دخلتِ الأزمةُ المخيّمة على علاقة أساتذة وطلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان مع وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي منعطفا جديدا، بعد إقدام الوزارة على توقيف ثلاثة أساتذة، بداعي مساندتهم للطلبة المقاطعين للدراسة؛ فقد أعلن زملاء الأساتذة الموقوفين مقاطعتهم لجميع الأنشطة البيداغوجية والإدارية. أساتذة كلية الطب والصيدلة بمراكش سارعوا، مباشرة بعد انتشار خبر توقيف الأساتذة الثلاثة، ومنهم واحد من كلية الطب والصيدلة بمراكش، إلى الإعلان عن مقاطعة جميع الأنشطة البيداغوجية والإدارية داخل الكلية؛ بما فيها امتحانات الطلبة وامتحانات التخصص ومناقشة الأطروحات، إلى حين سحب قرار توقيف زميلهم بكلية مراكش. الأساتذة الثلاثة المعنيون بالقرار هم سعيد أمال وأحمد بالحوس وإسماعيل رموز، وهم على التوالي أساتذة في كليات الطب بالدار البيضاء وأكادير ومراكش. وأعلن أساتذة كلية الطب والصيدلة بمراكش أنهم قد يعلقون الأنشطة الاستشفائية أيضا؛ لكنهم أرجؤوا هذا القرار "إلى حين اتضاح الرؤية". وذهب أساتذة مراكش إلى التهديد، في بيان أصدره المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي، عقب اجتماع عاجل عقدوه مساء أول أمس الأربعاء، ب"التصعيد واستعمال كل الوسائل النضالية" لرد الاعتبار لزميلهم الموقوف. ودخلت النقابات العمالية أيضا على خط توقيف الأساتذة الثلاثة، حيث نددت النقابة الوطنية للصحة التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالقرار الذي اتخذته وزارة أمزازي، واصفة إياه ب"القرار الجائر والانتقامي وغير المبني على أية حيثيات موضوعية بل يشكل مسا بحرية التعبير وبالحقوق النقابية وضربا لاستقلالية الجامعة البيداغوجية المنصوص عليها في القانون". وانتقدت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بشدة تعاطي الحكومة مع ملف طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان المضربين عن الدراسة والتداريب الاستشفائية منذ 25 مارس الماضي، معتبرة أن "اعتبار الحكومة والوزيرين اللذين يدبران قطاعي التعليم العالي والصحة أن التعبير عن رأي مخالف لرأيهم والإعلان عن مواقف نقابية متضامنة ومساندة لنضالات الطلبة، يُعتبر خطأ جسيما". من جهتها، وصفت المنظمة الديمقراطية للشغل قرار الوزير أمزازي توقيف الأساتذة الثلاثة وتوقيف أجورهم وإحالتهم على المجالس التأديبية، ب"الخطوة الخطيرة وغير المسبوقة في التعامل مع الأساتذة الجامعيين"، معتبرة أن المبررات التي عللت بها الوزارة قرار توقيفهم "مبررات مصطنعة، تتنافى مع كل الأعراف والمواثيق ومكانة الأستاذ الجامعي في المنظومة التربوية والتعليمية". وأضافت الهيئة النقابية أن توقيف الأساتذة الثلاثة "هو قرار جائر وانتقامي ضد الأساتذة الأطباء لدعمهم ومساندتهم للحركة الاحتجاجية لطلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، ودفاعا عن الجامعة المغربية العمومية وفي مواجهة مخططات خوصصتها"، داعية إلى وقف "مثل هذه الاعتداءات على كرامة الأستاذ الجامعي والعمل سريعا على إنقاذ الموسم الجامعي لطلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان". وكان الأساتذة الثلاثة الموقوفون عن العمل قد توصلوا بإشعارات من طرف عمداء الكليات التي يدرّسون فيها، يخبرونهم فيها بتوقيفهم عن العمل، ووقف أجورهم، باستثناء التعويضات العائلية، وإحالتهم على للمجالس التأديبية، بعلّة "إخلالهم بالتزاماتهم المهنية"، بينما عزا أحد الأساتذة المعنيين قرار التوقيف إلى دفاعهم عن الطلبة. وكتب أحمد بالحوس، الأستاذ بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، في صفحته على موقع "فيسبوك" أن قرار توقيفه رفقة زميليه الآخرين كان ب"تهمة الدفاع عن الطلبة المظلومين والدفاع عن كلية الطب العمومية"، واعدا بتقديم "تفاصيل وكواليس" هذه الواقعة.