التراكم، مثيرا مفارقة تمركز النقاش اليوم حول اللغة وعدم الاهتمام بالموضوع الذي سيدرّس بها. وذكر الفاعل السياسي أنه كان من بين من عارضوا إنشاء "القناة الأمازيغية" بهذا الشكل، لأنه لم يكن يريد الأمازيغية بل الموضوع الذي سيُعبَّر عنه من خلالها، "وإلا فلا داعي لترجمة المسلسلات التركية بالأمازيغية أو الأخبار كما هي بالفرنسية، وأفضّل أن يبقى عقل أمي التي لا تفهم اللغة المقدّمة في التلفاز نظيفا على أن يتّسخ بهذه المضامين". من جهته، رأى محمد بودهان، كاتب فاعل أمازيغي، أن جوهر الأمازيغية في الأصل مشكل سياسي، وبالتالي فهو يحتاج لحلّه إلى إرادة سياسية جدية وحقيقية. وأضاف المتحدّث أن الأمازيغية فقدت الشيء الكثير مع الدسترة لأنها أصبحت تعرف تجاذبات وحسابات بعد الانتقال من كونها شأنا ملكيا إلى كونها شأنا حكوميا وبرلمانيا، في حين كان في تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية اعتراف رسمي بالأمازيغية من أعلى سلطة في البلاد، فكانت معه شأنا سياديا من اختصاص الملك بنص الدستورين السابق والحالي، ثم زاد: "لو ترك المعهد للحكومة لكنا ربما ما نزال ننظر فيه إلى اليوم". ويرى بودهان في النص التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية "قانونا طائفيا" لمجموعة من الأسباب، من بينها أنه لا يحتوي على فصل حول تحرير الأحكام القضائية ومحاضر الضبط بالأمازيغية؛ وبالتالي فهو يخصّ جزءا من المواطنين، إضافة إلى حديثه عن تأهيل موظّفي الدولة ليتوصلوا مع المتحدّثين بها، بينما اللغة المرّسّمة تفرض على من يحبّها ومن لا يحبّها. وأضاف مؤكدا: "عندما نبحث عما يقدّمه هذا القانون للأمازيغية لا نجد إلا إعدام ترسيمها". واستعاد بودهان اللحظة الدستورية قائلا إن الفصل الحالي حول اللغتين الرسميتين ليس هو النص الأصلي الذي وضعته اللجنة القانونية لوضع الدستور؛ لأنها كانت تقول العربية والأمازيغية هما اللغتان الرسميتان للمغرب، وبعد تسليمه للديوان الملكي وقراءته من طرف "جهات معادية للأمازيغية" عارضت الترسيم، قبل أن يؤكّد الملك على ترسيم الأمازيغية، فتحايلوا وأعادوا الصياغة بشكل يجعل العربية تظهر كاللغة الرسمية الوحيدة، بينما الأمازيغية تعد أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبار ترسيم الأمازيغية ثانويا تابعا للعربية. وعبّر الفاعل الأمازيغي عن واجب القطع مع "ميثاق أكادير" و"الإعلان الأمازيغي"، لأن الاستجابة تمّت لهذه المطالب الثقافية، بينما يجب الآن التوجُّه إلى الإقصاء السياسي الذي نتج عنه الإقصاء الثقافي، داعيا إلى المطالبة ب"تمزيغ الدولة" حتى تكون هويتها مطابقة لهوية الأرض، بينما "دولتنا ترتكب جنحة انتحال الصفة"، كما أن على الحركة الأمازيغية أن ترفع هذا المطلب لا أن تستمر في اعتبار مطالبها موجّهة لدولة عربية. وتحدّث حسن إذ بلقاسم، فاعل أمازيغي، عن كون "الحركة الأمازيغية حركة يسارية بامتياز، وكل قضاياها يسارية مثل العدالة"، مضيفا أنها ليست فقط قضية لغة، بل هي قضية تحرّر جماعي للثقافة الأمازيغية، وللشعب الأمازيغي والشعب المغربي بأكمله، مؤكدا أنها الحركة الوحيدة التي تنطلق من المرجعية الدولية لحقوق الإنسان والمواثيق والإعلانات الدولية دون أي مرجعية دينية أو ماركسية أو ليبرالية. ويرى المتدخّل أن الأمازيغية "قضية شعب بكامله، وقضية الشعب المغربي بأكمله، وقضية جميع المناطق الأمازيغية". وبعد حديثه عن مسار القضية مذكّرا باعتقاله أسبوعا في الماضي لما كتب على مكتبه "محامٍ" باللغة الأمازيغية، وصف إذ بلقاسم ما نصّ عليه الدستور التونسي من عدم إمكانية تغيير هوية تونس العربية الإسلامية مستقبلا بكونه جزءا فيه "داعشية".