تحولت مشاعر الابتهاج، التي سادت بين المحتجين في الخرطوم بانتهاء حكم الرئيس عمر البشير الخميس، بسرعة إلى مشاعر غضب، بعد أن أدركوا أن النظام القديم لا يعتزم الخروج من السلطة. وعلى تويتر، كتبت آلاء صلاح، التي أصبحت أيقونة الحركة الاحتجاجية بعد الفيديو الذي ظهرت فيه وهي تقود الهتافات في إحدى التظاهرات، "لن يحدث التغيير مع خداع نظام البشير برمته للمدنيين السودانيين من خلال انقلاب عسكري". وبدأت مشاعر الابتهاج والحماس في التحول إلى غضب وتحدّ بعد ساعات قليلة من إعلان عوض بن عوف، وزير الدفاع، أن الجيش أطاح بالبشير وأن مجلسا عسكريا انتقاليا سيتولى الحكم لمدة عامين. وتدفق آلاف المواطنين إلى وسط العاصمة الخرطوم، منذ الصباح، وهم يهتفون ويلوحون بالأعلام ويقبلون ويعانقون الجنود ويرقصون فوق العربات المدرعة؛ ولكن الاحتفالات تبخرت بعد إعلان الجيش، وصعّد المحتجون لهجتهم. وبدأ عدد من المتجمعين أمام مقر بالهتاف بأنهم لن يغادروا المكان. وبدأ المحتجون في إعادة نصب الحواجز المؤقتة في العديد من الشوارع المؤدية إلى مقر الجيش والتي تم تفكيكها في وقت سابق من اليوم بعد اعتصام غير مسبوق استمر خمس ليال. كما فرض الجيش حظر تجول ليلياً في أنحاء البلاد، من المقرر أن يبدأ عند نحو العاشرة مساء (20,00 ت غ). ولكن مع بدء هبوط الليل لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحشود ستتفرق تنفيذا لطلب الجيش. وفيما غادر عدد من المحتجين المكان وهم مكتئبون، بعد أن وقفوا لساعات في شمس السودان الحارقة وهم يأملون في رؤية فجر مستقبل جديد، فيما بدأ آخرون في الوصول لأخذ أماكن من تركوا الموقع. "وجهان لعملة واحدة" صرح أحد المحتجين لوكالة فرانس برس: "هذه مهزلة. النظام لم يسقط. هذه إعادة لنفس النظام". وأضاف وهو يلوح بيديه "هذا الرجل (البشير) هو زعيم متعطش للدماء، وهو مطلوب، وهو يجلب لنا نظاما آخر، هذا غير مقبول مطلقا". وفيما بدأ نشطاء في الطلب من المحتجين عدم مغادرة الموقع، على الرغم من الحظر، انتقدت امرأة ترتدي غطاء رأس أحمر أحداث الخميس. وقالت لفرانس برس: "بن غوف والبشير وجهان لعملة واحدة.. ونحن كشباب ومواطنين نرى ما يحدث، الحكومة تتلاعب بنا". ولا يزال العديد من الناس يلوحون بالأعلام السودانية في مشاهد تشبه ما حدث في الجزائر مؤخرا حيث رضخ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ أسابيع واستقال في الثاني من أبريل. وتلاشت أغاني الفرح، التي انتشرت في وقت سابق من النهار. ودان عبد الواحد نور، زعيم حركة تحرير السودان-عبد الواحد التي تقاتل القوات الحكومية في دارفور، ما وصفه ب"انقلاب القصر". وقال، في بيان، إن "ما ورد في الإعلان هو إعادة تدوير للنظام بوجوه جديدة". ويبدو أن العديدين ما زالوا مصممين على البقاء في أماكنهم. ولم يتضح كيف سيرد الجيش، الذي لم يتدخل في الاحتجاجات. وتوعد أحد المحتجين: "لن نسمح بأن يضيع دم إخواننا هدرا. هذه نسخة طبق الأصل عن النظام الحالي". *أ.ف.ب