في ظلّ الصراع التجاري العالمي المعاصر الذي يتحوّل أكثر فأكثر إلى صراع سياسي وربما مستقبلا إلى صراع عسكري غير مباشر بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وجمهورية الصين الشعبية، تلوح في الأفق مظاهر وتجليات لم تكن في الحسبان في كثير من الدول والمجموعات الإقليمية الدولية؛ بما فيها تلك التي كانت تصنف في خانة الدول أو المجموعات المتقدمة اقتصاديا وحضاريا كأوروبا وإنجلترا واليابان، فما أحراك بدول الجنوب وبعالمنا العربي والإسلامي على وجه الخصوص، وهو الأمر الذي يرجع إلى عدم مواكبة دول العالم للتطور التكنولوجي والاستكشافي الفضائي والإستراتيجي الاقتصادي الذي تعرفه الدولتان الرياديتان في الكرة الأرضية شرقا وغربا (الصينوأمريكا). ولعل أهم تجليات العهد الحالي المرتبطة بهذا الصراع، حسب نظرتي المتواضعة وبناء على ما استشفيته من بعض الدراسات والأبحاث وتصريحات المسؤولين النافذين في العالم، هي ما أورده في الآتي: تنحو أمريكا اليوم إلى التحول من النمط الليبرالي المبني على اقتصاد السوق الحرة الذي كانت تتبناه سابقا إلى نمط "ليبرالي" جديد مبني على اقتصاد النفوذ والسيطرة الموسوم بالحمائية واستعمال السلطة السياسية لإخضاع بقية العالم لسيادتها الموروثة، ازدياد أهمية المعلومة ووسائل التواصل والمنتوج اللامادي والمعرفي على حساب الموارد المادية، سواء في الصناعة أو في مجالي الإنتاج والاستهلاك التجاري أو حتى في المجالات العسكرية، في ظل ما يسمى ب"الثورة التكنولوجية المعلوماتية" المعاصرة، وجود هوة كبيرة بين العملاقين الغريمين أمريكاوالصين باعتبارهما أكبر مصدّرين وسبّاقين لاتخاذ القرارات من جهة وبقية العالم باعتباره مستهلكا وغارقا في الانتظارية والمواجهات المؤدلجة الثانوية المعيقة لنموها الاقتصادي المتميز بالتبعية الاقتصادية المتزايدة للصين والخضوع السياسي شبه المطلق للولايات المتحدةالأمريكية من جهة ثانية. فهل أصبحت الصين أكثر ليبرالية من الولاياتالمتحدةالأمريكية فيما أصبحت الثانية أكثر شيوعية؟ ثم، أين نحن في العالم العربي الإسلامي من كل هذا إن حق علينا تسمية أنفسنا بنحن؟