رؤية الهلال أمر شرعي والقطعيان لا يتعارضان مما كتبه الباحث في علم الفلك بجامعة أوسلو "النرويج" في مقال له نشر بجريدة هسبريس: مناداة الباحث باعتماد الاقتران «اجتماع الشمس والقمر وهو لحظة عالمية" كإثبات لبداية الشهور القمرية كحل لاجتماع الأمة وتحديد صومها وأعيادها"، يقول الباحث: مع اقتراب الأعياد الدينية في العالم الإسلامي وشهر رمضان، تطرح أسئلة حارقة من قبيل: لماذا يواجه المسلمون صعوبة في تحديد بداية هذه المناسبات الهامة؟ وما سبب بداية الشهر القمري في تواريخ مختلفة رغم أن الدول الإسلامية تدعي أنها تعتمد على الحساب الفلكي؟. ومن هنا، أقول وأوضح ما يلي: المسألة ليست كذلك إنما الأمر تعبدي شرعي وليس فلكيا محضا؛ فالله سبحانه ربط إثبات الشهر برؤية آياته قال تعالى: "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج" "فمن شهد منكم الشهر فليصمه"، والعبادة تدخل باليقين لا بالشك، فرغم أن الإمام مالكا فلكي وله كتاب في النجوم وحساب دوران الزمان فلا يعتد عنده إلا بالرؤية البصرية وهذا مذهبه، فعنه في الإمام" إمام المسلمين" لا يصوم لرؤية الهلال ولا يفطر لرؤيته وإنما يصوم ويفطر بالحساب أنه لا يقتدى به. فأرى أن المسألة هنا شرعية وأمر تعبدي الأمر راجع فيه للفقيه وليس للفلكي الحاسب، فكيف نضيق على أنفسنا ونلزم جميع أهل الأرض برؤية الهلال وإثبات الشهر -باعتماد الاقتران - مع مخالفته للنصوص الشرعية الميسرة والقواعد الفلكية فالولادة ولادة فلكية وليست شرعية، ومسألة أخرى: الاقتران قد يقع ولا يرى الهلال إلا بعد ساعات كثيرة وهذا مرتبط بهيئة الفلك وسير النيرين ومدارهما، فإذا لم يخرج الهلال من شعاع الشمس فكيف يرى إذاً ويثبت الشهر شرعا؟ يقول شيخنا العلامة الفلكي سيدي محمد الرمشاني: إن الذي يعرفه كل علماء الإسلام هو أن الخلافات الفقهية لا يجوز أن تكون موضوعا للإنكار، وحديث العلماء يجب أن يكون رصينا وعاقلا لأن لهم شرعية القول، ولأن لهم سندا على ما يقولون، هذه الجزئية: قضية الهلال شغلت بال المسلمين منذ حقبة كثيرة من الزمن، مرت عليها أكثر من مائة عام وما زالت الأقوال والآراء تتداعى هنا وهناك. لقد اختلفت الآراء في هذه الجزئية وتعددت فيها الأقوال ووقع تهافت بين الفقهاء وعلماء الفلك، فكل من اقتنع بفكرة يحاول الدفاع عنها ويعمل جاهدا في العمل على نسف بقية الأفكار الأخرى التي تخالفه، لقد سال في موضوع رؤية الهلال مداد كثير وفيضان جارف من المؤلفات والمقالات والردود ما لا يدخل في الحصر، ولو حاولنا استقصاء ما كتب في هذا الموضوع لجمعنا في ذلك مجلدات ضخاما، ومع ذلك فالمسألة ما زالت تراوح مكانها ولم تجد لها حلا يرضي الجميع. ما هو المشكل إذا: الجواب يقول جزاه الله خيرا: في تقديري أنا ومنذ نعومة أظفارنا، ومنذ أن كنا ندرس علم التوقيت، وهذه الجزئية دائما حاضرة بقوة، تحصلت لدي خلاصة أرى أنها ربما تكون هي الأنسب لحل هذه المعضلة وربما أن هذا الشيء الذي أرخى بظلاله على تعتيم الرؤية الواضحة على الرأي السديد في إيجاد حل ألا وهو: عدم التنسيق بين