منعت قوات الأمن، مساء الأربعاء، وقفة لمنظمة العفو الدولية كان من المزمع تنظيمها أمام مبنى البرلمان بالرباط، في إطار أنشطتها الترافعيّة من أجل وقف تطبيق عقوبة الإعدام بالمغرب. وكان من المبرمج تنظيم مشهد مسرحي في الشارع المقابل لمبنى البرلمان بعنوان "العدالة لا تقتل… بل تنتصر للحياة!"، قصد النضال من أجل "مغرب بدون عقوبة إعدام". ولم يستغرب محمد السكتاوي، مدير عام منظمة العفو الدولية بالمغرب، منع نشاط حقوقي لاتّسام هذه المرحلة بالتضييق على حريّة التعبير، وعلى حريّة التجمّع السلمي والصّحافة المستقلّة، مذكّرا بتعبير المنظّمة عن "قلقها أكثر من مرّة من هذا الاتجاه الذي يضرب كثيرا من المكتسبات التي أنجزها المغرب خلال السنوات العشر الماضية وما قبلها، خصوصا بعد تجربة العدالة الانتقالية". وعبّر السكتاوي عن تفاجؤ المنظّمة بقرار المنع، بعد تنظيمها، صباح الأربعاء، ندوة صحافية قدّمت فيها تقريرها السنوي حول عقوبة الإعدام في العالم، ووجّهت فيها خطابا إلى الحكومة قالت فيه: "كفى من ازدواجية الخطاب"، ودعتها إلى ربط الأقوال بالأفعال، لأنه لا يمكن الحديث عن المستوى الدولي بلغة إيجابية، ثم استعمال سياسة أخرى داخل المغرب تضرب حقوق الإنسان. وأضاف السكتاوي أن "هذه الدعوة كأنّها توقّعت أن يحدث ما قيل صباحا في المساء". هذه الوقفة النضالية الحقوقية، حسب تعبير مدير فرع "أمنستي" بالمغرب، أُخْبِرَت السّلطات بها في وقت مناسب، قبل أن تُفاجأ بمجيء عدد من الأجهزة الأمنية إلى مكان الوقفة، وأخبرت الحاضرين بقرار السلطات الممثّلة في الولاية بمنع هذا النشاط. واستغرب السكتاوي وصول التضييق إلى درجة منع منظّمات حقوقية برهنت دائما على احترامها للقانون والتزامها به ودفاعها عنه، بدل أن تُعَلِّمَهم الجهة المانعة "احترام القانون بتوجيه قرار مكتوب في هذا الشأن، حتى إذا اقتضى الأمر يمكن أن تطعن فيه المنظّمة أمام المحاكم الإدارية". كما تأسّف من "تملّص السّلطات من تحمّل مسؤوليتها". وقال السكتاوي للسلطات، التي منعت نشاط منظّمة العفو الدولية أمام مبنى البرلمان، إن "مثل هذه الإجراءات التعسّفية لا يمكن أن تثني المنظّمة عن الاستمرار في القيام بمهامّها، ومتابعة انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب، ورصدها، والترافع بشأنها دوليا ووطنيا، وإنجاز تقاريرها الموازية حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب مهما كانت الظّروف". وتمنّى السكتاوي أن تتوقّف الحكومة عن "هذه السياسة التي تضرّ بصورة المغرب، وتقدّم صورة سلبية عما أُنجز به في الفترة السابقة، خاصة في إطار العدالة الانتقالية، التي كان من أهمّ عناوينها القطع مع الماضي"، بدل إعادة الوضع السابق "مرّة أخرى بصورة كاريكاتورية". وكان من المفترض، حَسَبَ السكتاوي، تنظيم نشاط فني تعبيري يندمج فيه الشباب، وينظّمون لوحات فنية حول عقوبة الإعدام من أجل إلغائها، تندرج في إطار مسرح الشارع الذي هو جزء من التربية على حقوق الإنسان، وتدريب الشباب على التعبير عن آرائهم بطريقة سلمية، قبل أن يصدر "هذا القرار الذي ينطوي على خرق سافر للدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والذي نخشى أن يكون عقابا على مواقف المنظّمة وتقاريرها حول انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب. كما نخشى أن يكون هذا الإجراء من أجل تكميم الأفواه حتى لا يكون هناك احتجاج على ما آلت إليه الأوضاع الحقوقية بالمغرب"، يقول المدير العام لمنظّمة العفو الدولية بالمغرب. وأعاد السكتاوي، صباح الأربعاء، توجيه رسالة إلى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، يدعوه فيها إلى "اعتماد مشروع قانون بشأن إلغاء عقوبة الإعدام في التشريع والممارسة وعرضه على البرلمان المغربي". ووسمت الرسالة ب"الفشلِ" امتناعَ المغرب عن التصويت لصالح القرار السابع للجمعية العامة للأمم المتّحدة، الداعي إلى وقف الدول تنفيذَ عقوبات الإعدام، وتأسّفت من "استمرار الحكومة في السير على طريق الأقلّيّة المسدود". وسجّلت منظّمة العفو الدولية في تقريرها السنوي 10 أحكام إعدام في عام 2018، ووجود 93 شخصا من المعروف أنّهم محكومون بالإعدام إلى حدود نهاية السنة الماضية، كما جدّدت تصنيف المغرب ضمن "الدول التي لا تطبّق عقوبة الإعدام في الواقع الفعلي"، نظرا إلى "عدم إقدامها على إعدام أحد في العشر سنوات الأخيرة، ويُعتقد أن لديها سياسةً أو ممارسة راسخة قوامُها عدم تنفيذ عمليّات الإعدام".