اعتاد الفنان التشكيلي السوداني راشد ضرار (44 عاما) أن يعمل في بيته. أما الآن فقد أصبحت الخامة التي يرسم عليها لوحاته هي أي مساحة خالية في جدار يمكنه العثور عليها في محيط الاعتصام الذي بدأ قبل شهر خارج وزارة الدفاع في الخرطوم. ويقول ضرار إن هذه هي وسيلته "للمشاركة في الثورة"، مشيرا إلى حركة الاحتجاج التي أسقطت الرئيس عمر حسن البشير يوم 11 أبريل، والتي تطالب الآن المجلس العسكري الذي تولى السلطة بتسليمها للمدنيين. وقال ضرار: "أنا أرسم للشعب السوداني. والفن شيء طيب مثل الثورة". وقد تحول الشارع العريض المواجه لوزارة الدفاع حيث يعتصم الألوف منذ السادس من أبريل إلى مركز ثقافي تحيط به خيام مؤقتة. وإلى جانب الخطب السياسية الحماسية، تستمتع أعداد كبيرة توافدت على المنطقة من مختلف أنحاء السودان بالموسيقى والعروض الراقصة ومعارض الصور الفوتوغرافية وبطولات الشطرنج وقراءة الكتب. وأبرز المظاهر الثقافية أن المنطقة تحولت إلى معرض مفتوح لمئات اللوحات الجدارية. واستغلت الصحافية آمنة الماحي جانبا كبيرا من وقتها منذ بدأت الاحتجاجات في رسم اللوحات الجدارية. وهي تعتقد أن الكفاح في سبيل الديمقراطية في السودان سيكون طويلا، وترى في عملها الفني تعبيرا عن جراح تسبب فيها حكم البشير الاستبدادي على مدار ثلاثة عقود. وتقول: "شعب السودان عانى كثيرا في ظل القهر السياسي". وتضيف: "هو الآن يريد الحرية والمساواة والديمقراطية. والمضمون السياسي لهذه اللوحات الجداية تعبير تام عن هذه المطالب". ويتفاوض محتجون وناشطون مع المجلس العسكري الانتقالي على تشكيل هيئة مشتركة من المدنيين والعسكريين للإشراف على البلاد حتى إجراء الانتخابات. لكن الطرفين مختلفان حول من يحق له الإمساك بالزمام في الفترة الانتقالية. مدرسة من الخيام تنظم آلاء خوجلي وأصدقاؤها فصولا في الفن والقراءة والكتابة والموسيقى في مدرسة من الخيام أقاموها لأطفال الشوارع. وقالت خوجلي: "الديمقراطية لا تعني الحرية وحدها. وإذا تحققت فنحن نعتقد أننا سنجد مستوى تعليميا أعلى ورعاية صحية أفضل". وأضافت: "هؤلاء الأولاد لا يحصلون على تعليم ورعاية صحية. ولذا فإننا نحاول بدلا من تركهم طلقاء بين المحتجين كل يوم أن نوفر لهم أنشطة ممتعة وتعليمية في خيمتنا". ونكب السودان بأزمة اقتصادية طاحنة أدت إلى احتجاجات على حكم البشير في ديسمبر وما تزال تسبب مشاكل للمواطنين العاديين. ويشتبه نشطاء وجماعات معارضة بأن الجيش يرفض التنازل عن السلطة الحقيقية. غير أن الفرزدق عبد الله، الحاصل على شهادة عليا في الفن التشكيلي ويعطي دروسا في الفن في خيمة أخرى بمنطقة الاعتصام، قال إن الأمل في مستقبل أفضل يحافظ على حركة الاحتجاج. وأضاف: "السودانيون يعملون على إبقاء آمالهم في الديمقراطية حية. وستعني الديمقراطية الحقة بلدا أفضل من كل الجوانب". *رويترز