دماء جديدة ضُخت في تركيبة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، من خلال التعيينات الأخيرة التي شملت مجموعة من الأعضاء الجدد في مجال حقوق الإنسان، حيث يُراهن المجلس على "تحقيق الإضافة النوعية" بهذه الوجوه "المشهود لها بالخبرة"، بتعبير البلاغ الصادر عن المؤسسة الدستورية؛ لكن تشكيلة المجلس عادت لتثير الكثير من الجدل، بخصوص الأدوار المستقبلية التي يلعبها على مستوى العديد من الملفات الحارقة. وينتظر الجسم الحقوقي بالمغرب، من خلال التركيبة الجديدة، الإفراج عن بعض التقارير الذي أنجزها "مجلس اليزمي" السالف، على رأسها تقرير الخبرة الطبية الذي شمل معتقلي "حراك الريف"، بالإضافة إلى التقرير التكميلي والتصحيحي لهيئة الإنصاف والمصالحة؛ لكن بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي استبعدوا إمكانية خروجها إلى حيز الوجود، نظرا لما أسموه ب"تغييب الصلاحيات الإستراتيجية للمجلس". تبعا للمعطيات سالفة الذكر، يبرز إلى الواجهة سؤال محوري: هل التعيينات الجديدة من شأنها حلحلة ملف حراك الريف أم يتعلق الأمر ببروباغندا خارجية لن تُضيف لملف الريف أي شيء؟، وهو ما حاول الدكتور خالد البكاري، الفاعل الحقوقي، مقاربته من الناحية الأكاديمية والحقوقية، قائلا: "الدماء الجديدة ذات طبيعة تقنية وإدارية، ذلك أن مهام المجلس السابق قد انتهت، ومن ثمة كان لا بد من تسوية الوضعية القانونية للمجلس بعد تعيين أمينة بوعياش". وأضاف البكاري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "التغيير كان عاما وشاملا، بحيث شملت تركيبة المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية؛ لكن لا علاقة لذلك بملف الريف أو أي ملف آخر، لأنه لا يعدو سوى إجراء قانوني وإداري أكثر منه أي شيء آخر"، مؤكدا أن التغيير "لا يحمل طابع البروباغندا، على أساس أن أغلب الأسماء المقترحة لا علاقة لها بحقوق الإنسان، بحيث يوجد من سمعته سيئة في مجال نهب المال، مع وجود وجوه محترمة، لكن على أي حال لن يكون لها أي تأثير في سياسة المجلس الوطني". وأوضح الأستاذ الجامعي أن "التركيبة الجديدة لا علاقة لها بدور المجلس، على اعتبار أن أمينة بوعياش هي الآن الوسيط بين الدولة وعائلات المعتقلين السياسيين، إذ لا أستبعد أن العائلات تتشاور مع المعتقلين، ولعل القناة هي المجلس الوطني لحقوق الإنسان"، مشددا على أن "الموضوع تحتكره جهات عليا، بينما تقوم بوعياش بدور الوساطة، حيث عُيّنت في المنصب الحالي لتولي هذا الملف، إلى جانب ملفات أخرى، نظرا للثقة التي تحظى بها من قبل النافذين في صنع القرار السياسي والقرار الأمني داخل المغرب". وتابع البكاري: "المجلس الوطني لحقوق الإنسان، سواء في صيغته الجديدة أو السابقة، يتأثر بالشخص الذي يقوده أكثر مما يتأثر بالتركيبة، وحتى إذا قرأنا اختصاصات المجلس كما هي واردة في القانون الداخلي، الذي صدر في الجريدة الرسمية، فلن نجد أية أدوار كبيرة تضطلع بها التركيبة". وزاد: "دليل بسيط على ذلك، أن تعيين الأشخاص في اللجان الجهوية تم خارج القانون، لأنه يقول بلزوم عقد الجمعية العمومية للمجلس، وهي التي تبث في تعيينات المنسقين الجهويين؛ لكنها لم تنعقد، لأن بوعياش هي التي عيّنت هؤلاء المنسقين الجهويين".