ذكرت مصادر سودانية أن الجيش أجبر الرئيس عمر البشير على التنحي، اليوم الخميس، بعد حكم شمولي دام ثلاثة عقود؛ وأن هناك خطوات لتشكيل مجلس انتقالي لإدارة شؤون البلاد. وقالت مصادر حكومية، ووزير الإنتاج والموارد الاقتصادية في ولاية شمال دارفور عادل محجوب حسين، ضمن تصريحات لقناة "الحدث" التلفزيونية المستقرة في دبي، إن البشير تنحى وتجري مشاورات لتشكيل مجلس عسكري يستلم السلطة. وصرحت مصادر سودانية لرويترز بأن البشير، البالغ 75 عاما، موجود في قصر الرئاسة تحت حراسة مشددة. ونقلت قناة "الحدث" عن ابن زعيم المعارضة الرئيسية في السودان، الصادق المهدي، قوله إن البشير رهن الإقامة الجبرية، وكذلك عدد من قيادات جماعة "الإخوان المسلمين". وذكر التلفزيون السوداني الرسمي، اليوم الخميس أيضا، أن "القوات المسلحة ستذيع بيانا"، لكن ذلك لم يتمّ رغم ساعات من الانتظار؛ في ظل أنباء عن "خلافات بشأن تشكيل المجلس الانتقالي"، إذ اكتفى المنبران الرسميان بالإبقاء على بث "موسيقى وطنية". وانتشرت القوات العسكرية في محيط وزارة الدفاع وعلى طرق وجسور رئيسية في العاصمة. بينما تدفق آلاف المواطنين إلى موقع احتجاج مناهض للحكومة، أمام وزارة الدفاع، بينما خرجت حشود ضخمة إلى شوارع الخرطوم ابتهاجا بالنبأ، وأخذت تهتف بشعارات مناهضة للبشير. ودعا المحتجون، بشكل فوري، إلى تشكيل حكومة مدنية وقالوا إنه "لا قبول بإدارة تقودها رموز عسكرية وأمنية، أو مساعدون لعمر البشير خلال فترة حكمه الطويلة جدا". عمر صالح سنار القيادي في تجمع المهنيين السودانيين، إحدى الجماعات الرئيسية المشاركة في الاحتجاجات الشعبية، قال إن التنظيم الذي ينتمي إليه يترقب بيان الجيش؛ ويتوقع التفاوض معه بشأن انتقال السلطة. وأضاف سنار، في تصريح أدلى به لرويترز، "لن نقبل إلا بحكومة مدنية انتقالية مكونة من قوى إعلان الحرية والتغيير"، بينما قال كمال عمر، وهو طبيب من المحتجين عمره 38 عاما، "سنواصل الاعتصام حتى ننتصر". من جهة أخرى؛ قال شاهد لوكالة رويترز إن "جنودا داهموا مقر الحركة الإسلامية التي يتزعمها البشير في العاصمة الخرطوم". لم يتضح مصير عمر البشير حتى الآن، ويواجه الرئيس السوداني اتهامات المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، التي أصدرت أمرا باعتقاله على خلفية مزاعم بارتكاب جرائم حرب في منطقة دارفور بالسودان؛ أثناء تمرد بدأ عام 2003 وأودى بحياة نحو 300 ألف شخص. وكان البشير قد أمسك بزمام السلطة في "انقلاب أبيض" عام 1989؛ وشخصيته المثيرة للجدل مكنته من تخطي أزمة داخلية تلو الأخرى، والتصدي في الوقت ذاته لمحاولات من الغرب لإضعافه. وتصاعدت الأزمة الراهنة في السودان منذ مطلع الأسبوع الجاري؛ بعدما بدأ آلاف المحتجين اعتصاما خارج مقر وزارة الدفاع في وسط الخرطوم، حيث مقر إقامة البشير. اندلعت اشتباكات، يوم الثلاثاء الماضي، بين جنود حاولوا حماية المحتجين وأفراد من أجهزة الأمن والمخابرات كانوا يحاولون فض الاعتصام، وذكر وزير الإعلام، نقلا عن تقرير للشرطة،أن ما لا يقل عن 11 شخصا لقوا حتفهم وقتها، منهم ستة من القوات المسلحة. وكانت شخصيات من المعارضة السودانية قد دعت الجيش إلى "المساعدة في التفاوض لإنهاء حكم البشير، المستمر منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، والانتقال نحو الديمقراطية".