ككل سنة، تجدّد الجدال الذي يرافق بداية ونهاية رمضان، بخصوص رؤية الهلال، مساء أمس الاثنين، بعد إعلان عدد من الدول الإسلامية اليوم لأربعاء عيد الفطر، وانقسمت الآراء كالعادة بين مشكّك في رؤية هلال شوال، وبين داع إلى اعتماد الحسابات الفلكية لوضع حدّ لهذا الإشكال. حملنا سؤالَ إمكانية رؤية الهلال يوم أمس في عدد من الدول التي أعلنت اليومَ الثلاثاء عيد الفطر إلى الفلكي المغربي عبد الحفيظ باني، رئيس جمعية الرباط لعلم الفلك، فكان جوابه أنّ رؤية الهلال في بعض الدول غير ممكن، كما هو الحال في الجزائر وبعض الدول الخليجية. ويشرح عبد الحفيظ باني أنّ عدم إمكانية رؤية الهلال بالعين المجردة في السعودية راجع إلى كون غروب الهلال جاء بعد ستّ دقائق فقط من غروب الشمس، ما يجعل رؤيته مستحيلة، نظرا لأنّ الضوء الذي تخلّفه الشمس في مكان غروبها يكون أقوى من الضوء الصادر عن الهلال، فضلا عن كونه يكون رقيقا جدا، ما يجعله غير مرئي. استحالة رؤية الهلال في بعض الدول التي أعلنت رؤيته أمس الاثنين عززته صُور التقطتها مراكز فلكي بالعراق والبحرين، عن طريق التصوير بتقنية CDD، صباح اليوم الثلاثاء، ويظهر فيها الهلال رقيقا جدا لا يكادُ يُرى؛ وهو ما يعني، حسب باني، أن رؤيته أمس لم تكن ممكنة. ويوضح الفلكي المغربي أنّ عمر الهلال عند مغيب شمس يوم أمس الإثنين، لم يكن يتعدّى سبْعَ ساعات، بينما أقلُّ عمر يمكن رؤية الهلال بعد بلوغه هو 15 ساعة على الأقل. وبخصوص المغرب، أوضح رئيس جمعية الرباط لعلم الفلَك أنَّ رؤية الهلال مساء يومه الثلاثاء ستكون ممكنة، لأنّ عمره سيكون قد بلغ، مع مغيب الشمس، 33 ساعة و34 دقيقة، وهو ما يجعل رؤيته بالعين المجردة ممكنة. واعتبر باني أنّ المغرب من الدول التي يُشهد لها بالدقة في تحري الهلال، حيث تُعتمد الرؤية بالعين المجردة، التي يتولى القيام بها زهاء 270 راصدا من نُظار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والقضاة، وبناء على عملية الرصد يتم تأكيد رؤية أو عدم رؤية الهلال، في تناغم بين الحسابات الفلكية مع ما تتم معاينته بالعين المجردة. ويُضيف أنّ من أسباب دقّة تحري الهلال في المغرب أنّ هذه العملية تتمّ في نهاية كل شهر قمري، بنفس الشروط الصارمة المعتمدة في تحري هلال بداية رمضان وفاتح شوال، وهو ما يُكسب الملكفين بعملية المراقبة يكتسبون تجربة وخبرة، تمكّنهم من معرفة المكان الذي سيتواجد به الهلال بعد غروب الشمس في السماء، وكذا شكله. وجوابا عن سؤال حول إمكانية توحيد الأهلّة، في دول العالم الإسلامي، بناء على الحسابات الفلكية، قال باني إنّ الإشكال المطروح لا يمكن في التوحيد من عدمه، بل في عدم احترام معايير مراقبة الهلال، موضحا بالقول: "من الناحية الدينية، فإنّ بداية ونهاية رمضان تتحددان برؤية الهلال، ولكن في أحيان تكون الرؤية مستحيلة، من الناحية العلمية، ومع ذلك يُقال إنّها تمّت، ويتمّ تصديق من ادّعاها، دون تحرّي الدقة المطلوبة".