بتعليمات من الملك محمد السادس: ولي العهد مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    الاستثمار العمومي.. بين الأرقام والواقع    تنزيلا للتعليمات الملكية.. انطلاق عملية "رعاية 2024-2025" لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد    وهبي: مهنة المحاماة تواجهها الكثير من التحديات    رئيس مجلس النواب…المساواة والمناصفة أبرز الإنجازات التي شهدها المغرب خلال 25 سنة    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    تفكيك منظمة إرهابية بتعاون أمني بين المغرب وإسبانيا    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    الأحمر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ارتفاع مؤشر التضخم الأساسي ب3% الشهر الماضي في المغرب        بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    زنيبر يبرز الجهود التي تبذلها الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان لإصلاح النظام الأساسي للمجلس    دفاع الناصري يثير تساؤلات بشأن مصداقية رواية "اسكوبار" عن حفل زفافه مع الفنانة لطيفة رأفت    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    مشروع قانون جديد لحماية التراث في المغرب: تعزيز التشريعات وصون الهوية الثقافية    استئنافية طنجة توزع 12 سنة على القاصرين المتهمين في قضية "فتاة الكورنيش"    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        كيوسك الجمعة | إيطاليا تبسط إجراءات استقدام العمالة من المغرب    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القانون الإطار.. تهميش للعربية في عُقر الدار
نشر في أخبارنا يوم 29 - 07 - 2019

صادق مجلس النواب المغربي يومه الاثنين 22 يوليوز 2019 على مشروع القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية و التكوين والبحث العلمي، بعد تأجيل التصويت عليه أكثر من مرة. وصوت بالموافقة 144 برلمانيا بالأغلبية على " فرنسة التعليم "، فيما صوت بمعارضة المادة الثانية البرلمانيان عن فريق العدالة والتنمية أبو زيد المقرئ الإدريسي، ومحمد العثماني، وامتنع 118 برلمانيا من "الييجيدي" والاستقلال عن التصويت، وغاب عن جلسة التصويت رئيس فريق العدالة والتنمية إدريس الأزمي الإدريسي، بعد تقديم استقالته من رئاسة الفريق. و كشفت عملية التصويت فضيحة اتخاذ كل حزب طريقة معينة للحيلولة دون إسقاط المشروع، وجعل الطريق ممهدة لإقراره، تذكرنا جميعا بفضيحة مماثلة حينما صادق مجلس المستشارين المغربي بتاريخ 28 يونيو 2016 بأغلبية 27 صوتا، في سابقة من نوعها، على المشاريع المسماة زورا بقوانين إصلاح أنطمة التقاعد، وعارضها 21 مستشارا، فيما امتنع 4 مستشارين عن التصويت، وانسحاب 4 مستشارين، بالرغم من أن النقابات التي صوتت أو انسحبت أو امتنعت من أبرز من قاد الاحتجاجات بالشارع ضد هذه القوانين، وكانت لديها الأغلبية العددية لإسقاط هذه القوانين، و تغيب أزيد من نصف أعضاء المجلس، وابتعاث الحكومة لعدد من المستشارين لأداء العمرة، واتخاذ النقابات مواقف متباينة ما بين الانسحاب والامتناع عن التصويت أو الغياب لتمرير أحد أخطر القوانين التخريبية.

وقد أثارت المصادقة على القانون الإطار أزمة جديدة في الوقت الذي كانت فيه الهيئات الجمعوية والفعاليات المدافعة عن اللغة العربية تسارع الخطى للضغط على الحكومة من أجل تعريب التعلبم العالي والحسم في اعتماد العربية لغة التدريس. هذا المشروع غير الدستوري، يحاول أن يفرض أحادية لغوية أجنبية، باعتباره انقلابا على الهوية المغربية ومبادئ الحركة الوطنية الداعية إلى تعريب التعليم و الإدارة، كما شكل سخطا كبيرا في صفوف حماة العربية، حيث شن عدد كبير من النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي حملات رفضا للقانون الإطار، معتبرين ذلك تخليا عن مظهر من مظاهر سيادتنا القومية، وقبولنا عن طواعية أن نحتفظ لمستعمرنا وجلادنا بالأمس، بمظهر من مظاهر النفوذ والسيطرة والاستعمار، وهو يشبه قانونين سابقين حول رفع الدعم عن المحروقات وصندوق التقاعد، تم تمريرهما في الولاية السابقة.

