بعد المسيرات الاحتجاجية التي خاضتها شرائح من الشغيلة التعليمية، خاصة الأساتذة المتعاقدين والأساتذة حاملي الشهادات وأساتذة "الزنزانة 9"، بدعم من النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية، دعت هذه الأخيرة الأساتذةَ إلى الاحتجاج بحمْل الشارة السوداء أثناء مراقبة الامتحانات الإشهادية. النقابات التعليمية الخمس دعت، في بلاغ مشترك صادر عنها، الأساتذة إلى حمل الشارة السوداء طيلة أيام الامتحانات الإشهادية التي انطلقت اليوم السبت، "احتجاجا على الحكومة ووزارة التربية لعدم استجابتهما للمطالب العامة والمشتركة والفئوية لنساء ورجال التعليم". ولم تفلح جولات الحوار التي جمعت وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي مع النقابات التعليمية الخمس إلى تقريب وجهات النظر بين الطرفين، إذا ما زالت النقابات تتهم الوزارة والحكومة ب"الهجوم على حقوق ونساء رجال التعليم، عبر تسليط سيف الاقتطاعات غير القانونية من رواتب المضربين والمضربات". كما تتهم النقابات التعليمية الوزارة الوصية على القطاع ب"التمادي في نهج سياسة الآذان الصماء والتهديد والوعيد والتضييق على ممارسة الحقوق النقابية والحق في التفاوض والحوار والالتزام بالاتفاقات وبتسوية ملفات كل الفئات تسوية عادلة وشاملة"، معلنة "تشبثها بالملفات المطلبية ودعمها ومساندتها لكافة الفئات التعليمية من أجل تحقيق مطالبها العادلة". وتوقف الحوار بين النقابات التعليمية الخمس ووزارة التربية الوطنية منذ 23 ماي الماضي، حيث كان مقررا أن ينعقد اجتماع بين الطرفين بحضور التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، لكن النقابات قاطعت الاجتماع بداعي "استهتار الحكومة ووزارة التربية ولا مبالاتهما بمطالب الشغيلة التعليمية". عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، قال إن الحوار بين النقابات التعليمية الخمس والوزارة انقطع، "ولم نعد نعلم بمواقف الوزارة إلا من خلال وسائل الإعلام". وأوضح الإدريسي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن عدم إفضاء الحوار القطاعي بين النقابات التعليمية والوزارة الوصية على قطاع التعليم إلى أي نتيجة يرجع إلى "غياب إرادة سياسية للحكومات المتعاقبة، وللوزراء المتعاقبين على قطاع التعليم، على الرغم من أنّ الملفات التي نطرحها على طاولة الحوار بسيطة وحلولها سهلة". وتطالب النقابات التعليمية الخمس الحكومة ووزارة التربية الوطنية ب"الاستجابة للمطالب العامة والمشتركة وكذا الفئوية للشغيلة التعليمية، وعلى رأسها النظام الأساسي الجديد". واعتبر الإدريسي أنّ الحكومة "تعترف بأن الملفات التي تطرحها النقابات التعليمية على طاولة الحوار معها مشروعة، ولكن لا توجد إرادة سياسية لديها لحل هذه الملفات، وكأنّ هناك نيّة مبيّتة لإبقاء مطالب نساء ورجال التعليم عالقة". واتّسع الشرْخ أكثر بين النقابات التعليمية الخمس ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي عقب إعلان النقابات لجلسة الحوار التي كان مزمعا أن تنعقد يوم 23 ماي الماضي لمناقشة الملف المطلبي للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد. واستغربت الوزارة مقاطعة النقابات للحوار، مبدية تشبثها والتزامها بتنفيذ خلاصات اجتماع 13 أبريل الذي جمع بين الطرفين، وأنها تنسق مع الجهات الحكومية المعنية لإيجاد الحلول الملائمة لمطالب النقابات. في المقابل، قال عبد الرزاق الإدريسي إنّ الحوارات مع الوزارة الوصية على قطاع التربية والتعليم "مغشوشة وعقيمة ومجدية، الغاية منها بالنسبة إلى الوزارة هو ربح الوقت". وجوابا عن سؤال حول ما تعتزم النقابات التعليمية الخمس القيام به في ظل توقف الحوار بينها وبين الوزارة، قال الإدريسي لهسبريس: "لا نريد التصعيد حتى لا نمسَّ بحقوق التلاميذ، ولكن الأمور مفتوحة على جميع الاحتمالات".