اهتزت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش أسفي، صبيحة اليوم الأول من الامتحان الجهوي، على وقع خطأ، وصفه أكثر من إطار تربوي ومدرس لمادة اللغة الفرنسية ممن قضوا سنوات في تدريس لغة موليير ب"الفادح والكارثي والفضيحة"؛ لأن موضوع النص، الذي تم اختياره للامتحان والمقتبس من رواية الكاتب الفرنسي فيكتور هيغو "Le dernier jour d'un condamné"، ذيل بسطرين من رواية أخرى للكاتب المغربي أحمد الصفريوي "La boite à merveilles". وأفادت مصادر هسبريس بأن "هذا الأمر خلق حالة من الارتباك بمراكز الامتحان، حيث تجندت الجهات المختصة، لتدارك الأمر بدعوة التلاميذ إلى التشطيب على السطرين؛ لكن بعد فوات الأوان، لأن مجموعة من التلاميذ غادروا حينها قاعات الامتحان". وأوضحت المصادر نفسها "أن المشرفين على المادة، والذين يفترض فيهم أن يتدخلوا في الحالات الطارئة، جردوا خلال السنوات الأخيرة من تزويدهم بنص موضوع الامتحان وأضحى حضورهم لا معنى له، وجعلهم مكتوفي الأيدي أمام هذا الخطأ الذي عرفته مادة اللغة الفرنسية"، وزادت متسائلة عن دور اللجان المختصة في مراجعة الامتحانات قبل تقديمها للتلاميذ. هشام بومسهولي، فاعل إعلامي وتربوي، قال لهسبريس: "إلى حد الساعة، لم نفهم ما جرى وكأن الأمور بسيطة جدا، في لحظة يجد الآباء وأولياء التلاميذ أنفسهم في حيرة من أمرهم بعد ترك أبناؤهم للمجهول من طرف الجهات المسؤولة تربويا عن تدبير الامتحان الجهوي، الذي لم يحترم ذكاء وحق المترشحين في وضوح النص وأسئلته". وتابع المتحدث قائلا: "تستمر الامتحانات الإشهادية الجهوية على إيقاع الارتباك بجهة مراكش- أسفي، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف تم دمج الامتحان الخاص باللغة الفرنسية لسنتي 2018 و2019 على الرغم من أن النصين من روايتين مختلفتين"، على حد تعبيره. كل من اتصلت بهم هسبريس من أساتذة اللغة الفرنسية، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، أجمعوا على أن المشكلة العويصة التي واجهت المترشحين هي ارتباط معظم الأسئلة بالسؤال الأول؛ وهو ما يستلزم التسلسل المنطقي"، مشيرين إلى أن السؤال السابع رافقه غموض، لأن مطلبه هو تحديد أسلوب التعبير الذي تدل عليه العبارة المجازية "Un froid d'acier" من بين عدة اختيارات، ليس بينها أسلوب المجاز "Métaphore" الأقرب إلى الجواب الصحيح، لأن المقترحات تضمنت أسلوب الانزياح " Hyperbole". ارتباك آخر حصل بين مترشحي البكالوريا المهنية الذين فوجئوا بامتحانهم في الرواية نفسها "Le dernier jour d'un condamné" المقررة بالسنة الأولى بكالوريا علوم، عوض الرواية "L'homme à la cervelle d'or" الخاصة بالسنة الأولى بكالوريا مهنية، يورد الأساتذة أنفسهم ضمن تصريحهم لهسبريس، مؤكدين تضمن هذا الإجراء لصعوبات أخرى. وحسب هذه المصادر التعليمية، فإن "المصححين لهذه المادة سيواجهون تضاربا بين معيار التصحيح، الذي سيقدم جوابا يتماشى مع ما طرح في السؤال المذكور؛ فيما تفرض عملية التقويم، التي تتأسس على ضمان تكافؤ الفرص، أن يترك للمصححين التعامل مع هذا الأمر بمرونة". هذا المأزق جعل عبد الرحيم أرشميد، رئيس المكتب الإقليمي لرابطة جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بمراكش، يدق ناقوس الخطر،ويقول ضمن تصريح لهسبريس: "ما وقع يتكرر كل سنة، ولا يمكننا أن ننسى ما وقع في مادة علوم الحياة والأرض بالنسبة للسنة التاسعة إعدادي في السنة الدراسية الماضية". وتابع أرشميد: "النص الذي قدم للمترشحين بالسنة الأولى في مادة الفرنسية يتعارض مع التوجيهات البيداغوجية"، مضيفا: "نسجل هذه المهزلة التي تتكرر كل سنة، وتنعكس سلبا على نفسية أبنائنا ومردوديتهم ونقطتهم، التي تعتبر ذات أهمية في النجاح في السنة الثانية باكالوريا، ونندد بسوء تدبير الامتحان الذي يفترض أن يخضع للمراجعة"، محملا المسؤولية للجهة المسؤولة عن ذلك، وطالب المدير الجهوي للأكاديمية ب"فتح تحقيق واتخاذ المتعين قانونا في هذه الفضيحة"، وفق وصفه. ودخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش على خط هذه القضية، معتبرة ما وقع "استهتارا بمصلحة التلاميذ وبقدراتهم، وتغيبا لروح الجدية والمسؤولية في إعداد الامتحانات وفق ضوابط بيداغوجية وتعليمية مضبوطة، وطالبت الجهات المسؤولة بفتح تحقيق عاجل جدي لتحديد المسؤوليات عن هذا الخطأ البيداغوجي الفاضح"، يقول بلاغ وصل هسبريس. في المقابل، أوضح بلاغ توضيحي للمديرية الجهوية للتربية والتكوين أن امتحان اللغة الأجنبية الأولى (اللغة الفرنسية) قد مر في ظروف عادية وإيجابية بجميع المراكز المخصصة لإجراء الامتحان الجهوي الموحد للسنة الأولى من سلك البكالوريا، مؤكدة فيما يخص هذا الموضوع أن هناك انسجام تام بين نص الانطلاق والأسئلة المطروحة. أما فيما يخص الاستفسارات والتساؤلات التي صاحبت موضوع الانطلاق، فهي عادية وتجاوبت معها بالشكل المطلوب فرق الحراسة والمداومة تحت إشراف رئاسة المركز، كما هو معتاد ومعمول به في مختلف الامتحانات الإشهادية. وعقب التربويون السابق ذكرهم على بلاغ المديرية الجهوية للتربية والتكوين، قائلين: "نعم مر الاستحقاق في جميع مراكز الامتحان في ظروف عادية وإيجابية من الناحية الأمنية؛ لكن الخطأ الذي عرفته مادة اللغة الأجنبية الأولى كان كارثيا بكل المقاييس، ما يستوجب مراجعة الطريقة المعتمدة في تحضير الامتحان الجهوي، باعتماد تعدد الأطر والمراجعة، والابتعاد عن الاجترار"، كما قالوا لهسبريس.