وسط مدينة المحمدية ما زالت العديد من البؤر السوداء تخدش صورة "مدينة الزهور"، وما زالت العديد من الوعود التي أطلقها المسؤولون وطنيا ومحليا تراوح مكانها. كاريان البرادعة واحد من المناطق المبرمجة منذ سنوات ضمن مخطط مدن بدون صفيح؛ غير أن السنين تمر ولا تزال الساكنة تعيش وضعا مأساويا، يسيء إلى المدينة ويؤكد فشل البرامج التي جاءت بها وزارة السكنى والتعمير. على الرغم من هذه الظروف القاسية، فإن ساكنة هذا الكاريان، التي تطالب بالكرامة وحق السكن، تجد نفسها بين الفينة والأخرى ملزمة بالاحتجاج، على غرار احتجاجها الأخير على انقطاع التيار الكهربائي، والذي ترتب عنه اعتقال خمسة شبان، حسب الساكنة. سرقة الكهرباء قبل أيام، وجد سكان كاريان البرادعة، الذين يعيشون وسط مجاري الصرف الصحي وفِي وضع لا إنساني، أنفسهم بدون كهرباء، ليخرجوا في شكل احتجاجي سلمي، تنديدا بقطع التيار الكهربائي. بعد مفاوضات وحوار مع السلطات المحلية والأمنية، عاد المحتجون إلى منازلهم، وبعدها عادت الإنارة إلى منازلهم، عفوا، براريكهم. كان هؤلاء السكان يعتقدون أن الأمر انتهى؛ لكنهم سيفاجؤون ليلا بقدوم مجموعة من العناصر الأمنية، بحثا عن أسماء بعينها من الساكنة. لم يكن البحث يتعلق بمروجي المخدرات أو شبان نفذوا عمليات سرقة أو غيرها، وإنما أشخاص شاركوا في الوقفة الاحتجاجية للمطالبة بالكهرباء، حسب ما أكدته الساكنة. عبد العالي، من ساكنة الكاريان، أكد، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المحتجين لم يكونوا خمسة، وإنما العشرات، والمسيرة كانت سلمية، ولو كانت هناك عملية سرقة للكهرباء لما تم إرجاعه بعد الاحتجاج"، مشددا على أن "الساكنة لا تسرق الكهرباء، وهذه الأسلاك الكهربائية شركة ليدك من قامت بها وليس نحن". من جهته، أكد خليل بن الصغير، قريب أحد المعتقلين وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أن "الساكنة تخرج باستمرار للاحتجاج بعد قطع الكهرباء، وهذه المرة بعد خروجنا وتواصل السلطات معنا، عدنا إلى المنازل، إلا أن السلطات الأمنية حضرت ليلا، واعتقلت فردين وفِي الصباح أوقفت فردين آخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ ضمنهم عمي، الذي لم يكن حاضرا أصلا بالوقفة". وأكد الشاب المذكور أن السلطات تعتقد أنه باعتقالها هؤلاء الأفراد سيتم وقف الحركة الاحتجاجية بكاريان البرادعة، بينما يضيف متحدثنا أن "الحل يكمن في إصلاح الوضع الذي سيجعل الاحتجاج منعدما". عبد الجليل مهاجر، والد أحد الشباب الموقوفين في هذه القضية، أكد الأمر نفسه، لافتا إلى أن احتجاج الساكنة التي تعيش أوضاعا مزرية كان طبيعيا "لا يمكن أن نظل بدون إنارة، الكاريان ليس مثل المدينة وغيرها، الرؤية تنعدم فيه". السلطة أخلفت وعدها أمام هذا الوضع المتردي، وأمام تقاعس السلطات المحلية ومصالح وزارة السكنى في ترحيل الساكنة أو تهيئة المكان نفسه، فإن الساكنة في هذا الكاريان الشهير بمدينة المحمدية تعتبر أن المسؤولين يخلفون الوعود التي تقدموا بها في وقت سابق، بالتالي ترفض تحميلها عواقب فشل هذه المصالح باعتقال أفرادها لاحتجاجهم على انقطاع الكهرباء. وفي هذا الصدد، يقول الفاعل الجمعوي مصطفى بطيوي إن مطالبهم تتمثل أساسا في "التزام السلطات المحلية بالوعود التي سبق لها أن قدمتها للساكنة، والمتمثلة في ترحيل من يرغب في الرحيل أو تهيئة المكان للذين لا يرغبون في ذلك". واعتبر المتحدث نفسه، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "تأخر السلطات في تنفيذ وعودها هو الذي يتسبب في مثل هذه الاحتجاجات ووصولها إلى الاعتقال". وتطالب ساكنة الكاريان بإطلاق سراح المعتقلين الخمسة، الذين سيمثلون أمام المحكمة يوم الخميس، مؤكدة أن هذا الاعتقال ليس من شأنه سوى أن يعمق الأزمة ويدفع إلى مزيد من الاحتقان والاحتجاج. وعبّرت الساكنة عن رفضها "للمقاربة الأمنية في معالجة مشاكلها الاجتماعية"، مطالبة في الوقت نفسه بحقها "في السكن اللائق والعيش الكريم ورفضنا لسياسة التهميش". من جهتها، نددت الكتابة المحلية لحزب النهج الديمقراطي بالمحمدية بهذا الاعتقال الذي طال خمسة من أبناء الدوار، آخرهم شاب سلم نفسه إلى المصالح الأمنية يوم الاثنين، حيث طالبت ب"الاستجابة لمطالب دوار البرادعة وبإطلاق سراح المعتقلين الخمسة".