خصّصت إدارة السجن المحلي بالقصر الكبير الاحتفال السنوي بمناسبة ذكرى تأسيس المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج للاحتفاء بموظفي السجن، بتكريم اثنين من الموظفين المتقاعدين هذه السنة، ومنح جائزة التميز لموظفيْن آخرين. وخصص الاحتفال، الذي احتضنه السجن المحلي بالقصر الكبير صباح الاثنين، بحضور عدد من مسؤولي السلطة المحلية والأمنية والمنتخبين وفعاليات جمعوية، لاستعراض أهم الإنجازات المحققة ضمن المخطط الإستراتيجي 2016-2018 الذي وضعته المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. حسن إنوني، مدير السجن المحلي بالقصر الكبير، قال، في كلمة بالمناسبة، إن تقييم نتائج المخطط الإستراتيجي 2016-2018، الذي انتهت مدة تنفيذه بانتهاء السنة الماضية، يبين أن هناك تطورا ملموسا على جميع المستويات المتعلقة بتدبير الشأن السجني. وركز المخطط الإستراتيجي للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج على أربعة محاور رئيسية؛ وهي تحسين ظروف الاعتقال، وتعزيز فرص التأهيل لإعادة الإدماج، والحفاظ على السلامة والأمن داخل المؤسسات السجنية، وتدعيم وتحديث الإدارة وتثمين الموارد البشرية. بخصوص تحسين ظروف الاعتقال، تركزت جهود المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج على تعزيز البنيات التحتية والتجهيزات اللازمة بالمؤسسات السجنية والرقي بها لتراعي المعايير الضرورية للإيواء، وتتيح إعمال تصنيف ملائم للمعتقلين، من أجل توفير ظروف إيواء إنسانية لنزلاء المؤسسات السجنية. وأوضح مدير السجن المحلي بالقصر الكبير أن الطاقة الاستيعابية لحظيرة السجون توسعت، بافتتاح سجن جديد بمدينة الناظور وإغلاق السجن القديم، فضلا عن مواصلة أشغال بناء خمس مؤسسات سجنية جديدة بوجدة وبركان وأصيلة والعرائش وطنطان، بطاقة إيوائية إجمالية تقدّر ب6000 سرير، بالإضافة إلى أشغال إصلاح وترميم 14 مؤسسة سجنية أخرى. وأبرز حسن إنوني أن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج تحرص على تحسين ظروف الاعتقال، من خلال تجويد التغذية، لتمكين النزلاء من وجبات متوازنة، وتقديمها وفق شروط صحية ملائمة، من خلال مراقبة طريقة وظروف إعدادها وإنتاجها وتوزيعها من طرف الشركة المكلفة بالتغذية. وحسب المعطيات التي قدمها مدير السجن المحلي بالقصر الكبير، فإن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج قد أطلقت مشاريع بناء مطابخ جديدة والشروع في تهيئة وتجديد المطابخ القديمة بالمؤسسات السجنية، وامتدت المجهودات المبذولة في هذا الباب لتشمل إنتاج مادة الخبر بست مؤسسات سجنية، هُيئت بها مخبزات وجُهزت بالمعدات الضرورية. المخطط الإستراتيجي 2016-2018 أولى عناية خاصة بجانب النظافة داخل المؤسسات السجنية، خاصة محلات الاعتقال، عبر تفعيل دليل النظافة والصيانة، وتمكين جميع المؤسسات السجنية من مواد النظافة مع استفادة جميع السجناء من محفظة شخصية، وتهيئة قاعات الحلاقة وتجهيزها بالمستلزمات والأدوات الضرورية، وتوفير الأغطية الكافية للسجناء. علاقة بذلك، ذكّر حسن إنوني بأن المندوبية العامة لإدارة السجون تضع الرعاية الصحية لنزلاء المؤسسات السجنية ضمن أولوياتها، ضمانا لحقهم في الصحة المنصوص عليه دستوريا، عبر تنفيذ مختلف البرامج الوقائية والعلاجية المسطّرة في مخططها الإستراتيجي، وإحداث وحدات صحية جديدة وتأهيل المصحات القديمة ودعم