وعبّرت المنظمة العربية للتعريب والتواصل في بلاغ استنكاري، عن غضبها عقب المصادقة على مشروع القانون الإطار متهمة حزبي العدالة و التنمية والاستقلال بالانسحاب وعدم إبداء موقفهما، واصفة الأمر أنه " تخاذلا رخيصا " تجاه قضية التعريب. واعتبرت المنظمة، أن حزبي العدالة و التنمية والاستقلال، انخرطا في " مؤامرة " على المبادئ التي قام عليها حزب علال الفاسي، والتي من أسسها قضية التعريب. وطالبت المنظمة حزب الاستقلال بنزع صورة علال الفاسي من مقرات الحزب وإعلان نهاية الارتباط بفكره، وحزب العدالة و التنمية بإعلان إنهاء كل علاقة له بقضية اللغة العربية والهوية الوطنية، والتوقف النهائي عن الحديث عن المرجعية الإسلامية.

وفي السياق ذاته، وصفت حركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوي لحزب العدالة و التنمية المصادقة على القانون الإطار ب " الخيار اللادستوري "، وقال بلاغ للحركة أنه " وقف على خطورة مآلات هذه الخطوة التي ترهن مستقبل التعليم ببلادنا بخيارات لا تنسجم مع دستور البلاد، ولا تتماشى مع متطلبات تعليم المستقبل". كما وقعت قرابة مائة شخصية من مثقفين وعلماء ومفكرين وإعلاميين مغاربة، بيانا يستنكرون فيه المصادقة على القانون الإطار واصفين تمريره ب " المهزلة ". واعتبر الموقعون أن تمرير هذا القانون يمثل " خرقا سافرا للمقتضيات

الدستورية المتعلقة باللغتين الرسميتين والي ناضل من أجلهما السياسيون الوطنيون ورسخهما دستور 2011 ".

ودعت الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم في بيان لها للرد على " المغالطات التي يروج لها المنادون بتدريس جميع المواد العلمية والتقنية باللغة الفرنسية "، معتبرة أن هناك مؤشرات تؤكد نجاح التعريب " بالمنطق نفسه الذي يتبناه دعاة فشله "، مستندة إلى المعطيات المتعلقة بالناجحين في الباكالوريا الذي بلغ 40 نقطة في ظرف 15 سنة، والمعدلات العالية التي تتجاوز 19 من 20، والتي ترتفع معها عتبة الولوج إلى المدارس الكبرى والمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح . واستحضرت الجمعية " نتائج التقارير الوطنية والدولية التي شخصت واقع المنظومة التعليمية المغربية، ومنها تقرير الهيئة الوطنية للتقييم التابعة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لسنة 2016 ، الذي سجل عجزا لغويا كبيرا لدى تلاميذ الجذع المشترك في جميع التخصصات، بما في ذلك اللغة العربية وبنسبة أكبر الفرنسية "، لتخلص إلى أن " التعريب لا يد له في فشل المنظومة التعليمية ".

وقالت الجمعية " إن الذين ينادون بتدريس كل المواد العلمية والتقنية باللغة الفرنسية يروجون لها، تتعلق بكون العزوف عن العلوم في التعليم العالي يعود إلى التعريب، مشيرة أن هذا الأمر يحتاج إلى تدقيق " لأن التعليم العالي بالمغرب لم يُعرّب، وإلا ما كانت إشكالية الانسجام اللغوي بين الثانوي والعالي لتُطرح ". واعتبرت أن ربط إصلاح التعليم بفرنسته "مغالطة "، موضحة أن " جميع الدراسات العلمية تؤكد أن التدريس باللغات الوطنية هو السبيل الأمثل لتمكين المتعلمين من باقي المواد الدراسية، بل وحتى لاتقان اللغات الأجنبية، لاعتبارات بيداغوجية ونفسية ". وقدمت الجمعية عددا من نماذج الأنظمة التعليمية الناجحة التي تعتمد اللغات الوطنية، كدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث لا يتعدى الزمن المدرسي المخصص لتعلم اللغات الأجنبية في التعليم الابتدائي 5 في المائة في المتوسط، أي ما يعادل ساعة ونصف أسبوعيا، ويتراوح هذا الحيز ما بين 0 ساعة في استراليا وكندا و 4 ساعات في اللكسمبرغ، بينما يصل الزمن الأسبوعي لتدريس اللغات الوطنية في هذه البلدان إلى 7 ساعات في المتوسط ". وترى الجمعية " أن تدريس المواد العلمية والتقنية بالفرنسة مشروع فاشل، ما دام أن المغرب لا يتوفر على أساتذة مؤهلين لتدريسها باللغة الفرنسية، مستدلة بتصريح لمسؤول في وزارة التربية الوطنية قال فيه إن 76 في المائة من أصل 4000 مدرس للعلوم كونتهم الوزارة استباقا لقرار تدريس المواد العلمية والتقنية بالفرنسية يوجدون في المستوى الثالث (B1) من السلم الأوربي للغات المكون من ستة مستويات، معتبرة أن " هذا المستوى لا يؤهل حتى للتواصل المقبول باللغة الفرنسة، فكيف يكون صاحبه قادرا على التدريس؟ ".