الفقه والحساب وتحديد دور كل واحد منهما وترك التعصب جانبا. ولا ينبغي للحاسب أن يفرض شيئا على الفقيه ولا أن ينازعه في مصدر الفتوى، إلا ما هو غير مقبول علميا وذلك حينما تصدر بعض السقطات أو الانفلاتات كإعلان عن رؤية الهلال قبل الاجتماع مثلا، أو كأن يعلن عن ثبوت الهلال عندما يقرر الحساب أن الهلال غرب قبل الشمس، فالفتوى هنا بثبوت الرؤية غير مقبولة علميا ولا يلتفت إليها لأن الحساب قطعي والبينة ظنية، فمسألة المواقيت مثلها كمثل مواضع الميراث فعلم الميراث يدرس فيه المجال الفقهي مستقلا أي ما يقرر الشرع لكل وارث من الكتاب والسنة والإجماع والقياس. وكل ذلك من الاجتهادات الفقهية حسمه علم الفقه، ثم يأتي من ذلك الجانب العملي وهو عملية الحساب بطرح الأعداد الصحيحة وذلك بالكسور ومعرفة الاختزال وتصحيح المسائل والأنظار الأربعة والنسبة الهندسية، ثم بعد ذلك يستقيم للمفتي أن يصحح فريضة الهالك ويعلم لكل وارث سهمه فيها، وذلك لا يتأتى إلا بالتزاوج بين الفقه والعمل، ولا يمكن أن يكون الشخص فرضيا ما لم يكن ملما بالجانبين معا فقها وحسابا، وبعد هذه المقدمة أرى أن هناك مشكلة ربما لا ينتبه إليها كثير ممن في العصر الحاضر في موضوع رؤية الهلال وهي في تقديري موضوع أسباب الاختلاف فيما بين الدول، المشكل في هذه النازلة مشكل فقهي محض وليس مشكلا حسابيا. يقول الباحث الفلكي: هناك مؤسسات وجمعيات ومراكز "فلكية" تنشر بيانات تحت عناوين علمية، يوقع عليها بعض الفلكيين حول بداية أو نهاية رمضان والأعياد الدينية بناء على "الحساب الفلكي". ومن هذا المنطق، فإن الحساب الفلكي لا يعتبر مسؤولا عن هذه النتيجة الخاطئة لأنه لا يخبرنا بدقة وبشكل قطعي برؤية الهلال، بل على بداية الاقتران، أي بداية الشهر القمري، وهو ما يؤكد أن كل محاولة للتوفيق بين رؤية الهلال والحساب الفلكي تؤدي إلى الفشل. وتوضيحا: يقول الفلكي الفقيه سيدي محمد العلمي: هذا هو الشهر الحقيقي عند المنجمين "الفلكيين" أما أهل الشرع فيعتبرون أول الشهر بالرؤية لا بالحساب فإن الشارع ألغاه بالكلية لقوله صلى الله عليه وسلم"نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا وقال :الشهر تسعة وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين. أقول: وإعمال الحساب تحصين للرؤية من التزوير في الشهادة، وينبغي للقاضي أن يكون له معرفة بعلم الهيئة أو يقلد من يثق به في ذلك ليكون على بصيرة مما يقبل أو يرد، والحساب ليس ملغيا ولكن الرؤية شرط، يقول شيخ شيخنا الفلكي ابن عبد الرازق رحمه الله وما يقع من الخلاف ناشئ عن الاعتماد على مولده عند الشافعية فقد جاء عن شارح اللمعة للريشي المصري: والحاصل أن تقدم بعض الشرقيين عن فاس في دخول الشهر إما اعتمادا على حساب العلامة وإما على مولد الشهر عند من يعتمده من الشافعية وبقي احتمال آخر وهو اختلاف من لا يخشى الله ولا يتقيه أو حصول الاشتباه لمن يدعي رؤيته أو أنه مبني على حساب غير صحيح فلا عبرة به، وإذا وقع الخلاف في الرؤية لا يقع إلا بيوم واحد. والحسابات دقيقة لا مجال