تجهيزاتها، لضمان تغطية صحية كافية للنزلاء. وفي الشق المتعلق بترسيخ المقاربة الحقوقية بالوسط السجني، قال حسن إنوني إن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، انطلاقا من وعيها بالدور الذي يكتسيه تكوين وتحسيس موظفي السجون وتقوية قدراتهم في مجال حقوق الإنسان، تحرص على تنظيم دورات تكوينية لفائدتهم، بشراكة مع الهيئات الوطنية والدولية النشيطة في هذا المجال. وبخصوص الحفاظ على السلامة والأمن داخل المؤسسات السجنية، قال حسن إنوني إن المندوبية السامية لإدارة السجون وإعادة الإدماج تولي أهمية خاصة لهذا الجانب، نظرا لما له من أهمية في إنجاح العملية الإصلاحية والتأهيلية، من خلال توفير الشروط الأمنية الضرورية لإنجازها. وأفاد المتحدث ذاته بأن المجهودات المبذولة في هذا الجانب ما زالت متواصلة، من أجل تعزيز أمن المنشآت السجنية وتجهيزها بالمعدات الحديثة، وتأهيل الموظفين من خلال تنظيم دورات تكوينية لفائدتهم في الأمن الاستباقي وتدبير الطوارئ، خاصة لفائدة أعضاء فرق التدخل التي تم إحداثها بجميع المؤسسات. وشهد حفل تخليد الذكرى الحادية عشرة لتأسيس المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بالسجن المحلي بالقصر الكبير، تكريم موظفين محاليْن على التقاعد، وهما عبد الرزاق أكرمي وإدريس النخاس، وتكريم الموظفين المتميزين لسنة 2019 وهما حفيظة السموني وأنور الواد، جزاء لهم على عطاءاتهم. إدريس النحاس، الذي اشتغل موظفا في السجون بخمسة أقاليم مدة 36 سنة وأحيل على التقاعد قبل عشرين يوما، تحدث بتأثر عن تكريمه، حيث غالبته دموعه حين توجه بكلمات الوداع إلى المسؤولين والموظفين الذين اشتغل إلى جانبهم طيلة ثلاثة عقود ونيّف، طالبا منهم أن يسامحوه إن كان قد صدر منه تصرف غير مناسب تجاههم. يتذكر إدريس النحاس كيف كان يكرس حياته لوظيفته، وللسهر على أدائها على أكمل وجه، قائلا: "داكشي اللي عطيتو للناس اللي فالحبس ما عطيتوش لولادي، كنخدم تال الليل وكنجي للدار مْطحطح"، لكنه لم يندم على كل التعب الذي لاقاه في عمله، ويعبر عن ذلك بقوله "ملي كنتلاقا الناس اللي كانوا فالحبس كيبوسولي راسي". وأضاف النحاس: "كنت لنزلاء المؤسسات السجنية التي اشتغلت فيها مربيا وسندا في السراء والضراء، وكنت أقف إلى جانبهم، ورغم ضغوطات العمل، وما يتطلبه من صرامة، إلا أن الجانب التربوي كان غالبا في التعامل مع النزلاء"، وتابع "المجتمع ينظر إلى عملنا نظرة ناقصة، ولكنه فخر لنا، لأنن مربّون نقوم بإصلاح أفراد من المجتمع جعلتهم ظروف معينة في السجن". من جهتها، قالت حفيظة السموني، موظفة بالسجن المحلي بالقصر الكبير، إن منحها جائزة الموظف المتميز "هو تعبير واعتراف بالمجهودات التي يبذلها العنصر البشري داخل قطاع السجون، على اعتبار أن العنصر البشري هو أساس كل إصلاح وتغيير". وتابعت السموني: "الجائزة التي نلتها هي حافز لي لمزيد من العطاء، ولمزيد من بذل الجهود والتضحية والتفاني في أداء الواجب المهني، انسجاما ومواكبة للتوجهات العامة للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، سواء في شقها المتعلق بالحفاظ على الأمن والنظام والانضباط داخل المؤسسات السجنية، أو في شق الإصلاح الإدماجي المتمثل في تهيئ السجناء للاندماج في المجتمع بعد الإفراج عنهم، بما يعطي للعقوبة السجنية بعدها الردعي والزجري من ناحية، ومن ناحية أخرى بعدها الإصلاحي والتربوي".