تستمرّ ردود أفعال منتقدي التصويت على مشروع القانون الإطار المتعلّق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بلجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب، حيث وقّع أكاديميون وباحثون وفاعلون إسلاميون مغاربة بيانا استنكاريا حول ما أسموه "مهزلةَ تمرير القانون الإطار". وذكر نصّ البيان الاستنكاري أنّ الموقّعين عليه "تابعوا بأسف شديد كيف تم السعي إلى فرض فرنسة التعليم خارج المنطق الدستوري والمؤسساتي، واستغربوا كيف تمت مباغتة المؤسسة البرلمانية وإجبارها على مناقشة القانون الإطار من غير ترتيب سابق بعد أن ثار الجدل حول لغة التدريس؛ فتم تأجيل النظر فيه وإعطاء فرصة لإعادة خلق توافق حوله بالعودة إلى المواد الأصلية للرؤية الإستراتيجية التي تنتصر للغة العربية بصفتها لغة التدريس". وذكّر البيان بنضال الوطنيين المغاربة "ضد اعتماد الفرنسية لغة من لغات التدريس، وشرح العلماء والخبراء والمفكّرين كيف أن هذا أمر سلبي يضر بالهوية الوطنية ومستقبل البناء التنموي.." مؤكّدين "ضرورة انفتاح سياسات التعليم على اللغات الأجنبية ودراستها دون اعتمادها لغة التعليم، كما فعلت الدول الحرة المستقلة في بناء نهضتها". ويرى الموقّعون على البيان أن كل ما ذكرته "تمّ القفز عليه"، كما تمّ "تجاوز كل الاعتبارات الدستورية المؤسساتية والعلمية والقانونية في سبيل وضع لغة المستعمر حيث لا ينبغي أن تكون". ووصف نصّ البيان التصويت على مشروع القانون الإطار بلجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب بكونه "خرقا سافرا للمقتضيات الدستورية المتعلقة باللغتين الرسميتين والتي ناضل من أجلها السياسيون الوطنيون ورسّخها دستور 2011؛ وهو الأمر الذي يعتبر معه تمرير القانون الإطار إجهاضا لدورهما الإصلاحي في ترسيخ الهوية الوطنية، ومسّا سافرا بمكانة اللغتين الرسميتين للدولة وسيادَتهما في مجال تكوين الأجيال". وتمثّل هذه الخطوة، بالنسبة إلى الموقّعين على البيان الاستنكاري، "قفزا على أحد أهم مطالب الحركة الوطنية التي ناضلت من أجل استقلال المغرب وكرامة وهوية الشعب المغربي". كما يمثّل هذا التصويت "طعنا في ظهر الشخصيات والمؤسسات الوطنية التي اعتبرت، منذ فجر الاستقلال، لغة التدريس مسألة من صميم النضال الوطني". ويرى الموقّعون أن التصويت على مشروع القانون الإطار يمثّل "عاملا من عوامل استمرار فشل السياسات التعليمية" التي يتحمّل مسؤوليتها "من أسهم في هذا الفشل، وما سيكلّفه من تبعات سلبية للوطن"، داعيين "كافة القوى والشخصيات الوطنية الحرة إلى اتخاذ مواقف قانونية، وقيادة مواقف نضالية مقاومة لهذه الخطوة، بعد أن فشلت الأحزاب السياسية في أداء واجبها الوطني التاريخي". ويراهن الموقّعون على البيان الاستنكاري على المجتمع المدني "الذي يزخر بمؤسّسات وشخصيات" قادرة على "تدارك فشل المؤسسات السياسية"، و"حمل راية الوفاء للذاكرة الوطنية"، مثمّنين "الموقف المشرّف الذي اتخذته مؤسسات وشخصيات وطنية ضد هذه الخطوة الهادفة إلى فرنسة التعليم؛ وفي مقدمتهم الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، ومنتَسبوه من العلماء والخبراء والمفكرين". ودعا البيان "عموم المواطنين المتمسّكين بالهوية الوطنية، الأوفياء لنضالات الحركة الوطنية التي قاومت الفرنسة والاستلاب الثقافي" إلى الانخراط في "حملات مضادة لآثار هذه الخطوة؛ من قبيل: ترسيخ وجود اللغة العربية في الأسرة والمجتمع، وتأسيس الجمعيات الداعمة لتعريب التعليم، والتي تقدم الدعم المجاني والتقوية لفائدة تلاميذ التعليم الأساسي حتى نحافظ على هوية النشء، وتحدّ من تأثير هذا القانون المهزلة على المجتمع وانتمائه الحضاري". وذكّر البيان نفسه بأن اللغة العربية "هي لغة القرآن، وهو الكفيل ببقائها حيّة مؤهلة لحمل المشروع النهضوي للمجتمعات العربية والمحافظة على الهوية الإسلامية للأمة وإفشال جميع المخطّطات التي تستهدف دينها وقيمها"؛ لأن "لغات الحضارات كاللغة اللاتينية تلاشت بتلاشي الدول التي رعتها.. لكن اللغة العربية بقيت وستبقى صامدة لأنها لغة القرآن الذي يحمل رسالة الخالق إلى الإنسان". كما جدّد الجامعيون والفاعلون الإسلاميون الموقّعون على البيان التأكيد على أن "دفاعهم عن اللغة العربية يتأسّس على اعتبارها لغة المغاربة الرسمية إلى جانب الأمازيغية والحسانية"، مذكّرين بأن ما يحدث "يعتبَر غزوا فرنسيا جديدا يجب مقاومته بمختلف الأساليب المشروعة؛ دفاعا عن اقتصادنا ومصالحنا الاجتماعية والسياسية؛ لأن اللغة صناعةٌ وتجارة وتقنية واستقلال وتنمية لا محيد عنها لتحقيق كرامة أصحابها". تجدر الإشارة إلى أن من بين الموقّعين على هذا البيان الاستنكاري الأكاديمي عبد العلي الودغيري، والبرلماني أبو زيد المقرئ الإدريسي، وفؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل الدفاع عن اللغة العربية، وإدريس كرم، مسؤول الثقافة والإعلام برابطة علماء المغرب، وأحمد وايحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، والباحث في اللسانيات عبد المجيد طلحة.