فيها للشك والقطعيان لا يتعارضان، وإذا استعملت الحسابات لرؤيته بالعين المجردة يمكن تحديد ذلك كله بدقة متناهة من حاسب حاذق يعرف كيف يتعامل مع الأزياج وحساباتها، إذا الحساب قطعي لا كما خطب أحد الأساتذة الفقهاء مؤخرا في مسجد بدولة أوروبية أن الحساب ليس قطعيا وأن فيه من الخطإ ما فيه ولا يعتمد عليه، كيف هذا سيدي وهو يحسب لنا الكسوفات والخسوفات بدقة عالية بالدقيقة والثانية، وكسوف هذا الشهر خير دليل على ذلك رغم أنه لا يشاهد في وطننا العربي. يقول الباحث المغربي: هناك فقهاء بارزون عبر التاريخ أصروا على اعتماد الاقتران لبداية الشهر القمري، لكن للأسف ما زال الذين يتبنون اعتماد الرؤية أو الحساب الفلكي للتنبؤ بها هم المهيمنون على الواقع الحالي لدول العالم الإسلامي، باستثناء ليبيا التي تعد الدولة الوحيدة التي حاولت تطبيق هذا المنهج العلمي الدقيق. وأقول: هذا المنهج العلمي الدقيق كما تقولون هو الذي كان يؤدي لاختلاف الأمة حتى صار الفرق يقع بيومين أو ثلاثة في بعض الأحايين وكيف تريد أن نعتمد الاقتران والمسألة شرعية والهلال لم يخرج بعد من شعاع الشمس ولم يولد الولادة المعتبرة يقول الباحث: في حين اختلفت الجاليات الإسلامية في مختلف الدول الأوروبية، حيث أعلنت المؤسسات الدينية في السويد مثلا أن عيد الفطر سيحل يوم الثلاثاء المقبل، ويوم الأربعاء في النرويج، مما أدى إلى الشعور بالإحباط والقلق في أوساط الجاليات المسلمة. وأقول إن المشكل عند الجالية الأوروبية تبعيتها لا بمشاهدتها للهلال هل هي للمجلس الأعلى الأوروبي للإفتاء؟ أو للمجلس العلمي الأوروبي المغربي؟ والمعضلة بناء الصوم والإفطار على رؤية غير صحيحة وشهادة مزورة، وما على الجالية إلا أن تطلب توضيح الأمر من فقهائها في المجلس التابع لها والذي تثق فيه لا من فلكييها وجمعياتها فالأمر تعبدي شرعي. ربما يكون الحل في رأي الفلكي العلامة محمد الرمشاني. يقول: وفي تقديري أنا ومنذ نعومة أظفارنا، ومنذ أن كنا ندرس علم التوقيت، وهذه الجزئية دائما حاضرة بقوة، وبحكم ممارستي هذا العلم منذ خمسين عاما وبحكم التعايش مع هذه الجزئية وتتبع أخبار أحوالها عبر مختلف الدول تحصلت لدي خلاصة أرى أنها ربما تكون هي الأنسب لحل هذه المعضلة، وربما أن هذا الشيء الذي أرخى بظلاله على تعتيم الرؤية الواضحة على الرأي السديد في إيجاد حل ألا وهو: عدم التنسيق بين الفقه والحساب وتحديد دور كل واحد منهما وترك التعصب جانبا. ولا ينبغي للحاسب أن يفرض شيئا على الفقيه ولا أن ينازعه في مصدر الفتوى، إلا ما هو غير مقبول علميا وذلك حينما تصدر بعض السقطات أو الانفلاتات كإعلان عن رؤية الهلال قبل الاجتماع مثلا (كإعلان دولة إسلامية أن اليوم الاثنين هو عيد الفطر)، أو كأن يعلن عن ثبوت الهلال عندما يقرر الحساب أن الهلال غرب قبل الشمس، فالفتوى هنا بثبوت الرؤية غير مقبولة علميا ولا يلتفت إليها لأن الحساب قطعي والبينة ظني؛ فمسألة المواقيت مثلها كمثل مواضع الميراث فعلم الميراث يدرس فيه المجال الفقهي مستقلا أي ما يقرر الشرع لكل وارث