قال حسن أوريد، مؤرخ روائي، إن من واجبه بوصفه أستاذا أن يطرح سؤالَ لماذا لم يُهتَمّ بكتابه "رَوَاء مكّة" بعد صدوره بسنة، على الرغم من نفاد طبعته الأولى، إلا بعد حديث شخص له هوية معينة عن شخص قد تكون له مرجعية متضاربة مع مرجعيته. وفي سياق مشاركته في ندوة نظمتها "لفابريكا" و"طاطا تامورانت" بالفضاء الثقافي والفني "لوزين" في الرباط، مساء الأربعاء، ردّ أوريد على تقديم أبي زيد المقرئ الإدريسي، الأستاذ الباحث النائبِ البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، لمؤلَّفِه "رَوَاء مكة"، بقول: "دعنا من الصور الكاريكاتورية التي يطبعها الغلو"؛ قبل أن يؤكّد، في جواب عن سؤال مسيِّرِ اللقاء الصحافي رشيد البلغيتي، أن تعليقه هذا يأتي دون وصاية لأن من حقّ الجميع أن يقرؤوا الكتاب. ورأى أستاذ العلوم السياسية أن السؤال المطروح في هذه النازلة هو: "لماذا تم الاهتمام بالكتاب لما استُشْهِدَ به من طرف شخص يجمع بين الدعوة والسياسة في مَجْمَع معين، على الرغم من طبعه قبل سنة، ولو نفدت طبعته الأولى؟"، ثم زاد مؤكّدا أن الضجّة التي أثارتها هذه القراءة "لا ناقة له فيها ولا جمل". وشدّد حسن أوريد على أنه لو لم تصله دعوة الجهة المنظِّمة لما سعى إلى تقديم الكتاب، وزاد مبيِّنا أن سؤال لِمَ اهتَمَّ الناسُ ب"روَاء مكة" بعد تقديمه من طرف أبي زيد المقرئ الإدريسي، غير مسؤول عنه، ثم تحدّث عن تشريح التأثير على المجتمع، قبل أن يستعيد ما قاله أحد المتدخّلين في اللقاء الحواري حول كون مجتمعنا لا يقرَأُ بل يتأثّر بالأحداث. وبعد تشخيص حال مجتمعاتنا بكونها "قلقة تنظر للإنسان نظرة ميكانيكية"، بينما "حياة الإنسان يملؤها التناقض البناء"، ذكر أوريد أن ما قد يُنظَر إليه بوصفه تناقضا يمكن أن يقول إنه فقط تعدّدٌ. وقال أوريد إنه قد درج في محيط تقليدي من أسرة محافظة، ثم انسلخ عن هذا المحيط ليرى العالم كما حدث لبوذا الذي كان يعيش في عالم مغلق ويظن العالم ما يحدث داخل ذاك الرواق، ثم رأى العالم الذي يسوده الفقر والألم.. فلم يعد نفس الشخص؛ وهو ما فسّره المتحدّث بأن ثقافته التي تلقاها عند ترعرعه لم تكن تسعفه ليفهم العالم، ثم حاول لاحقا في حياته أن يستعيد هذه المرجعية وما درجَ عليه. وأحال الروائي على استشهاده في "رَوَاء مكة" بالغزّالي في فكرة قال فيها إن الإنسان عندما ينتابه شك ينكسر كلُّ ما تَلَقَّاهُ كزجاجة لا يمكن أن تلتحم إلا بإذابتها من جديد وإلا لن يستطيع رأب صدع الكأس التي انكسرت، وزاد قائلا إن هذه الكأس هي "التعليم التقليدي والرؤية المحافظة" التي ترعرع عليها؛ وهو ما لم يكن بدٌّ معه من إذابتها في بوتقة المعاناة ليصوغ شيئا جديدا، ثم استرسل قائلا: "لا يمكن بتاتا أن أعود ما كُنْتُهُ أو أن أنسلخ عن النبع الذي نهلت منه في صباي وما يحمله من قضايا والتزام ورؤى". تجدر الإشارة إلى أن مقطعا من برنامج شارك فيه أبو زيد المقرئ الإدريسي، وقدّم فيه مؤلَّف حسن أوريد "رَوَاءُ مكة"، قد أثار جدلا طفا على صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث تحدّث عن "استحالة أن يبقى من قرَأَه كما كان قبل قراءته" وأثنى على لغته وتبصُّرِ مضامينه، قبل أن يعرج على "انحراف أوريد الديني والسلوكي وشكِّه قبل رحلته إلى الحج.."، ويؤكّدَ بعد ذلك أن هذا الكتاب، الذي يتحدّث فيه حسن أوريد، وفق قراءة أبي زيد المقرئ الإدريسي، عن رجوعه إلى الإسلام من باب الفكر والفلسفة والتأمّل والمكابدة، سيكون زادا للدعاة "خصوصا ومستواهُ الفكريُّ والفلسفي عال فيمكن مخاطبة المثقفين والجامعيين والمتشككين، والردُّ على المستشرقين والمغرضين والماركسيين والعَلمانيين المثقفين؛ لأنه من طينتهم بل هو في مستواهم".