قفة بدون بصل نفسي الأمّارة بالسوء أمرتني بالذهاب إلى السوء..أقصد السوق كي أملأ قفة رمضان بما يلزم من البطاطا والطماطم والبصل والقرع الذي حيثما ضربته يسيل دمه. وهنا يتبادر إلى ذهني سؤال طالما أردت طرحه عليك: ما الذي أجبرك على أن تمشط للأقرع شعره؟ فكّر في الجواب ريثما أقوم بجولة استطلاعية في السوق للتعرف على الأسعار. معنا الآن مواطن مسعور.. سأبتعد عنه قليلا كي لا يعضني.. أخي المسعور.. هل تسمح لي بإطلالة على محتويات قفتك؟ أرغى الرجل وأزبد ونزع قميصه ومزقه ثم بدأ في ضرب صدره حتى أنني اعتقدتُ أنه شيوعي. جاء بعض المتسوقين ليتسوقوا الأخبار. طلبت منهم مساعدتي في تهدئة الرجل، لكنهم قاموا بفعل أخلاقي نبيل أكبر من تهدئته، حيث فتحوا قفته وصار كل واحد يمر أمامه بخفة ويرمي بصلة صغيرة في القفة. أما أنا فقد كنت أتابع المشهد الإنساني المؤثر بالكثير من الدموع، خاصة عندما أتذكر سعر البصل، أما هو فقد نام بين ذراعي كطفل أعادوه إلى أبويه، طبعا بعد أن حكيت له حكاية هاينة والغول. هل وجدتَ الجواب عن سؤال تمشيط شعر الأقرع؟ خذ راحتك. واعلم عزيزي حماك الله من سعار البصل أن هاينة مواطنة من "أقسى المغرب" لا تمت للجمال ببصلة، جاءت إلى المدينة لتبيع البصل وأمنيتها أن تجمع ما يكفي من نقود لإجراء عملية تجميلية على عينها اليسرى التي أفسدتها كثرة البكاء بسبب البصل، أما عينها اليمنى فكانت مخصصة لغمز نوع خاص من الرجال واستدراجهم للشراء، أي أولئك الرجال ذوي العيون الخضراء الزائغة. لن أحكي لك حكاية الغول الذي يقتلك ويقتلني بالعرض البطيء. وعموما أنت تعرفه جيدا. دعني أسميه غول الغلاء. غول ليس كالغيلان. هو أشبه بتنين بلحية مشذبة، يخرج من فمه اللهب، وأنا كلما وضعت يدي على صندوق البصل أو الطماطم تحرقني ألسنة النار، لذلك أعيد يدي إلى جيبي لأبرّدها، فجيبي تهب بداخله رياح باردة عاتية تنذر بهطول مزيد من الدموع من عيني آه يا عيني. عندما أفاق المواطن المسعور طلب مني تجهيز الميكروفون والكاميرا لأنه يريد الإدلاء بتصريح مهم، حيث قال جملة قصيرة وأجهش بالبكاء: الحياة بدون بصل لا تستحق أن نعيشها. استمرّ أنت في تمشيط شعر الأقرع ودعني أكمل جولتي الاستطلاعية بسوق البصل. في حديقة الحيوانات هو كلب وسيم. يرتدي أفخر الوبر. أناقته لا تحتمل. ناب ذهبي لامع يزين طقم أسنانه. يرش أغلى العطور لكي يتميز عن باقي الكلاب النتنة. لم يسبق له أن عض أحدا بشكل مباشر. كان كلبا ضالا واهتدى وبنى منزلا جميلا يأوي إليه. كان جائعا وشبع. يأكل ما لذ وطاب على الفحم من لحوم فتية وأسماك طرية تأتيه مباشرة من أعالي البحار. قليلا ما ينبح. لا ينبح إلا للضرورة القصوى.. كأن يسعى كلب آخر إلى مشاركته مأكولاته. يركب سيارة فاخرة ويدير شركة كبيرة متخصصة في إنتاج مستلزمات الكلاب من مأكولات ومشروبات وملابس وعطور. منصبه ووسامته وسيارته.. كل ذلك جعله مطمعا للكثير من الكلبات. كلبة شقراء تشتغل مديرة المبيعات في شركته، تخطط باستمرار للإيقاع به في شباكها، لكنه كلب ذكي، يصعب التلاعب به. صحيح أنه يفكر في الاستقرار والزواج من أجل إنجاب جرو أو جروين على الأكثر. هو حديث العهد بالتكلبن. وأكثر ما يحزنه هو عمره الذي ضيعه عندما كان بشرا. نصائح مول الكوتشي تناول البصل لأنه يطهر جسمك من السموم، لكن يُرجى الاحتفاظ بالسموم إذا كنتم من فصيلة الثعابين والأفاعي. توقف عن التفكير في "كيف تصبح غنيا". فكر في "كيف تصبح غبيا". فالأغبياء يعمّرون أكثر من الأغنياء. الأغنياء يقتلهم التفكير في المال. الأغبياء يقتلهم التفكير. تعلم مهارات التسويق لأنها أساسية لكل من يفكر في بيع نفسه للشيطان. www.facebook.com/fettah.bendaou