من الكتاب والسنة والإجماع والقياس. وكل ذلك من الاجتهادات الفقهية حسمه علم الفقه ثم يأتي من ذلك الجانب العملي وهو عملية الحساب بطرح الأعداد الصحيحة وذلك بالكسور ومعرفة الاختزال وتصحيح المسائل والأنظار الأربعة والنسبة الهندسية، ثم بعد ذلك يستقيم للمفتي أن يصحح فريضة الهالك ويعلم لكل وارث سهمه فيها، وذلك لا يتأتى إلا بالتزاوج بين الفقه والعمل،ولا يمكن أن يكون الشخص فرضيا ما لم يكن ملما بالجانبين معا فقها وحسابا، وبعد هذه المقدمة أرى أن هناك مشكلة ربما لا ينتبه إليها كثير ممن في العصر الحاضر في موضوع رؤية الهلال وهي في تقديري موضوع أسباب الاختلاف بين الدول... المشكل في هذه النازلة مشكل فقهي محض وليس مشكلا حسابيا المشكل في الفتوى، الفلكي أو الحاسب هو ينفذ ما يمليه عليه الفقيه لان هذه المسائل شرعية ترتبط بالشرع، والفقيه أو العالم بالأصول هو الذي يحرر الفتوى من أصول الفقه، وهو الذي يقول للحاسب احسب لنا كذا وكذا وعليه أن ينفذ... ويسترسل قائلا: هناك قولان فقهيان في المسألة باختصار فيما أرى والله أعلم. الأول: أن الهلال يولد بعد مكثه بعد غروب الشمس ولو بدقائق قليلة أي إذا قرر الحساب أن الهلال موجود فوق الأفق ليلة المراقبة بعد الغروب وبقي بعدها بعد غروب الشمس لفترة يعتبر هلالا كاملا ثابت الرؤية، وهذا الرأي هو الذي تعتمده جميع الدول الإسلامية اليوم باستثناء المغرب وسلطنة عمان في بعض الحالات. ولا شك في أن هذا الرأي يعتمد الحساب أو المنظار وإلا من أين لهم أن يعرفوا هذا المكث لأن الهلال مع المكث القليل لا يرى بالعين المجردة أبدا، هذه الحال تكررت في الشرق الأوسط وألفناها وأصبحت معروفة وغالبا ما يعتمدون على برامج موجودة في الأنترنت تظهر الهلال في الأفق ليلة المراقبة بأبسط كلفة بدون تكليف الحساب فما عليك إلا أن تعطي للبرنامج إحداثيات الموقع والوقت يعطيك بسرعة فائقة حالة الهلال أين يوجد، إذا هذا الرأي الفقهي مبني على حساب المكث الثاني: التقييد بلفظة "الرؤية" أي إمكانية الرؤية بالعين المجردة وهذا يتطلب معطيات من أجل ضبط الرؤية فهنالك حسابات طويلة تعطى للرؤية فتكون إما واضحة أو مستحيلة أو عسيرة ولا يكفي فيها المكث القليل وتحتاج لضوابط رؤية الهلال كما هو مقرر في علم الأزياج، فالمملكة المغربية تعتمد على الرؤية وتستأنس بالحساب الذي يفيد الرؤية بالعين المجردة تحصينا في التزوير في شهادة الرؤية وما خلص إليه العلامة الفلكي الرمشاني في بعض الملتقيات الفلكية الأخيرة قوله : فلو اجتمع رأي الأمة على قول واحد من القولين المذكورين لحلت المشكلة وأبسط القولين هو اعتماد ثبوت الرؤية بمكث الهلال بعد غروب الشمس ليلة الرؤية فغالبا ما يكون هذا المكث عاما في جميع البلاد الإسلامية ب99% إن لم نقل مائة بالمائة مع أنه قد يختلف مقداره من بلد لآخر فإذا اعتمد واحد من هذين القولين نكون قد وصلنا لحل نهائي لهذه المعضلة إلى الأبد. هذا رأيي الخاص. وأخيرا: أقول بأن الاجتماع على اعتماد الاقتران لبداية الشهور أمر مستبعد شرعا وفلكا. *معدل وفلكي مغربي