في الوقت الذي تعاني فيه الكثير من دول العالم، وخاصة في أوروبا، من موجات الحرارة المرتفعة في هذا الصيف، يتكدس السكان في جنوب أفريقيا أمام المدافئ في ظل موجة من الطقس شديد البرودة وتساقط الثلوج. واستمر سقوط الثلوج على بلدة ساذرلاند، وهي بلدة صغيرة في كيب الشمالية، طوال الليل، وغطت المنطقة صباح الأربعاء، وفقا لما أظهرته وسائل الإعلام المحلية. وقالت أنيت فنتر، خبيرة الأرصاد الجوية: "هناك ثلوج بسمك لا يقل عن 20 سنتيمترا وسط درجات حرارة شديدة البرودة"، مضيفة: "الثلوج في كل مكان". إلا أن فنتر أوضحت أن الثلوج ليست بالكثافة التي كان عليها الحال خلال السنوات القليلة الماضية، عندما كان السائحون يعلقون أحيانا بسبب انزلاق الطرق وصعوبة السير في ظل تراكم الجليد عليها. وفي بلجيكاوهولندا سجّلت درجات الحرّ، الأربعاء، مستويات قياسية غير مسبوقة، في وقت تستعدّ فيه بقية أرجاء أوروبا الغربية لمواجهة الأسوأ يوم الخميس حيث يتوقع أن تبلغ موجة القيظ ذروتها. وفي قاعدة كلاين-بروغل العسكرية في شمال شرق بلجيكا بلغت درجة الحرارة 39.9، وهو رقم قياسي لدرجات الحر في هذا البلد، وفق ما أعلن عنه دافيد ديناو، المسؤول في المعهد الملكي للأرصاد الجوية. وهذه المحطة التي تعد من بين 30 موقع قياس للشبكة الرسمية، تسجل عادة أعلى درجات حر في بلجيكا. الأعلى منذ 1833 وقال ديناو في تغريدة على "تويتر" إن 38.9 درجة مئوية "هي درجة الحرارة الأعلى في بلجيكا منذ بدء تسجيل الدرجات عام 1833". أما في هولندا فبلغت درجة الحرارة 38.8 في جيلزي ريين (جنوب)، ثم ارتفعت إلى 39.9 في إيندهوفن، في رقمين قياسيين حطم أحدهما الآخر في بلد لم يسبق له أن شهد مثل هذا الحرّ. ويعود الرقم القياسي السابق إلى عام 1944 حين بلغت درجة الحرارة 38.6، وفقاً للمعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية. وارتفعت الحرارة إلى درجة أنّ المعدن تمدّد على بعض الجسور في أمستردام وهارلم، مما دفع بعمال البلدية إلى رشّها بالماء لتبريدها. ونفقت مئات الخنازير ليل الثلاثاء-الأربعاء في مزرعة في ميدلهارنيس، في غرب هولندا، بسبب الحرّ وتعطل نظام التهوية، بحسب وسائل الإعلام المحلية. وقام الناشطون بشراء مظلات ومراوح ومكيّفات وأحواض سباحة عبر موقع "مارك بلاتس" الإلكتروني للإعلانات التجارية في هولندا. ووردت كلمة "مكيّف" أكثر من مئة ألف مرة في الأيام الأخيرة في محرّك بحث الموقع. في مقاطعة خيلدرلند (وسط جنوبهولندا)، غلقت معظم دور حضانة الأطفال أبوابها، وضمنها تلك التي تتولى رعاية رضع دون العامين. لكنّ الأسوأ في موجة الحر التي تخنق أوروبا الغربية لم يأت بعد؛ إذ يتوقّع أن تبلغ درجات الحرّ ذروتها يوم الخميس. ورفعت فرنسا، الأربعاء، حالة التأهب في مناطقها الشمالية إلى الدرجة "الحمراء"، أي القصوى، في حين ظلّ القسم الأكبر من المناطق المتبقية في حالة تأهب "برتقالية". ودعا رئيس الوزراء الفرنسي، إدوار فيليب، إلى "التنبّه جيّداً للأشخاص المنعزلين". ومنذ موجة حر صيف 2003 التي تسببت في وفاة 15 ألف شخص، تشدّد السلطات الفرنسية خصوصاً على مخاطر الحرّ بالنسبة للأشخاص الأكثر هشاشة، لكن التحذيرات تطال كافة السكان. وينتظر أن تصل درجات الحرارة في باريس يوم الخميس إلى أعلى مستوى لها منذ عام 1947 حين سجّلت 40.4 درجات مئوية. وفي دورة طواف فرنسا الدولي للدراجات الهوائية الجارية حالياً، يبقى الحرّ "عاملاً مربكاً للأداء"، بحسب جاكي مايو، طبيبة فريق "اف دي جي" الفرنسي. وأوضحت الطبيبة أنّه "عند التعرّق أثناء السباق، يمكن أن نخسر نحو ليتر من العرق في الساعة... ولا يمكن إعادة ترطيب الجسم إلا بنصف ليتر؛ إذ لا يمكننا تعويض سوى نصف ما نخسره"، مؤكّدة أنّه "يجب أخذ ذلك في الحسبان". ويمكن أن تشهد بريطانيا أيضاً، الخميس، أكثر الأيام حرارةً في تاريخها. وقال مكتب الأرصاد الجوية البريطانية: "سنتخطى على الأرجح درجة الحرارة القياسية التي سجّلت في يوليو، أي 36.7 درجة مئوية، وهناك إمكانية أيضاً أن نتخطى أعلى درجة قياسية 38.5 درجة مئوية". وأعلنت الشرطة في لندن إطلاق عملية بحث عن ثلاثة أشخاص فقدوا بعدما كانوا يسبحون في نهر التيمز. وأكدت شركة سكك الحديد الوطنية البريطانية "نيتوورك ريل" وضع حدود قصوى للسرعة من أجل ضمان سلامة المسافرين. حالة تأهب قصوى في بلجيكا ولامست موجة الحر أيضاً إيطاليا، ورفعت السلطات مستوى الإنذار إلى الدرجة الثالثة في خمس مدن، الأربعاء، هي بولسانو وبريشا وفلورنسا وبيروجيا وتورينو. وتطال حالة التأهب القصوى عشرات المدن يوم الخميس، من بينها روما. وفي ألمانيا، سجّلت درجة الحرارة الأعلى في بون ب 38.7 درجات مئوية، في حين يتوقع أن يزداد الحر في الأيام المقبلة ليصل إلى 41 درجة مئوية في منطقة كولونيا. ونصف كانتونات سويسرا هي أيضاً تحت الإنذار البرتقالي. وتوقعت الأرصاد الجوية في البلاد "ذوباناً واسعاً للجليد في أعالي الجبال" حيث ستبلغ درجات الحرارة 0 درجة مئوية في ارتفاعات غير مألوفة عن سطح البحر تصل إلى 4800 متر، أي أعلى قمم البلاد.