عودة قوية لسجال المستوى التعليمي للنواب البرلمانيين بصمها النقاش العمومي طوال الأسبوع الجاري، فقد فتحت واقعة ضبط النائب البرلماني نور الدين اقشيل في حالة غش أثناء اجتياز امتحانات الباكالوريا معضلة ضعف تكوين المصدر الرئيسي لتشريع القوانين، وتأثير هذه المعضلة على جودة النقاش وطبيعة الرهانات المعقودة على المؤسسة التي يفترض فيها اليقظة لتمثيل المواطنين. ومن أصل 395 نائبا لا يتوفر حوالي 100 نائب برلماني على الباكالوريا، 5 منهم لم يلجوا قط المؤسسة التعليمية، فيما يتوفر 296 برلمانيا على مستوى تعليمي عال، أما 19.49 في المائة مستواهم ثانوي، و4.56 في المائة بمستوى تعليمي ابتدائي؛ وهو الوضع الذي زكاه رفض الحكومة السابقة لمقترحات برلمانية تروم إقرار التوفر على الباكالوريا للترشح للانتخابات التشريعية. وإلى جانب المستوى التعليمي المتدني، فقد سجلت معطيات رسمية صادرة عن البرلمان المغربي أن 4 نواب كانوا عاطلين عن العمل قبل ممارسة وظيفة الرقابة والتشريع، و108 منهم يمارسون أعمالا حرة، فيما بلغ عدد الموظفين 69 برلمانيا؛ وهو الوضع الذي يُعزز من فرضية ضعف تأهيل البرلمانيين للدفع بالممارسة السياسية إلى الأفضل. وفي هذا الصدد، قال محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالمحمدية، إن "الظاهرة قديمة جديدة، وارتبطت بالبرلمان المغربي منذ نشأته سنة 1963؛ لكنها تضاءلت قليلا خلال الولاية التشريعية الحالية"، مشيرا إلى أن لها أسبابا كثيرة، يتقدمها لجوء الأحزاب إلى الأعيان، والذين يكونون في غالب الأحيان دون مستوى تعليمي". وأضاف زين الدين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "هناك نفورا كبيرا من لدن الطبقة المتعلمة من الممارسة السياسية والبرلمانية، حيث اختار 160 ألف إطار مغربي العزوف"، مشددا على أن "الأحزاب لا توفر عروضا مغرية، كما أن استعمال المال بكثرة يجعل الأميين يصلون إلى القبة، ويضعفون التشريع بشكل كبير". وأوضح المتحدث أن "عدد مقترحات القوانين التي بلغت 40 فقط خير دليل على ذلك"، مستدركا أن "هذا لا يلغي أن الدستور منح صلاحيات التشريع بشكل كبير للحكومة"، لافتا إلى أن "الأمية ليست مرتبطة فقط بالشواهد والتعليم، فالعديد من النواب القادمين من تخصصات بعيدة يجهلون القانون، وبالتالي يجدون صعوبة على مستوى الإنتاج". وأكمل الأستاذ الجامعي: "البرلمان الألماني البوندستاغ 70 في المائة من نوابه حاصلون على الدكتوراه في الاقتصاد والقانون، وخلال كل دورة برلمانية ينتجون ما يقرب 250 قانونا"، مشددا على قاعدة "من لا يعرف لا يمكن أن يناقش"، فحتى مساءلة الحكومة ضعيفة جدا، ولا تستأثر باهتمام أحد، نظرا لضعف البرلمانيين". وعن مقترحات إلزامية الباكالوريا لولوج البرلمان، قال زين الدين: "هي قاعدة دستورية، وتعيد النقاش إلى القرن الثامن عشر، حيث كان الانتخاب مقيدا بشروط معينة؛ لكن في السياق الحالي الأحزاب هي المطالبة بجذب النخب"، مشيرا إلى أنه "لا مانع في أن يضم البرلمان مختلف شرائح المجتمع، من فلاحين واقتصاديين ومثقفين".