هل المغرب بحاجة إلى تعديلٍ دستوريّ في هذه الظّرفية؟ لماذا ترهنُ قوى حزبية مُستقبلها السّياسي بضرورة مُراجعة الوثيقة الدّستورية؟ هل مدّة ثمان سنوات كافية لاسْتقراء موقفٍ يفضِي إلى ضرورة المسّ بالنّص الدستوري من أجل تعديلات فرضها الواقع السّياسي؟.. هذه الأسئلة حاولَ عبد العالي حامي الدّين، البرلماني والحقوقي المغربي، ومحمد الزهاري، الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، الإجابة عنها فِي نقاش أكاديمي حوْل موضوع "المسار الحقوقي في المغرب منذ دستور 2011.. الأسئلة والانتظارات"، نظمه، الجمعة، المرصد الوطني لحقوق الإنسان. ويرى عبد العالي حامي الدّين، رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، أنّه "لم يعد لدينا في المغرب خلاف حول الثوابت الوطنية، فهي محل إجماع من طرف الجميع ولا أحد اليوم يناقش، مثلاً، الإسلام كمرجعية والوحدة الوطنية والملكية والاختيار الديمقراطي، ولم يعد هناك مبرر لخلق جو من الصّراع يمكن أن نفسر به ما يحصل من نرفزة واختلالات في التّعاطي مع الاحتجاجات". وتساءل القيادي الإسلامي في معرض كلمته "هل يمكن أن نسمح بتعديلات ذات طابع تراجعي؟"، مشيرا إلى أنّ "الفصل 47 مكتسب وهو قابل لكثير من التأويلات، ولا داعي لنمس الدستور من أجل تعديلات تراجعية". وتوقّف حامي الدّين في حديثه عن حالة النّرفزة التي تبصمُ تحرّك الدولة، عند احْتجاجات الريف التي كانتْ سلمية، "والتي كان يمكن أن تصلَ إلى بعض التجاوزات، لكنها لن تصلَ أبداً إلى التجاوزات التي شاهدناه في فرنسا من تكسير وحرق وتحطيم"، يضيف حامي الدين، مشيرا إلى أن "التعاطي معها كان فيه نوع من "النرفزة"، وفيه نوع من إعادة منطق الصراع في علاقة المجتمع والدولة نحن في غنى عنه". وأشار الحقوقي ذاته إلى أنّ الأحكام في حق معتقلي الرّيف كانت "قاسية"، وأن انعكاساتها لنْ تقف فقط عند مصير 50 شخصاً، بل "هي انعكاسات عميقة سنؤدي ثمنها في مراحل قادمة"، مضيفا أنّ "50 بالمائة من الشّباب المغربي يرغبون في الهجرة، وهذا رقم مفزع". ودعا حامي الدين إلى الانتباه إلى الساكنة النّشيطة من المغاربة الذين يعيشون ضغوطات بسبب البطالة وقلة الموارد". كما طالب حامي الدين ب"تشكيل توقفات كبرى لبناء دولة المؤسسات نخوض بها التحديات الحقيقية التي تواجهنا داخلياً وخارجياً"، لأنه "لا يكفي امتلاك حصانة مطلقة من التطورات الاجتماعية التي يمكن أن تحصل في أي بلد، كما لا أحد من كبار الاستراتيجيين توقع ما حدث في الجزائر قبل 6 أشهر"، يضيف حامي الدين. من جانبه، قال محمد الزهاري، الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إنّ الدّستور لا يتيح للسلطة التقليدية، سواء كانت تشريعية أو تنفيذية، الممارسة الحقيقية في ظل مجتمع ديمقراطي حقيقي"، وزادَ قائلا إن "الوثيقة الدستورية مبتورة في بعدها الحقوقي لأنها لم تنصّ على حرية المعتقد، التي يجب أن ينص عليها الدستور لا أن تتفادى وتؤوّل بعض الفصول لصالح بعض الجهات النافدة والعميقة". وتساءل الزهاري: "متى كان في هذا البلاد المسؤولون عن أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية المتردّية يطالبون بالإصلاح الدستوري وبإدخال تعديلات تمسّ الوثيقة الدستورية حتى اليوم"، قبل أن يجيبَ قائلا: "هذه مطالب تحت الطّلب من أجل تعديل دستوري هدفهُ تسهيل مأموريات سياسية قادمة في الأفق؛ وليس من أجل تعبيد الطّريق لمجتمع ديمقراطي بقدر ما هي محاولة أكثر لإرساء وتكريس نماذج متعددة من الاستبداد". واعتبر الحقوقي ذاته أنّ "المجلس الوطني لحقوق الإنسان لمْ يأخذ المبادرة لكشف حقيقة ما وقع في قضايا وأحداث متعددة ارتكبت فيها انتهاكات جسيمة"، واصفاً إياه "بالمجلس موضوع تحت الطّلب، لأنّه لم يتحدّث عما وقع للناشط كمال العماري في آسفي، ولم يكشفْ عما جرى في الرّيف، وأن هناك تقريراً للأطباء الشّرعيين أكّد أنّ مواطنين مغاربة اعتقلوا وتعرّضوا للتعذيب خلال عملية الاستنطاق، لم يتفاعل معهُ المجلس".