وتدل الدراسات الميدانية أن أصلح لغة للتعليم هي اللغة التي يفكر بها الطالب، فالمفاهيم العلمية إذا ألقيت على الدارسين باللغة التي يفكرون بها، نَفَذَت بيُسر إلى أعماق أذهانهم، وأمكنهم أن يُبدعوا من خلالها، علاوة عن أن القارئ أو السامع يستوعب مضمون نص عربي بزيادة مقدارها 16_ 20% ، أكثر مما يستوعب نصا بلغة أجنبية، مهما كانت درجة إتقانه لهذه اللغة. يقول الدكتور عابد الجابري ( لقد اعتدنا سَماع عبارات تَحكم على مستوى التعليم بالتدني، أي بالتراجع إلى الوراء بالنسبة لما كان عليه الحال في فترة ما. مثل هذه الأحكام، ولو أنها صحيحة نسبيا، أحكام ليست بريئة دائما، هناك من يشتكي من انخفاض مستوى التعليم ليصل إلى النتيجة التي يريدها، وهي أن السبب هو التعريب، وبالتالي فالعلاج يكون في العُدول عن التعريب)، ويضيف ( بخصوص التعريب يجب الفصل بين شيئين: بين ما هو ثابت ومبدئي لا مجال فيه للمراجعة ولا للتراجع، وبين ما هو قابل للتغيير والتطوير. وأقصد بالثابت هذا كون اللغة العربية هي لغة المعرفة في المغرب. ليس هناك في أي مكان من العالم بلد يضع لغته موضوعا للمناقشة. اللغة هي الوعاء التي تنصهر فيه الهوية ووحدة الوطن والمواطنة. ففي هذا الوعاء وبه تتحقق وحدة المشاعر ووحدة الفكر ووحدة الذاكرة ووحدة التطلعات، بدون هذا لن تكون هناك هوية ممتلئة وغنية، ولن تكون هناك جذور ولا ثقة بالنفس.)، واستطرد قائلا ( هناك بالتأكيد من يرى ويلح على أن تدريس العلوم باللغة الفرنسية في مدارسنا الثانوية مسألة ضرورية تفرضها الظروف، وهذا قلب للأمور).

إن اعتماد القانون الإطار هو دفاع عن النّشَاز وانتصار للغة الأجنبي المستعمر، حيث تتعرض لغتنا العربية الرسمية بموجب الدستور للإهمال في عقر دارها. والقول العربي" لا كرامة لنبي في وطنه " ينطبق على حال اللغة العربية في المغرب. ومن المؤسف أن المغاربة يركضون، منذ مرحلة الحضانة، على نحو مفجع صوب تعلم اللغات الأجنبية، بينما تتسارع معدلات هجرتهم للغة العربية، ذلك أن سياسة الفرنسة اخترقت كل المظاهر الوطنية، لدرجة أصبحت معها هيمنة اللغة الفرنسية معطى ملموسا. والأخطر من هذا كله، أن شبابنا صاروا من أصحاب الشات والمسنجر والفايسبوك، ولم تعد لديهم صلة كبيرة بمواقع الفكر والثقافة. وقد جَهل كثير منهم أو تَجَاهلوا تماما، أن هناك لوحة للمفاتيح العربية، فأخذوا يكتبون كلامهم الغث والركيك كله بحروف لاتينية وأرقام حسابية.


وليس من شك في أن مسؤوليتنا جميعا كبيرة في هذا الزمن الذي أضحت العربيّة فيه، حبيسة بعض الخطب الدينية والسياسية وفي نشرات الأخبار، بتقاعس أهلها وليس لعيب فيها، غريبة أو تكاد، وغَدَت في مَسيس الحاجة إلى من يدفع عنها الهجمات التي تتعرض لها. وقد حدث غير ما مرة أن غابت وسيلة التواصل بين الأقدمين والمتأخرين باندثار لغات الأولين. و في أيامنا هذه، هناك عدة شواهد بالمغرب تنذر بنتيجة مشابهة، قد تحل بلغة الضاد، فتمسي مجرد مادة للبحث على أجندة علماء الآثار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.