أظهرت واقعة إقدام شبان على الاستحمام داخل حافلة للنقل الحضرية تربط بين إنزكان والشريط الساحلي لأكادير، جرى تداولها على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، أن المجتمع المغربي يعيش حالة فريدة من نوعها تؤكد انهيار القيم والأخلاق. الواقعة التي أثارت سخطا من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين عيروا عن رفضهم لمثل هذه السلوكيات اللاأخلاقية، يرجعها الباحثون في علم الاجتماع إلى انهيار منظومة القيم والأخلاق نتيجة انهيار المدرسة العمومية. وفي هذا الصدد، يرى الباحث في علم الاجتماع فؤاد بلمير أن "التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي بدأت في الظهور بداية الثمانينات من القرن الماضي، بعد سياسة إعادة الهيكلة التي أملتها وفرضتها المؤسسات المالية الدولية". ولفت الباحث السوسيولوجي، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن هذه السياسة الدولية "تسببت في توجهات اقتصادية ضُربت من خلالها المدرسة العمومية التي كانت فضاء يلقن التربية والأخلاق ومنظومة القيم". وأضاف أن "الطبقة المتوسطة بدورها تم ضربها خلال هذه المرحلة وسقطت في مصاف الفئات المعوزة التي تصرف مبالغ كبيرة في التربية والتعليم، وعند سقوط هذه الفئة التي تفرز النخب وتحافظ على منظومة القيم وتوازن المجتمع، فأكيد أن الشباب لن تصير له العلامات المميزة". وشدد الباحث في علم الاجتماع، ضمن تصريحه، على أن الإعلام الجديد، المتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي، "ساهم في هذا الأمر وأدى إلى فراغ فكري وتفاهة وابتذال، وصرنا نساهم جميعا في هندسة الجهل، ما جعل الشباب تائها وضائعا"، مضيفا أنه "بسقوط منظومة القيم، تظهر العديد من السلوكيات، من بينها ما قام به هؤلاء الشبان، رغم أن هذا التصرف ليس بالجديد، لأننا صرنا نلحظ مثل ذلك في الشارع بشكل يومي". وأوضح الباحث فؤاد بلمير أن التنمية هي التحدي الذي يواجه المغرب اليوم، "لكن لا يمكن تحقيقها إلا بوجود مواطن متشبع بمنظومة القيم، وإعادة الاعتبار للمدرسة التي تعد رافعة المجتمع، وتشكل مصعدا اجتماعيا للفئات التي تعاني عوزا". ومعلوم أن الواقعة التي شهدتها إحدى حافلات مدينة إنزكان أثارت غضبا واسعا، حيث طالب العديد من المتتبعين بمعاقبة هؤلاء الشبان حتى يكونوا عبرة لغيرهم، معربين عن رفضهم التطاول على الفضاء العمومي بهذه الطريقة. وجدير بالذكر أن النيابة العامة بابتدائية إنزكان أمرت بوضع أربعة شبان، كلهم تلاميذ، تحت تدابير الحراسة النظرية، على خلفية هذه الواقعة.